كانت الاستاذة سمية المستشارة الاعلامية بسفارتنا بالمانيا تحدثني عبر الهاتف بشيء من الاعجاب عن مشاركة الموسيقار حافظ عبد الرحمن ببرلين ،وقالت ان مشاركة حافظ وجدت اهتماما كبيرا من الألمان لأن (الفلوت) من الآلات الموسيقية التي تحظى باهتمام الأوربيين فضلاً عن تميز حافظ في العزف عليها. وأضافت سمية أن وزير الخارجية علي كرتي وجهها بأن تهتم بالعمل الثقافي لأنه أفضل وسيلة للتواصل الدبلوماسي في أوربا. بالتأكيد أن السيد وزير الخارجية يتحدث عن تجربة وقد كنت شاهداً على رحلة ثقافية كاملة الدسم قادها الأستاذ علي كرتي الى فيينا قبل عامين وهي أسبوع السودان الثقافي الذي نظم هناك ورعته وزارة الخارجية وسفارة السودان في النمسا وشارك فيه الفنان التشكيلي العالمي الدكتور راشد دياب بمعرض وجد الاهتمام من كل الزوار الأجانب الذين كانوا من مختلف الدول الأوربية وزاروا المعرض المتميز بدار الأوبك في فيينا وحكى المعرض الثراء الثقافي في السودان عبر لوحات دياب المتميزة وكانت مشاركة الموسيقار حافظ عبد الرحمن في حفل موسيقى رائع بدار الأوبك ومازلت أذكر انفعال الحضور بموسيقى حافظ عبد الرحمن ومعظمهم من الأجانب. وفي هذه الرحلة تعرفت على الأستاذ علي كرتي عن قرب وهو يتمتع بدينماكية في العمل وحيوية وقدرة عالية على التواصل وأيضاً لدينا في النمسا سفارة محترمة يقودها السفير المهذب محمود حسين والشاب المتميز القنصل كردفاني وجالية سودانية نوعية. وكان لي شرف المشاركة مع الفنان العالمي راشد دياب في دول أخرى مثل جنوب افريقيا وسفارتنا هناك يقودها السفير المتميز الدكتور علي يوسف. وشاركت أيضاً في فعاليات أخرى في العاصمة السعودية الرياض. ومن خلال هذه التجارب وغيرها من المشاركات الخارجية مثل مشاركتي في مهرجان الأوبرا بالقاهرة لأكثر من ثلاث دورات ومهرجان جرش بالأردن ومهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة وفعاليات باثيوبيا أستطيع أن أقول ان الدبلوماسية السودانية في الفترة القادمة يجب أن تركز في خطتها للتواصل الدبلوماسي على الثقافة وتحديداً على التشكيل والموسيقى وأرجو من السيد الوزير علي كرتي أن يتولى هذا الملف بنفسه واقترح تنظيم فعاليات تشكيلية وموسيقية أخرى في أوربا وتكرار التجارب التي قامت في النمسا والمانيا وايطاليا لخلق التأثير المطلوب ويجب الاهتمام بعكس هذه التجارب في الاعلام وما نقص مشاركات الموسيقار المبدع حافظ الأخيرة في المانيا الا عدم المشاركة الصحفية والاعلامية التي اعتقد أنها كانت تضيف له الكثير وأذكر أن الصديق راشد دياب قال لي لقد طفت العالم كله ولكن مشاركاتي الأخيرة كان تأثيرها أقوى لأنها كانت مصاحبة بصحافيين واعلاميين، ويضيف دياب أعتقد أن أي مشاركة بلا صحافة ولا اعلام تضييع للوقت. والغرب لا ينظر للعمل الثقافي باعتباره عملا ثقافيا والسلام بل ينظر للعمل الثقافي باعتباره احتراما للحريات ولهذا خلف قرار دمج وزارة الثقافة مع وزارة الاعلام أثارا سلبية باعتبار أنه تراجع عن الحريات ولهذا من الذكاء أن تركز وزارة الخارجية في تواصلها مع الغرب على الثقافة وهي أهم من الدبلوماسية التقليدية التي لم يعد لها مكان في عالم اليوم. ومن النصائح التي يجب أن يوجهها كرتي لسفراء السودان خارج الحدود هي ضرورة التواصل الاعلامي مع المجتمع وعدم الانغلاق وهذه من تجليات الدبلوماسية الحديثة ، وعدد كبير من السفراء الغربيين في الدول العربية أصبحوا يكتبون مدونات على الانترنت ومقالات في الصحف ويتواصلون مع الصحافة بلا خوف ولا وجل. ان الدبلوماسية المحنطة المسكينة لم يعد لها مكان في عالم اليوم ويجب تفعيل ادارات الثقافة والاعلام بوزارة الخارجية وتوفير الامكانيات لها ومن حسن الحظ أن وزارة الخارجية بها ناطق رسمي اعلامي مؤهل ومقتدر وهو السفير العبيد أحمد مروح. ان ملف الاعلام والثقافة يجب أن يستخدم بمهارة في خلق التواصل الدبلوماسي، واذا توفرت خطة واضحة ورؤية ثاقبة وامكانيات مادية وبشرية لهذا الملف أجزم أنه سيوفر على وزارة الخارجية كثيرا من الجهد والوقت ويشكل قيمة مضافة لها لأن الثقافة أصبحت أقصر الطرق للدبلوماسية الناجحة. ويجب تفعيل الملحقيات الثقافية والاعلاميين في سفاراتنا بالخارج وخلق تواصل مباشر بينها ووزارة الخارجية وتوفير الميزانيات لها لتنظيم الفعاليات الثقافية واذا لم تسمح ميزانيات وزارة الخارجية بذلك أعتقد أن كثيرا من الشركات الخاصة يمكن أن تساهم في ذلك. ان تحسين صورة السودان في العالم يحتاج الى جهد كبير من وزارة الخارجية وهذا ملف حيوي ومهم وضروري وأرجو أن يجد الاهتمام والرعاية من السيد وزير الخارجية وأركان حربه في الوزارة.