للمرة الثانية خلال «3» اسابيع عاد الامين السياسي بالمؤتمر الوطني حسبو محمد عبد الرحمن ليعلن عن استمرار الحوار مع حزب الامة القومي حول الثوابت الوطنية، وهو الامر الذي نفته قيادات الحزب في المرة الاولى في تصريحات عبر هذه الصحيفة، بشدة مشيرة الى ان الامر لم يخرج عن ترويج الامة لمبادرته للسلام في البلاد بين كل القوى السياسية، غير ان السيد حسبو جدد امس هذا الاعلان عن الحوار بين الطرفين، ولم يستبعد ان يلتقي المهدي والبشير في اطاره كما حدث في السابق. وهو الامر الذي يطرح تساؤلات حول خلفيات هذا الحوار واطاره بخاصة وان توقيت اعلانه من قبل المؤتمر الوطني في السابق وبالامس يحمل اشارات لا تخطئ طريقها الى جماهير الحزب و الشارع السياسي. وهي الاشارات التي اقلقت علي ما يبدو نائب رئيس الحزب اللواء « م» فضل الله برمة ناصر، فأصر اولا على التأكيد على عدم حدوث تطورات في موقف المؤتمر الوطني من مبادرة الحزب للسلام في البلاد، معلقا على تصريحات الامين السياسي للحزب الحاكم قائلا « انهم يتكلمون ولا يفعلون شيئا، هذا مجرد كلام». واكد نائب رئيس حزب الامة ان حزبه يؤمن بمبدأ الحوار ويعده المخرج الوحيد للبلاد من وهدتها، وفي سبيل ذلك اطلق مبادرته للسلام وخاطب كل الحركات والقوى السياسية، بمن فيها الحزب الحاكم لانه الطرف الرئيس في المشكلة، وتابع : الامر لا ينطوي على حوار ثنائي او خاص، لكن ان يقبل المؤتمر الوطني اخيرا « الحوار» مع الجميع كمخرج سلمي للأزمة فلما لا، لان هذا مبدأ حزب الامة. واشار اللواء» م» فضل الله ناصر الى ادراك حزب الامة للمخاطر المترتبة على انتهاء امد المدة التي منحها مجلس الامن للسودان للايفاء بالتزامات القرار « 2046»، ويقول نائب رئيس حزب الامة ان الحكومة مواجهة بحلول الثاني من اغسطس بخطر الوقوع في براثن الصدام مع المجتمع الدولي، مما يترك امامها وامام السودان الان خيارين الاول هو الجلوس مع الاطراف المختلفة على مائدة وطنية لحل الخلافات، والثاني تحمل البلاد كلها عواقب لا يمكن تصورها نتيجة للتعنت وعدم تنفيذ متطلبات ذلك القرار. ويمثل اعلان المؤتمر الوطني عن استمرار الحوار مع حزب الامة القومي في ظل الاوضاع الراهنة في السودان، مدخلا لاعادة انتاج الخلافات بين قوى التحالف المعارض الاخرى والحزب الكبير، بخاصة وان الاعلان عن لقاء مرتقب بين المهدي والبشير، يوحي بان ذلك الحوار قد وصل شوطه الاخير. ولان ذلك الاعلان احدث ردود افعال غير مرحبة في اوساط المعارضة رفضت اغلب قيادات التحالف التعليق على النبأ، ولكن قياديا رفيعا في هيئة قوى الاجماع الوطني قال ل» الصحافة» امس ان حزب الامة يشارك بفاعلية في انشطة المعارضة السياسية، ملمحا الى جهوده في خروج وثيقتي البديل الديمقراطي و الاعلان الدستوري المقترحتين لادارة البلاد في الفترة الانتقالية الى النور، وقلل القيادي المعارض من اعلان الحزب الحاكم عن استمرار حواره مع « الامة»، مؤكدا على ان جميع القوى السياسية تساند مبادرة الحزب لاقرار السلام وايقاف الحروب في انحاء البلاد، لكن تجاربها مع الحزب الحاكم على صعيد الحوار من اجل قضايا الوطن، كانت دائما ما تصطدم برغبته الجارفة في الانفراد بالرأي والقرار والحكم، ويتابع القيادي المعارض : ان وافق المؤتمر الوطني على المبادرة وتقبل الجلوس مع الاخرين، ستكون كبرى المفاجآت!. لكن المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر يتعامل مع تصريحات حسبو محمد عبدالرحمن بشكل مختلف، فخاطر لا يستبعد ان يكون الحزب الحاكم قد ادرك، بعد طول تمعن وتفحص، الحاجة الماسة للتوجه لقبول مبادرة حزب الامة القومي، والتعاطي بمسؤولية مع اشراك بقية الاطراف المختلفة في الساحة السياسية في ايجاد مخرج آمن للبلاد من أزمتها، بعد ان ظل الفاعل الوحيد طيلة الاعوام الماضية، ويري عبدالله ادم خاطر ان هنالك ظروفا جديدة تستدعي الحزب الحاكم الحوار والتفاوض من اجل السودان مع الجميع، على ان يتم ذلك في اطار من الانفتاح والتحلي بالديمقراطية. واشار المحلل السياسي الى ان المؤتمر الوطني ظل خلال المراحل الماضية يقتات على مبادرات الاخرين، ولا يخرج لطرح مبادرة في اطار المعالجات الشاملة للوضع تتسم بخصوصيته، كحزب حاكم لاكثر من عقدين، وهو ما يجعل من فرص استجابته لمبادرة حزب الامة كبيرة، ويضيف خاطر : وهي المسألة التى تستدعي من المؤتمر الوطني سرعة التحرك والتفاعل مع الطروحات السياسية من الجماعة الوطنية، فلا مخرج مما نحن فيه خير من الحوار والاقتراب من الاخرين. ويبقي ان نائب رئيس الحزب قد عاد ، واكد بالامس ل» الصحافة» على ان حزبه على التزامه الكامل بالاجندة الانية المتفق عليها بين القوى المعارضة، مشددا على تمسك الحزب بموقفه المعلن في الايام الماضية، ومشيرا الى التفاف قواعده حول قيادته، ثم مضى اللواء «م» فضل الله ناصر الى التأكيد على مواقف الحزب المعلنة من كيفية معالجة قضايا الوطن عبر ما طرحه من مبادرة.