أصبح أهل السودان يتفاجأون بقرارات «متعجلة» تصدر من قبل الوزراء، وقبل ان يجف الحبر الذي تكتب به يخرج قرار من مؤسسة رئاسة الجمهورية بإلغاء هذه القرارات، فحينما أصدر وزير التجارة عثمان عمر الشريف، قراراً قضى بفتح الباب لاستيراد السيارات «المستعملة»، سارع رئيس الجمهورية بعد ساعات بإلغاء قرار وزير التجارة، واعتباره كأنه لم يحدث أصلاً، ومهما تكن تبريرات وزارة التجارة بأن وزيرها لم يقصد اصدار قرار وانما جاء الحديث في سياق عام لن يسمع الناس التبريرات، ويبقى الراسخ في الذهن أن قراراً أصدره وزير التجارة قد أبطله رئيس الجمهورية!! ولم يمض غير وقت قصير حتى تفاجأ أهل السودان بقرار يصدر عن قبل وزير الكهرباء والسدود أسامة عبد الله يقضي بزيادة تعرفة الكهرباء، في وقت كان الناس فيه ينتظرون بعد موجة الغلاء قرارات تخفض تعرفة الكهرباء مدفوعة بخيرات سد مروي وتعلية خزان الروصيرص.. كما أن القرار جاء في توقيت «عجيب وغريب»، وكأنه أراد تأجيج الشارع «الغاضب» من زيادة المحروقات وارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية.. المهم وقبل أن تكتمل حلقات زيادة تعرفة الكهرباء وتصبح أمراً واقعاً، أصدر النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قراراً بوقف أو إلغاء قرار زيادة تعرفة الكهرباء.. «ويا دار ما دخلك شر». أمام هذا «التخبط» يصبح من الطبيعي أن يفاجأ الناس في أي وقت بقرار وزاري يصدر عن هذا الوزير أو ذاك، ليزيد الغضب!! ومثل هذه القرارات «غير المدروسة» من شأنها أن تفجر غضب الشارع.. الشارع الذي لم يستجب خلال الفترة الماضية لتحريض المعارضين، وهو يمنح «الإنقاذ» المزيد من الصبر الجميل، في سبيل أن يكون غده أفضل من يومه.. نعم يمكن لهذا الشارع أن ينفجر كالبركان، وحينها قد لا تجدي قرارات رئاسة الجمهورية نفعاً.. لذلك ينبغي أن تكون القرارات «مدروسة» حتى لا تصدر اليوم وتلغى في صباح اليوم التالي!! ونأمل أن نشهد خلال الفترة القادمة قرارات بطعم آخر.. قرارات تصب في مصلحة المواطن برفع المعاناة عن كاهله بدلاً من قرارات غير مبالية «بمشاعر وإمكانات الناس»، وعلى الدولة أن تدبر شأن العباد والبلاد، دونما زيادة المعاناة الحالية، التي يعانيها الناس على طول البلاد وعرضها، وهي معاناة لا تحتمل، لذلك على الحكام أن يعملوا «بجد وإخلاص وبصر وبصيرة» حتى تصبح المعاناة الحالية من أحاديث الماضي، وأن تتبدل بخير عميم ينعم به أهل السودان الذين أبدعوا في «فن الصبر». والله المستعان.