لسنا بصدد الحديث عن العلاقات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر عقب ثورات الربيع العربي وذهاب نظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك الي غير رجعة . ذلك لأن مياها كثيرة قد جرت تحت الجسر منذ اندلاع الثورة في مصر في يناير من العام 2010م وموقف الولاياتالمتحدة الواضح والمؤيد للتغيير والديمقراطية في المنطقة وهو امتداد للخطاب الشهير الذي القاه الرئيس الأمريكي بارك أوباما في جامعة القاهرة خلال زيارته الشهيرة لمنطقة الشرق الأوسط خلال العام 2009م والذي دعا فيه القادة العرب لقبول فكرة التغيير والديمقراطية من أين جاءت وكيف جاءت طالما عبرت عن ارادة الشعوب . وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية غير مستعدة لفرض حاكم علي شعبه تحت اي مبرر من المبررات ولو كان ذلك الحاكم من حلفاء أمريكا وأعوانها في المنطقة .ومن غير شك فان فوز الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ممثلا لحزب العدالة والحرية المنبثق عن جماعة الأخوان المسلمين بالانتخابات المصرية في جولة الاعادة أمام منافسه المرشح المستقل الفريق أحمد شفيق والمحسوب علي نظام الحزب الوطني المباد قد وضع العلاقات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر علي المحك وأصبحت جماعة الأخوان المسلمين التي كانت تعرف في العهد السابق « بالمحظورة » وجها لوجه مع السياسة الأمريكية بصورة شبه يومية وأكثر تعقيدا وذلك لتشابك الملفات وتعددها وتعقدها في العلاقات بين البلدين علي كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاقليمية ومن ذلك الاقتصاد المصري الذي يعتمد علي المعونات الخارجية وعلي دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية دعما مباشرا بما فيه الخبز وميزانية الأمن والدفاع ومكافحة الارهاب . ومهما بلغت الملفات الداخلية درجة من التعقيد والحساسية فانها لن تكون في حساسية ملف السلام مع اسرائيل واتفاقية كامب ديفيد التي جري توقيعها في العام 1978م بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس وزراء اسرائيل الأسبق مناحيم بيغن وفق ضمانات ورعاية من الولاياتالمتحدةالامريكية وبموجب تلك الاتفاقية انسحبت اسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية التي قامت باحتلالها في حرب حزيران يونيو عام 1967م وبقيت القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي المحتلة في فلسطين هو المشكلة والتحدي الذي يواجه العلاقات بين الجانبين الأمريكي والمصري بقيادة جماعة الأخوان والرئيس مرسي وبالنظر للتحولات الكبيرة التي حدثت في المنطقة خلال الحقب السياسية المنصرمة فان العلاقات بين مصر واسرائيل ليست مرشحة للانتقال للمواجهات العسكرية كما كان يحدث في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات حيث كانت مصر تحارب اسرائيل نيابة عن الأمة العربية وعن أبناء الشعب الفلسطيني الذين كانوا يحملون السلاح والسلاح فقط ضد اسرائيل أما اليوم فهناك السلطة الفلسطينية وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والسلطة نفسها في اتفاق مع اسرائيل هو اتفاق أوسلو والوضع في قطاع غزة يختلف بعد أن انسحبت اسرائيل من القطاع كليا وتسيطر عليه الحكومة الفلسطينية وهذه الحكومة التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية « حماس » لا تريد من الوضع الجديد في مصر أكثر من فتح معبر رفح أمام الفلسطيينين للدخول الي مصر علي مدار الساعة جيئة وذهابا حسب ما معلن من جانبها ، وفك الخناق عن القطاع وهذه دعوة عالمية وانسانية تدعو لها منظمات حقوق الانسان والدول والشعوب المحبة للسلام قاطبة . ولم تعد القضية الفلسطينية حكرا علي مصر ولا دول المواجهة والصمود كما كان في الماضي ولكنها صارت قضية العرب جميعا فهناك المبادرة العربية المقدمة من المملكة العربية السعودية باسم جامعة الدول العربية ولم يتغير الموقف العربي تجاه اسرائيل كثيرا حتي بعد ثورات الربيع العربي ولن يكون الموقف المصري بمعزل عن الموقف العربي الداعي لاقامة الدولة الفلسطينية علي أراضي عام 1967م وهذا ما اكد عليه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في لقائه مع وزيرة الخارجية الأمريكية هنري كلنتون مؤخرا واقامة الدولة الفلسطينية أيضا رغبة أمريكية وجزء لا يتجزأ من السياسة الحالية للرئيس أوباما والذي يواجه رفض فكرة الدولة الفلسطينية من حركة حماس التي تدعو لتحرير كافة التراب الفلسطيني من دنس الاحتلال بينما السلطة الفلسطينية لا تمانع في اقامة الدولة الفلسطينية جنبا الي جنب مع اسرائيل ومن غير المستبعد أن تطلب الولاياتالمتحدة من الحكومة المصرية الجديدة الضغط علي حركة حماس لقبول فكرة الدولة الفلسطينية علي الطريقة الأمريكية والعربية والمصرية وقفل ملف الشرق الأوسط عندهذا الحد . وبالعودة الي الشأن المصري الداخلي فان المثير فيه هو وضع غير المسلمين والأقباط علي وجه التحديد في دولة تقودها جماعة الأخوان المسلمين ولم تكن تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هنري كلنتون بأنها قد تلقت تعهدات من الرئيس المصري محمد مرسي بأن يكون رئيسا لكل المصريين بعيدة عن موضوع الأقباط في مصر وقد أكد الرئيس الجديد في مصر أنه يحترم كل المصريين مسلمين ومسيحيين وأن مصر هي كل هذه المكونات ولكي تكسب مصر صديقا لدودا لها في المنطقة وهم الاسلاميون لابد ان تطمئن حلفاءها السابقين والرأي العام الناظر لهذه العلاقة بقدر من الشك والريبة بأن حقوق هذه الأقليات والجماعات تحرسها العناية الأمريكية التي لن تدع الأخوان وغيرهم يفعلون ما يشاءون حتي لو جاءوا للسلطة عبر صناديق الاقتراح ومن خلال انتخابات حرة ونزيهة . وليس هناك من خيار أمام الرئيس محمد مرسي غير العمل علي اقامة الدولة المدنية في مصر وليست الدولة الدينية لأن الاسلام لا يعرف الدولة الدينية ولكنه يعرف الدولة المدنية التي تقيم العدل بين الناس وتبسط الحرية والديمقراطية وفي هذه الدولة لابد من المحافظة علي مصالح الشعب المصري وعلاقاته مع كافة الشعوب وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية والشعوب الأوربية وهي علاقات قديمة من قبل محمد علي باشا ومن خلال انفتاح المصريين علي هذه الشعوب تمكنوا من تحصيل المعرفة الانسانية وقيادة الأمة العربية والاسلامية في احلك الظروف . Elkbashofe @gmail . com