طريق بارا-أم درمان عشرة كلم هدي! محمد التجاني عمر قش [email protected] من يسافر من أم درمان غرباً لا شك أنه يمر بتلك العقبة الكؤود التي تعرف \"بقوز أبو ضلوع\" وهي شريحة طولية من الصحراء و الرمال المتحركة تمتد من الجنوب إلى الشمال،لا يتعدى عرضها عشرة كيلومترات أو يزيد قليلاً ؛ ولكنها تمثل تحدٍ كبيراً لسائقي اللواري وركابها. ولقد ذكرها كثير من الشعراء الشعبيين في كردفان مثل الراحل قريب محمد راجع إذ قال: فات فتاشه و عديل أتصلّب طلع قوز أبو ضلوع جسم المساعد كلّب جبد السري دخان اللديتر علّب صادف زنقه لكن عليها أتغلّب و من منا لم يقض الساعات الطوال وهو يمد يد المساعدة بجلب القش و فروع الأشجار و الحفر في الرمال حتى يعبر اللوري قوز أبو ضلوع قبل حلول الظلام، هذا إذا كان السائق ماهراً وإلا فإن الركاب سيتوسدون الرمال الناعمة تلك الليلة. اليوم نبشر مستخدمي هذا الطريق بأن معاناتهم على وشك أن يوضع لها حد؛ فقد تبرعت شركة شريان الشمال الوقفية ببناء و رصف عشرة كيلومترات من طريق أمدرمان –بارا هدية منها لأهل كردفان. جاء ذلك على لسان رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس الحاج عطا المنان إثر مداخلة متواضعة من شخصي الضعيف ضمن محاضرة بعنوان \"دور المغتربين في التنمية – شريان الشمال نموذجاً\" قدمها سيادته في منتدى رابطة الإعلاميين بحضور السفير قريب الله الخضر نائب رئيس البعثة الدبولماسية و لفيف من قادة العمل العام و الصحفيين و جمهور غفير من الجالية السودانية بالرياض. و نحن بدورنا نشكر السيد الحاج عطا المنان والشركة و كل منسوبيها و المساهمين فيها على هذه المبادرة الكريمة ونقدر لهم هذه الوقفة الأصيلة مع أهلنا، سائلين الله أن يجعلها في ميزان حسناتهم جميعاً. و الشكر موصول إلى هذه الرابطة الفتية لإتاحتها لنا فرصة اللقاء بهذا الرجل الذي شهد له الجميع بالإخلاص والتفاني و النزاهة في أداء واجبه في كل المواقع التي عمل بها. مع شكرنا لصحيفة الانتباهة، صوت الأغلبية الصامتة، و للأخ صاحب الاستفهامات، الذين سمحوا لنا بالتواصل مع قرائهم و طرح قضايا كردفان على صفحات هذا المنبر الحر. الشيء المهم الآخر الذي نريد لفت الانتباه إليه هو تجربة شركة شريان الشمال نفسها فقد ولدت من رحم اسهام المغتربين في التنمية إذ أخذ بعض أبناء الشمال على عاتقهم القيام بعمل طوعي و شعبي من أجل بناء طريق شريان الشمال فكان لهم ما أردوا حتى أكتمل الطريق وقامت على جانبيه سبعة مراكز خدمية يشمل كل منها مدرسة مع سكن داخلي، و تقدم هذه المدارس التعليم بشقيه الأكاديمي و الفني، و مسجد و خدمات طبية، و توجد قابلة في كل مركز مع كثير من الخدمات الأخرى من أجل توطين العرب الرحل ببناء القرى الحديثة؛ هذا بالإضافة إلى إصحاح البيئة بزراعة الأشجار في مساحات خضراء يتفيئ ظلالها المسافرون على هذا الطريق العامر. هذه الشركة تتبع لها الآن أربعة شركات و تقوم بأعمال متنوعة منها السقيا و بناء الطرق و قد حققت أرباحاً كبيرة حتى بلغت قيمة أصولها ما يعادل خمسين مليون من الدولارات و هي الآن ترد الجميل للمغتربين برصد مبلغ ثلاث مليون ريال سعودي وضتعها تحت تصرف سفارة السودان من أجل مساعدة المحتاجين من المغتربين و أسرهم. وبهذا تكون شركة شريان الشمال تجربة وطنية رائدة و نموذج يمكن أن يحتذى و يطبق في بقاع السودان إذا أردنا تفعيل دور منظمات المجتمع المدني و القطاعات غير الحكومية في التنمية و التطوير والبناء بالتعاون مع الجهات الرسمية. لا يفوتني هنا أن أذكر بأن حسابات شركة شريان الشمال ظلت تخضع للتفتيش و التدقيق من قبل ديوان المراجع العام وذلك ضماناً للشفافية و النزاهة حسبما ذكر السيد عطا المنان في حديثه. نأمل من سلطات ولاية شمال كردفان التواصل مع الإخوة في شريان الشمال لنقل التجربة سواء في جانبها الشعبي لتكوين مؤسسة مماثلة أو الجانب الفني لمعرفة مراحل بناء طريق شريان الشمال و الاستفادة من تلك التجربة لتنفيذ طريق أم درمان-بارا أو إن شئت فقل شريان كردفان. بقلم/ محمد التجاني عمر قش- الرياض [email protected]