٭ المسيرية والرزيقات وما أدراك ما الرزيقات والمسيرية، كلمات متصاحبة كما يقول أهل اللغة، كالليل والنهار، والشمس والقمر والهلال والمريخ، والاتحادي الديمقراطي وحزب الامة، فقد اعتدنا كلما اقترب رمضان نسمع ان الصحف كتبت بالمانشيت العريض معارك بين الرزيقات والمسيرية ادت الى مقتل كذا وجرح كذا مما جعل القراء يعتقدون ان القبيلتين بقضهما وقضيضهما شيوخها وشبابها قاموا ( قومة) رجل واحد ضد بعضهما البعض، لو كان القول في الصحف ذكر بعض شرائح المسيرية أو الرزيقات او بطون داخل القبيلتين اقتتلت لكان الامر أهون، إلا ان التعميم شيء مخل للغاية من الناحية الصدقية، ومن ناحية درء الفتنة، ولا ادري ماذا تستفيد الصحيفة بهذا التعميم والمانشيت الطويل العريض وفي الصفحة الاولى، نحن لا نعترض اذا كان الامر صحيحاً، فطرح المعلومة الصحيحة هو معيار للحل الصحيح للقضية، ولكن الواقع يخالف ذلك. الصحيح انه لم تقم حرب بين المسيرية والرزيقات مطلقاً، ولن تقم ابداً بإذن الله، فالذي حصل ان هناك احتكاكات بدأت منذ الثمانينيات بين أفخاذ من بطون من القبيلتين، ولكنها هدأت وعادت وزاولت نشاطها في نهاية القرن الماضي وكانت للاسباب الآتية: ان تدهور الادارة الاهلية بعد حلها عام 07م وعودتها بطريقة منقوصة، افقدها هيبتها، كانت الادارة الاهلية اقوى رادع لمن ينعق بالفتنة، واهل الفتنة في القبائل معروفون، فرجل الادارة الاهلية يتابعهم الحجل بالرجل لا يغفل ولا تنام عينه حتى يردعهم قبل ان يفتكوا بالناس، وهكذا اللصوص، فضعف الادارات الاهلية هو الذي قوى شوكة المتربصين بالقبائل. 2/ بعد وقوع الحوادث تنتهي بمؤتمرات المصالحات وهذه المصالحات يجب ان تكون الدولة هى الراعية لها والمنفذة أيضاً بالادوات اللازمة كالاوامر الولائية، والمتابعة لامر الادارة الاهلية ولكن للاسف فإن الحكومة غائبة تماماً وسوف اعلق على هذا الامر في خضم هذا المقال. 3/ ان هذه المواقع التي وقعت فيها الاحداث هى مناطق حدودية بين غرب كردفان وشرق دارفور، ولما لم توجد فيها خدمات اصبحت منطقة طاردة للحياة، وحال ان تمر بها البادية لاوقات قصيرة في فترة الخريف من الجانبين تقع التحرشات لاسباب كثيرة منها ان الديات لم تدفع لذوي القتلى فيحس المرء بالغبن والإهانة فتندلع المشكلة لاتفه الاسباب، وكل هذه الفتن تقع بسبب ان الحكومة لم تقم بدورها ابداً في متابعة بنود الاتفاقات. 4/ عدم وجود الخدمات بتاتاً، وهذه لها اسبابها، وقلنا ان هذه المنطقة التي تقع فيها المشاكل حدودية، ويبدو ان معالم الحدود لم تكن واضحة، لذلك فإن مسؤولي كلا الولايتين ينأون عنها بعيداً، كل يعتقد انها ربما لا تتبع له، فإضافة لعدم تقديم الخدمات، فإن الاحداث اذا وقعت فإن الجهات الامنية والعسكرية تتباطأ في التحرك والمبادرة لحسم الامر، هل تصدقون أنه وبعد وقوع الاحداث الاخيرة بأكثر من يومين لم تصل الجهات العسكرية الى موقع الحدث إلا من معتمدي ولاية شرق دارفور الذين وصلوا مبكراً للموقع. 5/ عدم إيقاع العقوبات الرادعة لمرتكبي هذه الاحداث، فالمعتدي يعلم ان الامر ينتهي بدفع الدية التي تقوم بها القبيلة حتى لو قتل الناس جميعاً، وهو نفسه اي المعتدي يدفع مثله مثل الآخرين ولا تتعدى المبالغ التي يدفعها مبلغ 07 جنيها سودانياً. ربما تكون هناك اسباب اخرى ارجو من المهتمين بهذا الامر التوغل في البحث عن الاسباب والحلول ولا مانع لدي ان اتنازل عن زاويتي الاسبوعية في هذه الصحيفة الغراء لمن يريد ان يطرح حلولاً لهذه الازمة والتي سميت جزافاً الحرب بين الرزيقات والمسيرية. وحتى يكون القراء في الصورة سأعطي خلفية عن الاحداث الاخيرة ولابد لي من ابدأ بمؤتمر الابيض 8002، بين الرزيقات والمسيرية، وعندما نقول مؤتمر الصلح بين الرزيقات والمسيرية فالمؤتمر يعقد من أجل الصلح فلابد ان يكون بين القبيلتين من اجل الصلح لدفع الديات لأن البطون المتصارعة لا تستطيع دفع ديات هذه الارواح الكثيرة التي ازهقت، وإن لم تدفع الديات فستتجدد الاشتباكات. كانت قرارات هذا المؤتمر تتلخص في تحديد الحدود بين غرب كردفان ودارفور وحصر ودفع الديات بتاريخ محدد، وهنا لاول مرة تدخل الحكومة كطرف اساسي في الصراع، لأن المؤتمر ذهب لتحديد الحدود بين الولايتين لتحميل المسؤولية الخدمة والتنموية والامنية لكل ولاية حسب حدودها التي ستبينها المساحة والمرجعية هى حدود عام 6591، وهذه هي مهمة الحكومة، ولكن للاسف الحكومة لم تقم بدورها لا في تحديد الحدود ولا الضغط على الجهات المعنية بدفع الديات، ولا بتكثيف الوجود العسكري والامني في المنطقة، وهذا ادى الى تجدد الصراع بطريقة عنيفة في اقل من عام ومات في هذا النزاع خلق كثير سواء من الاحتياطي المركزي أو من البطون المتصارعة مما جعل الحكومة تستعجل لعقد مؤتمر ابو حراز في الخرطوم عام 9002م وبعد خمسة عشر يوماً انتهى المؤتمر على ذات النطاق الذي انتهى اليه مؤتمر الابيض في عام 8002 ولكنه اضاف القتلى في المعارك الاخيرة، ولكنه قطع بأن اي اقتتال آخر بين هذه البطون سيكون امراً فردياً لا يعني اي بطن من بطون الرزيقات والمسيرية، وكونت آلية برئاسة الفريق آدم حامد قبل ان يكون رئيس مجلس الولايات، والتنفيذ يكون في يد د/ الامين دفع الله رئيس ديوان الحكم الاتحادي او اللامركزي (لا ادري) واللجنة العليا يترأسها نائب رئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه، كنا نأمل ان هذا المؤتمر سيكون آخر المؤتمرات بالشخصيات الإعتبارية التي تولت ملفه، ولكن للاسف فإن هذه المرحلة هي اسوأ مرحلة في تاريخ الملف، إذ سجلت اللجان غياباً كاملاً خاصة إدارة الدكتور الامين دفع الله من ديوان الحكم الاتحادي وان شاء الله الجميع محاسبون في قبورهم عن هذه الارواح التي سفكت وما اعتراف الوزير حسبو محمد عبد الرحمن وزير ديوان الحكم اللامركزي على الملأ في الضعين في الملتقى بين المسيرية والرزيقات لتعزيز العلاقات في 81/7/2102م بأن الملف اصابه الإهمال الشديد بعد مراجعته للملفات والتي تسلمها حديثاً إلا إدانة لعهد الدكتور الامين دفع الله، هذا الاعتراف يجب ان لا ينتهي فقط بالكلمات العاطفية لابد من المساءلة والمحاسبة حتى يرعوي الآخرون. وبهذا الإهمال شبه المتعمد تجددت المشاكل في الاسبوع الماضي، ولقد اجتهد الجميع في الآونة الاخيرة خاصة من قبل والي شرق دارفور الجديد اللواء محمد حامد فضل الله لعقد ملتقى لمناقشة مؤتمر ابو حراز في الخرطوم 9002م. حدد يوم 61/6/2102م وطلب استضافة المؤتمر، شاء الله ان يكون ذلك التاريخ مطابقاً لقيام مؤتمر للمؤتمر الوطني، رفع التاريخ الى 22/6/2102، صادف ان ذلك التاريخ حدد لقيام مؤتمر اهل دارفور فرفع امر تاريخ المؤتمر لوقت لاحق، وللاسف فإن مؤتمر اهل دارفور اجل لغاية 01/7/2102، ساعدت ظروف تاريخ انعقاد المؤتمر في الازمة الاخيرة، وفي أثناء انعقاد مؤتمر الفاشر اتصل بي السيد والي ولاية شرق دارفور وأعلن لي انه حدد يوم 81/91/7 هو تاريخ انعقاد المؤتمر، وقبل اربعة وعشرين ساعة فقط من قيامه. وقعت الاحداث الاخيرة المؤسفة والمأسوف عليها وسيتحملها بكافة مخلفاتها مسؤولو هذا الملف سواء في ديوان الحكم الاتحادي او ولاة الولايات او الآلية او اللجنة العليا برئاسة النائب الاول لرئيس الجمهورية، وعلى العموم انعقد المؤتمر وكان ابطاله رجال الادارة الاهلية من الرزيقات والمسيرية والذين حضروا بكافة رجالهم، وقالوا قولاً مفصلاً ان فشل مؤتمر ابوحراز بالخرطوم تتحمله الحكومة ويتحمله الولاة، قالوا كلاماً جريئاً لا يقدر عليه احد إلا من قلبه مليء بالايمان وبأهله.. لا منطق للمسؤولين في ملتقى الضعين غير الاعتذار المبطن بأن الملف اصابه الاهمال، أو سنقوم بدورنا ان شاء الله، ولا حديث للجهات الامنية والعسكرية في المؤتمر مطلقاً. واذا قالوا ماذا سيقولون! ونقول حتى نطوي هذا الملف لابد من الآتي- ان تقوم الحكومة بدورها كاملاً في الآتي:- 1/ وجود قوات عسكرية دائمة في هذه المناطق. 2/ تحريك الجهات المسؤولة عن تحديد الحدود بين الولايتين فوراً. 3/ الضغط بشدة على الادارات الاهلية وبإعطائها صلاحية وحراسة مشددة ومع تحديد مواعيد محددة لدفع ما تبقى من القسط الثاني من الديات. 4/ عدم الاستقرار في الحكم جعل هذا الملف مترنحاً كل يوم وزير جديد في ديوان الحكم الاتحادي، وكل يوم والي جديد لجنوب دارفور وشرق دارفور، واحمد هارون (مجهجه) بين الهجمة أو النجمة كيف يكون حال هذا الملف بهذه الطريقة لابد من الاستقرار السياسي لهذه الولايات حتى لا تدخل امة وتلعن اختها وتبدأ من جديد ونفقد بذلك خلقاً كثيراً من أهلنا الطيبين في ذلك المكان البعيد.