تحتفل اليوم دولة جنوب السودان بمرور عام على استقلالها بعد انفصالها عن دولة السودان فى التاسع من يوليو 2011 ومن حقها ان تحتفل كما من حق مواطنيها ان يحتفلوا ونحن نشاركهم الفرحة ، الا اننا نعتبره يوما للمراجعة وجرد للحسابات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، فلا شك ان مواطن البلدين أول الخاسرين كما قال لورانس وجيمس والتومة وآخرون هم مواطنون من أصل جنوبى ربطتنا بهم أم درمان لأكثر من «40» عاما ،ولا زالوا بيننا ولم يصوتوا أصلا لا للوحدة ولا الانفصال لانهم غير مقتنعين أصلا بالفكرة ،كما الحال لدى الكثيرين من أبناء السودان بالجنوب سيما فى ولايات بحر الغزال وأعالى النيل ، وكلهم فى انتظار التوقيع على «الحريات الأربع» . لا شك ان انفصال الجنوب كما وصفه كثيرون كان غلطة تتحملها قيادتا البلدين «السودان وجنوب السودان » ويأتى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية على رأس قائمة المسؤولية، فالظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية فى كل من السودان ودولة جنوب السودان ،قد وصلت لمرحلة صعبة ،وأصبح مواطن البلدين الخاسر الأول وقد ورث الفقر والجهل والمرض ، ويقول ل«الصحافة» عبد الرسول النور حاكم سابق لكردفان الكبرى ان آثار الانفصال الاجتماعية هى الأبرز عزلت شعبين عاشا لأكثر من «200» عام معا تصاهرا وتزاوجا وعلاقة دم أزلية، ويضيف النور ان الانفصال كان صدمة كبيرة لمواطنى البلدين شبيهة بحالة الأطفال عند «انفصال الأبوين» ،حيث يصعب على الطفل تحديد مع أى الطرفين يذهب! ويدلل النور بحالة الكثير من القبائل من أم دافوق الى الرصيرص أكثر من «50» قبيلة عربية وأكثر من «20» قبيلة أفريقية تربطهما عمليات تصاهر قوية ويتبادلون المنافع الاقتصادية والمعيشية ويتقاسمون «اللقمة» بينهم ،ويتساءل النور كيف يمكن ان ينفصل هؤلاء ؟ وهل يمكن ان يعيش كل فى بلد الآخر أجنبيا ،ويطالب المسؤولين بالبلدين الاتفاق على ان تتاح الحرية الكاملة لكل من الآخر فى اطار الوطن الواحد وليست الحريات الأربعة فحسب ، ويؤكد النور ان شعب البلدين واحد وسيأتى اليوم الذى يبرهن ذلك كما بين الألمانيتين ،الكوريتين ،اليمنين ،وغيرهما . وطالب مراقبون المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية الحاكمة فى الجنوب من منطلق المسؤولية تلبية طموحات شعبى البلدين دون النظر لطموحات النخب السياسية التى عملت لأجل مصالح قاصرة ولا تأتى بالفائدة لانسان البلدين، ،فالناظر للتداخل السكانى يجد ان «12,93» مليون نسمة من الدولتين منهم «9،35» مليون نسمة فى الشمال بنسبة 33% من جملة السكان فى كل من «جنوب كردفان ،النيل الأزرق ،سنار ،النيل الأبيض ،جنوب دارفور » ،«3،58» مليون نسمة بنسبة 43،3% من جملة السكان فى كل من «الوحدة ،أعالى النيل ،بحر الغزال» ،وكان اتفاق السلام الموقع بأديس أبابا عام 1972، والذي انهى الحرب الأهلية الأولى «1955-1972»، وقد أقر الاتفاق أحكاماً لاجراء استفتاء الدينكا نقوك في أبيي حول انضمامهم جنوبا أو شمالا . واحدة من الروابط العميقة حالات التصاهر والتمازج التى عبر عنها أتيم زكريا حينما قال ل_«الصحافة » فى وقت سابق انا من أبيي ومن دينكا نقوك وهذه الشلوخ التى على رأسى ليست من جنوب السودان بل هى من عادات وتقاليد دينكا نقوك وهم أصلا كانوا يتواجدون حول النيل فى منطقة «كنانة» بالنيل الأبيض على الحدود مع أعالى النيل مابين القرنين السادس عشر والسابع عشر،عبروا بحر كوستى غرب البحر مرورا بمناطق الترتر غرب كاكا الى طروجى وطبانيا فى جبال النوبة ،ثم الى فاريانق مرورا بهجليج الى الرقبة الزرقاء ثم أبيى ،اذا حالات كثيرة بالنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق وجنوب كردفان كثير من القبائل تربطهم تحالفات واتفاقيات كما بين «المسيرية ودينكا نقوك» ، «دينكا فاريانق بولاية الوحدة وقبائل تلودى بجنوب كردفان» وقد وقعوا على وثائق للتعايش السلمى واستمرارالتواصل واحترام الجوار ورعاية المصالح المشتركة ، وحفظ الأمن والاستقرار ونبذ العنف ، مع ضرورة تكثيف الجهود لتوسيع مفهوم الوحدة والاخاء بين القبائل .هذه العلاقة الأزلية بين شعبى البلدين تؤكدها هذه الخريطة التى لا تعرف التقسيم فحوالي «13» مليون نسمة هم من سيصنعون قرار المستقبل في البلدين.