نهار أمس كان يمضي ببطء وملل غير عادي، رغم الاجواء الممطرة دون انقطاع هنا باثيوبيا، فمفاوضات السودان وجنوب السودان المستمرة في اقليم بحر دار لازالت مخاوف الانهيار تعتريها بعد اتهامات دولة جنوب السودان للسودان وتعليقه للتفاوض المباشر. لكن قبل ساعة من موعد الافطار، ارسل مكتب الرئيس امبيكي رسالة علي البريد الالكتروني، تشير الي جلوسه للطرفين بعد استلامه لشكوى من رئيس الفريق المفاوض لجنوب السودان، ولفت البيان الي ان الوساطة جلست الي رئيس اللجنة العسكرية السياسية المشتركة جانب السودان الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين الذي نفي ان تكون القوات السودانية قامت باعتداء على دولة الجنوب واكد انهم كان يتتبعون قوات العدل والمساواة، واكد بيان الوساطة علي انهم ابلغوا الطرفين بالقيام بالتقصي واثبات الحقائق، ونقلت مصادر مقربة من الاجتماعات ان الوفود ستعود اليوم الي أديس أبابا بعد عشرة ايام من المباحثات المستمرة في اقليم بحر دار وقبل يوم من اقتراب مباحثاتهما من الانهيار. لكن هل تحمل عودة الفريقين الي العاصمة مفاتيح حل لملفاتهما العالقة قبل انتهاء المهلة؟ يري مراقبون ان عدم ترتيب اولويات الملفات بالنسبة لكل جانب تقف حجر عثرة امام التقدم، فالطرفان رغم تفاؤلهما مطلع الاسبوع الماضي عقب لقاء الرئيسين البشير وسلفاكير عادت امس الاول لتبادل الاتهامات ونفيها وقال الناطق الرسمي باسم وفد الجنوب عاطف كير ان روح القمة الرئاسية تم قتلها داخل الغرف في اشارة منه لتباعد المواقف، في الجانب الاخر شددت الخرطوم عبر السفير عمر دهب علي استعدادها لمواصلة التفاوض والوصول الي نتائج ايجابية. مراقبون يشيرون الى ان اقتراب مهلة مجلس الامن تضع الطرفين الان في مأزق ، فالخرطوم لازالت تتمسك بملف الامن كاولوية تفاوضية بجانب رغبة جوبا في حسم قضيتي ابيي والنفط كملف واحد، ويقول نائب الرئيس السوداني الحاج ادم في حوار بصحيفة"اخر لحظة" ان الخرطوم لن تفتح خط النفط الا بعد التوصل الي اتفاقات شاملة، في المقابل نقل موقع سودان تربيون عن مسؤول ملف ابيي بالجنوب لوكا بيونق ان استفتاء ابيي سيتم اجراؤه وهو ملف يعتبره الكثيرون باب حل للعديد من ملفات الدولتين الا ان واقع الحال يقول ان الطرفين عليهما توجيه النظر صوب اقتصادهما المنهار، فالمبعوث الامريكي الخاص برنستو ليمان طالب جوبا صراحة بعقد اتفاق نفطي لانقاذ اقتصادها، في المقابل مؤشرات التضخم في الخرطوم قفزت الي الضعف في شهر واحد حيث سجلت 37,2% لهذا الشهر مع تنامي السخط الشعبي الرافض لسياسات التقشف الحكومي التي لم تجلب غير استعار الاسعار. امس افلحت الوساطة في جمع الطرفين بعد اعلان دولة جنوب السودان وقفها للتفاوض المباشر بسبب اعتداءات اتهمت الخرطوم بارتكابها داخل اراضيها، علي الرغم من تمسك الجنوب بعدم الانخراط في اجتماعات بعيداً عن الوساطة، ويمكن الآن لفريق الرئيس ثابو امبيكي اخذ وقت من الراحة بعد ليلة بكل المقاييس كانت طويلة ومرهقة امضاها الفريق في السعي بين صفا الشمال ومروة الجنوب، اخبرنا احد اعضاء الوفد الحكومي ان اجتماعهم مع الوساطة انفض عند شروق شمس يوم امس، فالحديث عن قصف جوي يعني الكثير هنا، ان كنتم تجهلون معني قطع التفاوض بسبب الاعتداءات الحدودية عليكم العودة الي مفاوضات مارس المنصرم، فانزلاق الدولتين الي المواجهات كانت بسبب ذات الاتهامات، لكن ربما ما يعلمه الطرفان من مواقف رافضة الي اي تصعيد هو ما دفع بالجميع لكشف الحقائق، فالخرطوم سارعت لنفي الاتهامات واكدت استعدادها لمواصلة التفاوض هذا ما صرح به المتحدث باسم الوفد عمر دهب من داخل مقر المفاوضات وبعده خرج الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد في الخرطوم نافيا قيام القوات المسلحة باعمال حربية داخل حدود الجنوب، وكان وزير الدفاع الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين ابلغ الرئيس امبيكي بان العمليات هي محض تعقب لقوات العدل والمساواة الهاربة، في المقابل قال الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الجنوبي فليب اقوير ان القصف تم داخل ولاية بحر الغزال وان لم يتم بث صور كما كان يجري في المرات السابقة وفي مثل هذه الاحوال. اذاً عودة المفاوضين اليوم الي اديس ابابا تعني الكثير خصوصا مع وجود ارهاصات بلقاء الرئيسين في بحر هذا الاسبوع، والمتوقع ما ان يصل الوفدان انهما سينخرطان في اجتماعات لبحث ملفاتهما الخلافية التي لن تكون كما اشتهت الوساطة وقبلها المراقبون، فعثرات الايام الاولي هاهي تأتي مرة اخري عند المنعطف الاخير وقبل ساعات من تقديم امبيكي تقريره لمجلس الامن في الخامس والعشرين من هذا الشهر.