فى الأنباء ان السيد رئيس الجمهورية غادر امس الى الدوحة، فالبيان الرسمى الذى أذاعه السكرتير الصحفى للسيد الرئيس الاستاذ عماد سيد أحمد يقول « ان الزيارة تأتى فى اطار مناقشة العلاقات الثنائية بين الدولتين وعدد من الملفات،على رأسها ملف سلام دارفور والوقوف على آخر التحضيرات لمؤتمر المانحين المقرر ان يلتئم في ديسمبر القادم.». للاسف اننى ميال دائما لعدم تصديق هذه الافادات الرسمية والدبلوماسية،وذلك منذ ان عرفت ان السياسة الحقيقية لاتقرأ على صفحات الصحف انما تصاغ هناك فى الغرف المظلمة.ازدادت شكوكى فى الزيارة حين قرأت اهدافها المعلنة اذ لم اجد سببا واحدا معقولا يجعلنى اصدق ان اهداف هذه الزيارة هى ما اعلن عنه بواسطة السكرتير الصحفى والناطق باسم الخارجية العبيد مروح. قبل ان ننظر فى الاسباب، نتساءل هل جاءت هذه الدعوة من أمير قطر أم انها طلبت من السيد الرئيس .؟ ليست هنالك افادة رسمية فى هذا المجال.اذكر قبل دخول قوات الثوار طرابلس بشهر قام مدير المخابرات محمد عطا بزيارة الدوحة، وقتها نشر الاعلام تصريحات مفادها ان السيد عطا يزور الدوحة بغرض مناقشة قضايا اقامات وتأشيرات السودانيين، ويومها كتبت مقالاً بعنوان « على مين».وقلت يستحيل ان يذهب مدير المخابرات لقطر لمناقشة ملفات تخص الخارجية، وقلت ان الزيارة غالبا ما تكون بشأن التنسيق السياسى والعسكرى السودانى القطرى فى الحرب الدائرة بليبيا . بعد اقل من شهرين حسم الثوار فى ليبيا معركة طرابلس فاتضح بعدها ان السلاح السودانى قد عبر الى ليبيا بطائرات قطرية، وكان ذلك هو السبب الرئيس لزيارات محمد عطا لقطر. السبب الاول المعلن لزيارة السيد الرئيس مناقشة العلاقات الثنائية.ياترى اية علاقات ثنائية؟.الجانب الاقتصادى لاشئ فيه يستحق ان يتكبد الرئيس عناء السفر للدوحة. اهم ملف وهو القرض القطرى كان قد حسم فى الزيارة السابقة للرئيس وهى زيارة جرت قبل ثلاثة اشهر فقط، فما الجديد الذى يستحق عودة الرئيس الى الدوحة مرة اخرى؟.ملف الاستثمارات القطرية ومشاريعها الكبرى تقوم عليها الان مؤسسات وتجرى دراسات وقد تم الاتفاق مسبقا على كل التفاصيل وخاصة على المشاريع الزراعية فى الشمالية. السبب الثانى المعلن هو متابعة ملف دارفور، وفى الحقيقة ليس هناك فى ملف دارفور ما يستحق زيارة الرئيس ، فمفردات هذا الملف تنفذ بتنسيق كامل بين الاطراف الموقعة على وثيقة الدوحة.هل بإمكاننا ان نصدق ان الرئيس يذهب لمناقشة قضايا ذات صلة بهذا الملف فى غياب الدكتورين امين حسن عمر والتجانى السيسى؟...معقولة مولد واصحابو غائبين!!.ما يلاحظ من تكوين الوفد انه غير سياسى ولا اقتصادى ولا استثمارى ولا حتى زراعى. يتكون الوفد من « بكرى حسن صالح وعلى كرتي وأسامة عبد الله» فإذا استثنينا أسامة الذى صحب الرئيس لسبب معلوم وهى الالام التى يكابدها جراء الغاء قرار زيادة الكهرباء فإن بكرى وكرتى هما فى صحبة الرئيس فى كل الرحلات الخارجية.ولذا فإننى لا اصدق بأن الزيارة لها علاقة بدارفور او بأية استثمارات او أى مجال اقتصادى.اما ان يذهب رئيس للاطلاع على آخر تحضيرات مؤتمر المانحين فإن ذلك من شأنه ان يضع ابتسامة عريضة على الشفاه ويطرح تساؤلات حول مهمة ووظيفة الوزراء والمديرين حتى وزراء الخارجية ووزراء الدولة، اذا كان الرئيس يسافر لمسافات الطويلة للاطلاع على آخر التحضيرات لمؤتمر!!.دعكم من هذه البيانات الرسمية ودعونى اطرح احتمالاً قد يكون وراء الزيارة.هو احتمال وحيد بدا لى معقولا حول زيارة الرئيس البشير لقطر ولكنى للاسف لا املك اية معلومات مجرد تحليل يصدق او يخيب. التحركات القطرية هذه الايام تتركز حول الملف السورى. قطر تقود فعليا الحملة العربية لاسقاط نظام بشار الاسد وعلنا من خلال موقعها فى جامعة الدول العربية واعلامها وكل تحركاتها الخارجية.الان بناء تحالف خارج مجلس الامن للتدخل فى سوريا يجرى على قدم وساق . بريطانيا وتركيا تقودان الحملة عالميا ، الزيارة التى قام بها اردوغان لبريطانيا قبل يومين تأتى فى هذا الاطار.قطر تعمل على تجنيد دول المنطقة للانضمام لهذا التحالف.مطلوب من السودان الانضمام لهذا التحالف وخير من يقنع السودان هى قطر لعلاقاتها المتميزة معه ولحاجات تانية فى هذه الاونة الصعبة.اذا ما نجحت قطر فى مهمتها ونجح اردوغان وكاميرون فإننا قد نشهد اعلان هذا التحالف فى غضون الاسبوعين القادمين. المطلوب اكثر من ثلاثين دولة فى هذا التحالف.يبدو لى ان تحركاً كهذا لابد ان يناقش على مستوى الرؤساء وليس وزراء الخارجية ولهذا كان مهما الحديث مع الرئيس البشير شخصيا ومباشرة. ولهذا هو الان هناك بالدوحة. الله اعلم.