٭ قرأت في الاسبوع الماضي بصحيفة الصحافة مقالاً عن أداء شركة شريان الشمال لطريق الانقاذ الغربي للاستاذ عليُّو. هذا الطريق الاسطورة والذي يتحسر عليه الكثيرون من سياسيين وتنفيذيين من أهل السودان وأهل الغرب، وقد ظلت الحقائق تتضارب حوله حتى اصبحت بعض اقاويله حكايات يتداولها الناس ولا شك ان لطريق الغرب أهمية خاصة لتنمية وتطوير تلك الاجزاء من الوطن الحبيب بل يساعد في تنمية كل السودان ويعزز وحدته. واردت هنا ان اعقب على ذلك المقال رغم تأخر الوقت وعلى وجه الخصوص على الجزئية الخاصة بشركة شريان الشمال وهى شركة لا تجمعني بها صلة غير معلوماتي العامة عنها، ولكنها معلومات وثيقة ومؤكدة، وفي تعقيبي لا أود ان اخوض في تفاصيل الارقام أو الاوقات أو الاتفاقيات فهذا شأن الشركة واظنها قد طرحت الامر للقيادات الإعلامية للوقوف على الحقائق المجردة ولكنها فرصة سانحة لاتحدث قليلاً عن شركة شريان الشمال كما اعرفها. وينطلق حديثي من مشاهداتي لانجازاتها، ورغم انها ركزت نشاطاتها في بداية أعمالها بمناطق الشمال إلا انها قد تحولت بسرعة الى شركة قومية تضع لمساتها على مواقع متعددة بأنحاء مختلفة بالسودان واينما كانت الحاجة، لقد انجزت هذه الشركة طريق شريان الشمال الذي كان حلماً في ذلك الوقت فعبرت به صحاري وفيافي ممتدة من صحراء بيوضة الشهيرة الى تلال وقيزان ابو ضلوع، بجانب ما قدمته في مجالات الزراعة والتعليم والصحة والكهرباء من خلال اقسامها المتخصصة، وفي اطار قومية الشركة اتجهت الى مناطق متعددة بالسودان لممارسة نشاطها وتولدت منها منظمات ذات صلة بها وفي مقدمتها منظمة السقيا وهى متخصصة في مجال معالجة مشاكل العطش وتوفير المياه وقد شهدنا لها بالعديد من الانجازات بمناطق كردفان والنيل الابيض وقد شاهدت الباشمهندس الحاج عطا المنان يتفقد اعمالها في مجال حفر الآبار واقامة السدود ومعالجة الخيران بتلك المناطق. ان شركة شريان الشمال شركة وقفية تعود ارباحها مع المساهمين الى الاعمال الخيرية، لذلك قد اهتمت بالجوانب الخدمية والاجتماعية اكثر من اهتمامها بالجوانب الربحية فانشأت عدداً من المساجد والخلاوي والخدمات الاجتماعية الاخرى التي لا يرجى منها عائد بقدر ما هى مشاريع لخدمة المجتمع، وقد اهتمت كذلك بتوطين الرُحل فأصابت في هذا الجانب وذلك عن طريق تعمير مواقع بالصحراء وتوفير المياه والتشجير بجانب الخدمات الاساسية ومثال ذلك ما تم بمنطقة ام جواسير، ان الاعمال الوقفية تحتاج الى التضحية المالية- لذا فلم يكن في يوم من الايام من اهتمامات الشركة تحقيق العائد الكبير وتشهد قطاعات كبيرة من المجتمع على ما قامت به هذه الشركة في مجالات الدعومات الاجتماعية والشخصية. وقد امتد نشاط الشركة الى مناطق متعددة بالسودان وكان لها إن ارادت ان تعمل بالمناطق السهلة الآمنة ولكنها فضلت ان تشارك في التنمية القومية فكان التزامها بتشييد جزء من طريق الانقاذ الغربي رغم علمها بخطورة ذلك في تلك الظروف الامنية التي كانت سائدة ومحيطة بالطريق، وبالفعل فقدت الشركة عدة آليات وكادت ان تفقد ارواح منتسبيها وهى تعمل في ذلك الطريق. انني اعتقد ان مساهمة الشركة في انشاء ذلك الطريق لم يكن المقصود منه عائداً مادياً بقدر ماهو تضحية للمشاركة في إكمال هذا الطريق الهام مهما يكلفها الامر انطلاقاً من ان الشركة قد نذرت نفسها لدفع عجلة التنمية في مختلف بقاع السودان واسألوا اهل نيالا وولاية جنوب دارفور قاطبة مما قدمته لهم شركة شريان الشمال أثناء تولي المهندس الحاج عطا المنان امر الولاية. ان الشركة انطلاقاً من اهدافها الاساسية قد ظلت سباقة لاعمال الخير اينما تطلب الامر ذلك. لذلك فان التوفيق الذي لازمها يظل مرتبطاً بحسن النية وسمو الهدف والرغبة في مساعدة الآخرين، وحسب علمي لو ارادت هذه الشركة ان تتجه للكسب السريع فان الفرصة كانت أمامها واسعة حيث انها من أوائل الشركات التي عملت في مجالات الطرق والخدمات، وكانت الفرصة متفورة أمامها للعمل في أى موقع تختار دون اللجوء الى مناطق كانت تعتبر غير آمنة ولكنها فضلت المساهمة والمشاركة مهما كانت المخاطر وفي ذلك عملها بطريق الانقاذ الغربي. ان التوفيق الالهي الذي حظيت به هذه الشركة يعزى الى دعوات الكافة لها بالنجاح ولقيادتها الامينة الصادقة المتمرسة في مجال اعمال الشركات وفي مجال اعمال الخير والدعم الاجتماعي. هذه الشركة لا ككل الشركات- انها نمط فريد- حيث انها قناة لتحويل ريعها وارباحها الى الاعمال الوقفية والتنمية الاجتماعية والخدمية.