لم يتركوا لى ما أقول فكل ذي قولة قالها وكل ذي ميلة مالها. أحدثت «الأحداث» زلزالها وقالت كلمتها ومضت ،الحكم عليها او لها متروك للتاريخ حين يكتب تاريخا صحيحا للوطن ولصحافته. لست بصدد بكائيات ولا بصدد مناقشة الأسباب ولا التطرق لأزمة الصحافة السودانية فلقد فاضت الصحف والأسافير والفضائيات بما يكفى وليس من الحكمة اهدار المزيد من الوقت واضاعة زمن القارئ الذى أتخمناه بمشاكلنا وكأنه بدون مشاكل..،القارئ الذى كان يبحث عن خيط ضوء فى الصحافة إذ به يجد مسرحها مظلماً تدوى انهياراته وتتناثر شظاياه فى الفضاء. صحافة مأزومة فأنى لها أن تبصر مخرجا لأزمة الوطن؟. عبر هذا النقش لي بوح خاص أهمس فيه فى اذان ثلاث جهات: الاحداثيين الذى صبروا على ابتلاء «الأحداث» رهقا ونقصا فى المرتبات والحقوق.كابدوا شقا الدنيا وضحوا كثيرا فصمدت خمس سنوات بفضل تفانيهم ومقدرتهم على الابداع فى ظل ظروف بالغة السوء.هؤلاء الاحداثيون جاءوا لعالم الصحافة فى زمن صعب وخاضوا تجربة قاسية تعلموا فيها الكثير وغادروها وهم اكثر ثقة بالله وبأنفسهم.سيكون لأغلبهم شأن فى عالم الصحافة سيكونون قريبا نجوما فى سمائها لانهم عملوا بجدية وحب لمهنتهم فوهبتهم أسرارها وهاهم الان ينسربون فى الصحف كما ينسرب عطر الياسمين فى جسد الزهر.لهم خالص محبتى وشكرى وتقديرى. كُتاب «الاحداث» الرائعين الذى ماتوقف عطاءهم لحظة رغم كل شئ ظلوا يثرون صفحاتها بفكرهم وعطائهم طيلة خمس سنوات زينوا صفحاتها بأقلامهم.،كُتاب «الأحداث» الذين لايتقاضون أي مكافآت كانوا الأكثر احتجاجا على احتجابها على الصدور.كل ما أتمناه ان يواصلوا عطاءهم فى المنابر المحترمة فلايتوقفون عن نثر أفكارهم فى ساحة صحفية تعانى فقرا مدقعا فى الأفكار والرؤى الجديدة. قراء «الأحداث» الذين خاضوا معها تجربة عمرها منذ انطلاقتها مجانا الى تقلبها فى الاسعار والأقدار حتى دقت ساعة رحيلها.هؤلاء القراء هم الذين منحوها طاقة بقائها لاطول مدة على قيدة الحياة وهم الذين سجلوا كلماتهم المضيئة فى دفتر الرحيل على صفحات الصحف والأسافير وفى الفضاء مباشرة.لهم التحايا الطيبات الزاكيات. ويسألونك عن مستقبل الصحافة للذكرى فقط اعيد نشر جزء من كلمة كتبتها قبل إغلاق «الأحداث» بأيام ولم يلتفت لها أحد ، أهديها للذين لايزالون يسألوننى لماذا اغلقت «الاحداث»، .«لماذا يكررون علينا السؤال حول مستقبل الصحافة؟. شاركت فى عشرات الندوات وكتبت عشرات المقالات واخر كلمة قالها استاذنا محجوب محمد صالح«هذا أسوأ وضع للصحافة منذ ستين عاما».المدهش انه رغم كل الافادات والنعى الصريح المنشور يوميا فى مقالات الكتاب ورؤساء التحرير الا أن سيل الاسئلة لايتوقف.مايحيرنى أنه لا القراء ولا القنوات الفضائية تمل تكرار هذا السؤال على الرغم من أن الاجابة عليه متشابهة.لقد كرهت هذا السؤال والاجابة عليه، نشيع يوميا جثة صحيفة ولايزالون يسألونك عن المستقبل وكأن للموتى مستقبل. رفعت الأقلام وجفت الصحف!!». لقراء الصحافة قبل أن أتسلم رئاسة تحرير جريدة «الصحافة» فى العام 2003 ذهبت لأستاذنا عبد الرحمن مختار - على قبره شابيب الرحمة - وقلت له انصحنى فقال لى « يابنى لاتجعل الصحافة متل الكسرة بالموية لاتغلط عليك ولا توسخ يديك».كلما مررت بالصحافة او بقربها تذكرت هذه النصيحة ولكنى لا اعرف ما اذا كنت قد عملت بها ام لا وهل بالامكان اتباع تلك النصيحة فى هذا الزمان؟.،أعزائى قراء« الصحافة» ها قد عدت اليكم بعد طول نجوع وبشوق حقيقى لقراء تربيت بينهم وأشعر الآن بسعادة غامرة وأنا أعود اليهم.،كل ما أتمناه أن أكون خفيفا عليهم مفيدا لهم لأكون بمستوى «الصحافة»، خمسون عاما فى خدمة المهنة والوطن.