بعد شد وجذب وطول انتظار من المجتمع الدولى اخيراً وافقت الحكومة السودانية على المقترح الثلاثى الذى ضم «الأممالمتحدة والاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية» لتقديم مواد الاغاثة للمتأثرين فى ولاية النيل الازرق وجنوب كردفان، وهو ماوجد ترحيباً حاراً من الأممالمتحدة بهذه الخطوة والتى أكدت على لسان وكيلة الأمين العام للشؤون الانسانية فاليري آموس في رسالة لمندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة السفير دفع الله الحاج علي التزام المنظمة الدولية وشركائها للعمل في تنسيق تام مع حكومة السودان لتقديم المساعدات الانسانية للمتأثرين بالأحداث في الولايتين. وأشارت الى استعداد الممثل المقيم في الخرطوم لبحث طرق تنفيذ الخطة المشتركة والمدى الزمني لتقديم المساعدات، وكان ان اعربت منسقية الشؤون الانسانية بالاممالمتحدة، فى آخر تقاريرها عن قلقها العميق من التقارير الميدانية التي اشارت الى مستويات خطيرة من سوء التغذية وانعدام الامن الغذائي بمناطق جبال النوبة بولاية جنوب كردفان. وقالت ان المنطقة بحاجة الى اتفاق سياسي عاجل عن طريق المفاوضات لايصال المساعدات الانسانية في مناطق النزاع للمتأثرين، الا ان الحكومة أرجأت توقيع المقترح «الثلاثى» المتعلق بتسيير الاغاثة بعد ان دفعت باستفسارات من بينها عدم الاعتراف بالحركة الشعبية بالشمال وطلبت تعديل المقترح الا انها وافقت عليه اخيراً. ثمة اسئلة تتعلق بموافقة الحكومة بعد ان أرجأت الاتفاق الثلاثى طيلة الفترة الماضية، هل تحاول الحكومة بهذه الخطوة ان تتجنب اى دخول فى مشادات واحتكاكات مع الأممالمتحدة والمجتمع الدولى ام ان مخزونها الاستراتيجي لدعم المتأثرين فى الولايتين اصبح لايكفى ما يتطلب الرضوخ للخيارات المطروحة ام انها توصلت الى صيغة مع الاممالمتحدة استجابت لتحفظاتها واذابت مخاوفها فيما يتعلق بأجندة المنظمات الأجنبية، حيث سبق ان اعلنت ضوابط واجراءات لضبط عمل المنظمات الأممية والعالمية لتقديم عملياتها الانسانية بولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق وذلك بعدم سماحها للمنظمات أو الوكالات تقديم مساعداتها مباشرة للمواطنين بل عليها تقديم معيناتها الانسانية للمفوضية أو الهلال الأحمر السودانى فيما يسمح للمنظمات والوكالات الأممية ذات الطابع التنموى والبنى التحتية التعامل مباشرة مع المكاتب الحكومية المختصة. وقال مفوض الشؤون الانسانية بولاية جنوب كردفان هارون محمد عبدالله ل»الصحافة» ان الوضع الانساني يمضي بشكل جيد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بينما لا تتوفر معلومات حول الوضع الانساني في مناطق «هيبان» و»سرف جاموس» و»كرجس» و»ام دورين» و»كاودا»نسبة لوقوعها في مناطق النزاع، ورحب المفوض بالمقترح الثلاثى وتوقع ان يساهم فى استقرار المنطقة وتقديم مساعدات للمتأثرين خاصة وان فصل الخريف يحتاج الى ترتيبات لتوصيل المساعدات الى المتأثرين بالحرب، واوضح عبدالله ان الفترة السابقة شهدت وصول 53 ألف شخص من مناطق تقع تحت سيطرة المتمردين وتم ايواؤهم في مدينة كادوقلي مضيفا ان المفوضية اجرت مسوحات مشتركة مع وكالات الاممالمتحدة في ولاية جنوب كردفان وتستأنف المساعدات وفقا لنتائج المسح لايصال الغذاء للمتأثرين. ومن جانبه ،اوضح مفوض العون الانسانى بولاية النيل الازرق عبدالمنعم عباس الامير ان المنطقة تشهد استقرارا فى جانب العون الانسانى. وقال ل «الصحافة» انهم عمدوا على استقبال الفارين من مناطق الحرب واعادتهم الى قراهم التى تم تأمينها، بالاضافة الى توطين بعضهم فى القرى الآمنة، وأضاف مازلنا نقدم لهم الغذاء والاحتياجات الأساسية، وقال ان تسيير القوافل لم يتوقف وتم تقديم مساعدات لحوالى «12» ألف شخص من العائدين فى منطقة قيلى وبكورى. واضاف ان الوضع الانسانى مطمئن نتيجة لتضافر الجهود والعمل المشترك مع وكالات الأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة «برنامج الغذاء العالمى، والصحة العالمية، واليونسيف» بالاضافة الى الوزارات ذات الصلة بالنيل الازرق. واشار الامير الى ان الولاية تعد العدة لعمليات المسح الانسانى لتقييم حجم الاحتياجات الانسانية ونتوقع فى الفترة القادمة تقديم الدعم الانسانى من خلال لجنة الاسناد التى تم تكوينها للمنطقتين أسوة بما قدمته فى ولاية جنوب كردفان. المحلل السياسى الدكتور حسن الساعورى يقول انه لايمكن تحاشى المنظمات الدولية واجندتها ولكن هذا لا يعفى من التعامل معها، وارجع قبول الحكومة بالمبادرة الثلاثية الى عدم رغبتها فى الدخول فى تجاذبات جديدة مع المنظمات الأممية والمجتمع الدولى، الا انه عد السبب الرئيس لموافقة الحكومة بالمبادرة الثلاثية ارهاصات لقاء الرئيسين البشير وسلفاكير فى اديس ابابا اثناء انعقاد القمة الأفريقية الذي تحقق فعلا. وقال الساعورى ل «الصحافة» ان هذا اللقاء فتح باب التفاهمات امام قضايا عديدة من بينها قضية المساعدات الانسانية فى النيل الأزرق وجنوب كردفان. واوضح الساعورى ان ماتم من لقاء بين البشير وسلفاكير لم يتم بمحض الصدفة ولايوجد اى لقاء بين قادة الدول يتم من غير ترتيب مسبق، واضاف واضح انه تم الاتفاق على عدد من النقاط والقضايا الخلافية بين الدولتين وان لم يعلن عنها بصورة مباشرة حتى الان الا ان نتائجها بدأت تظهر ومن بينها القبول بالمقترح الثلاثى الذى يضم الأممالمتحدة والاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية وبقية مكاسب اللقاء ستسفر عنها الأيام القادمة. وأشار الساعورى الى تصريحات وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين فى مفاوضات اديس ابابا السابقة والتى كشف فيها توصل البلدين الى تفاهمات واتفاقيات استراتيجية، قال الساعورى ان من بينها الأوضاع فى النيل الأزرق وجنوب كردفان، وارجع الساعورى تعتيم مخرجات لقاء البشير وسلفا والذى اسفر عنه موافقة الحكومة بالمقترح الثلاثى على حسب رأيه الى ان احد بنود الاتفاق قد تكون محرجة لأحد الأطراف وتحتاج الى وقت حتى يتم التعريف بها واقناع الرأي العام بما تم التوصل اليه، وقطع المحلل السياسى ان لقاء الرئيسين البشير وسلفاكير امتدت تأثيراته على مجمل الملفات التى تربط بين السودان ودولة جنوب السودان.