لرمضان فى جنوب كردفان نكهته وطعمه وخصوصيته التي لا تنفصل عن عادات وتقاليد الإنسان الكردفانى ،«الضرا» شيمة مجتمعية عريقة وأصيلة لن تندثر مهما كانت الظروف ويعتبر قاسما مشتركا بين كل مكونات الولاية وغالبا ما يكون بساحة خلوة خاصة يقصدها الضيوف وعابرو السبيل ،إلا أن بعض المقتنيات قد تغيرت من مكان لآخر فيما لا زال البرش وعنقريب الحبل وإبريق الفخار عند الكثيرين ويقوم الصبية بدور خدمة الكبار كما تقوم النساء بالتبارى فى إعداد صينية رمضان ليس تفاخرا ولكنه كرما ، فالنساء فى بعض المناطق يشاركن فى الضرا وغالبا ما يكون فى منزل إحدى الحبوبات أو الأمهات الكبريات، فالضرا يأتى إليه القريب والبعيد فى كادقلى كما فى بقية عواصم وقرى ومدن وفرقان الولاية بمختلف سحناتهم ، فالسمة الغالبة أن مجتمع جنوب كردفان متصالح وأكثر تماسكا وتواددا وتراحما فى رمضان ويفيض الكرم من بين يديه رغم الضنك والظروف المعيشية القاسية فى ظل إنعدام السيولة المالية ويبدو ذلك واضحا فى حركة السوق التجارية جوال الذرة «200 210» جنيهات ، كيلو السكر «5.5 6,5» جنيه ما بين المدعوم والتجارى ، كيلو اللحم «22 28» جنيها للعجالى والضأن «28 35» جنيها ،أما اللبن بأرخص الأسعار ، فيما تتضاعف الأسعار في مناطق التعدين ويرتفع عندها العائد لأضعاف، إلا لبرنامج ديوان الزكاة بالولاية من توفير إفطار الصائم وقد اشتمل على ذرة وسكر وبليلة وعصائر بتكلفة «1.2» مليون جنيه تقريبا استفاد منه حوالى «16» أسرة بالولاية من ضمن جملة من مشروعات ديوان الزكاة للعام الجاري التى تبلغ تكلفتها «2» مليون جنيه سودانى سوف تساهم فى سد بعض الحاجة للأسر الفقيرة والمتعففة. أجواء الولاية فى رمضان خريفية ممطرة تنخفض فيها درجات الحرارة نهارا «25» درجة وليلا أقل من ذلك بكثير، فأحيانا كثيرة لن يدرك الناظر للشمس إلا شعاعا منبعثا من خلف السحب الداكنة و الركامية تتخللها «شبورة» هنا وأخرى هناك و«الهرع» وللذين لا يعرفونه هى «سحب سيارة ولكنها غير ممطرة» تشق عنان السماء غدواً وترحالاً من مكان لآخر ، أما الخضرة فإنها تكسو كل مكان، فالأشجار والأعشاب مخضرة تغطى قمم الجبال والوديان، والمياه تتدفق شلالا بالمنخفضات والخيران نعمة من بعد نعمة للإنسان والحيوان، أما الرعد فإنه يدوى ويجلجل هنا وهناك والبرق يرسل ضوءه رأفة ورحمة من الله بعباده، ببساطة رمضان فى جنوب كردفان صحة وعافية وقوة وعزيمة وإرادة. يشترك أهل جنوب كردفان فى «عصيدة الدخن أو الذرة» بملاح التقلية أو الروب أو اللوبيا أو الويكاب أو اللبن أو «المرس» أو«الدودرى» هى السمة المميزة لأهل جنوب كردفان بالريف والحضر، أما العصائر فما بين «الحلو مر ، التبلدى، العرديب فضلا عن الليمون والبرتقال والجوافة والدوم وأخرى» والنشا ، البليلة «أم جنقر ،اللوبيا بأنواعها ،الدخن ،الحنيطير، المليل ،العدسية ،الكبكبى». وفي خاتمة الحديث عن رمضان في جنوب كردفان لابد من الاشارة الى مسجد كادقلي العتيق كاحد ابرز السمات المميزة لرمضان هذا العام.