ظلت دولة اريتريا تواجه ضغوطا دولية مكثفة على مدار سنوات استقلالها جراء ملاحقات دولية على خلفية انتهاكات انسانية جرت في ملفات كثيرة في مقدمتها الحريات العامة وحقوق الانسان، فضلا عن اتهامات بدعم المعارضة الصومالية الاسلامية في مواجهة حكم الرئيس شيخ شريف أحمد، هذه الملابسات حجزت لارتريا مقعدا دائما في نادي العقوبات الدولية، ومكانا لافتا في القوائم السالبة التي تصدرها المنظمات الانسانية والحقوقية كل عام وأخرها اقرار مجلس حقوق الانسان تعيين مقرر خاص لحقوق الانسان باريتريا. ويحفل تاريخ هذه الدولة القصير نسبيا بملابسات ومحطات يرى مراقبون انه المؤثر الرئيس في صورة الدولة الاريترية امام العالم، وفي التفاعلات التي تجري بين مكوناتها. وربما يفسر ذلك الامر اشارة المتابعين للملف الاريتري على الصعيد الداخلي الى عدم تأثر «نظام اسمرا» بالعقوبات الدولية المفروضة عليها منذ نحو عقد من الزمن، فنظام الرئيس اسياس افورقي استطاع امتصاص هذه التأثيرات وجعل اريتريا قادرة علي الاعتماد بشكل كامل علي مواردها المحلية الضئيلة. ويعود تاريخ العقوبات على اريتريا الى العام 2004م حين بادرت الولاياتالمتحدةالامريكية بفرض عقوبات احادية على «اسمرا» واتبعتها في العام 2007 باغلاق القنصلية الارترية في اوكلاند بولاية كاليفورنيا، اعقبها ايقاف الاتحاد الاوربي للدعم الجزئي للعديد من المشاريع التي كان يدعمها وفي «2008» ضاقت دوائر دولية نافذة بالدعم الذي تقدمه الى الاسلاميين في دولة الصومال علي وجه الخصوص، وجر هذا الموقف الاريتري ايضا لاصطفاف دول اخرى ضد اسمرا على خلفية الخلاف الحدودي مع جيبوتي بالاضافة لدعم النظام لعدد من الجماعات العسكرية في المنطقة. ويقول صحافي اريتري «فضل حجب هويته» ان العقوبات الدولية المتواترة ستؤثر نهاية الامر علي اريتريا، في ظل اوضاعها الاقتصادية المنهارة اصلا ، موضحا في حديثه ل» الصحافة» ان بلاده تعتمد في الاساس علي المساعدات القليلة التي تأتي من الاتحاد الاوربي وعلى تجارة الحدود في الحصول على السلع الاساسية للمواطن من السودان، ورأى الصحافي الاريتري ان فرض العقوبات المباشرة علي «اسمرا» سيغلق الباب للابد امام المساعدات القليلة التي كانت تأتي من الاتحاد الاوربي والولاياتالمتحدةالامريكية كذلك ، وتابع « الوضع حال تكاثرت العقوبات وتم التشديد على تنفيذها لن يحمد عقباه»، وزاد « هناك عامل اخر اشد وقعا على البلاد، وهو تناقص الواردات البترولية من السودان بعد انفصال الجنوب. بخاصة وانها كانت تأتي سواء باسعار تفضيلية او على شكل مساعدات». واشار الصحافي الاريتري الى عوامل اخرى خارجية اضحت لها اسقاطات مباشرة على الاوضاع داخل بلاده، منها الاوضاع غير المستقرة في اليمن، كما ان الوجه الاقرب ثقافيا في الخليج دعمه غير وارد لان دوله ما خلا واحدة لا تمد عادة اريتريا بمعونات، ويواصل قائلا» كل تلك العوامل تجعل الاوضاع في اريتريا مرشحة لانهيار اقتصادي، وهو ما سيظهر علي الارض بشكل واضح خاصة بعد فقدان اهم حليفين لاريتريا وهما الرئيسان المخلوعان المصري محمد حسني مبارك والليبي معمر القذافي . ولكن السفير السوداني السابق والمختص في شؤون القرن الافريقي الدكتور محجوب الباشا لا يتفق مع هذا الرأى، فهو يؤكد على ان اريتريا لم تتأثر بالعقوبات المفروضة عليها من قبل مجلس الامن او الولاياتالمتحدةالامريكية كثيرا من الناحية الاقتصادية، وذلك لان اقتصادها غير مربوط بشكل مباشر بهما، وليس لديه صلة بالاقتصاد العالمي، لكن السفير يعود ويرى ان «اسمرا» يمكن ان تتأثر من الناحية السياسية بمحاولات عزلها عن العالم الخارجي ،واضاف الباشا «من الناحية الامنية هناك توترات مع جارتها اثيوبيا وهى التوترات التي يمكن ان تكون مؤثرة اكثر من غيرها»، ومن هنا يشدد السفير السابق على ان سلاح العقوبات الدولية لم يكن له تأثير على «اسمرا»، لافتا الى انها اضحت قادرة علي السيطرة عليه في الوقت الحالي، وهو ما يتضح في ان اريتريا تعتمد علي نفسها في اقتصادها، وفي ان المواطن الاريتري يعيش بحسب دخله الذي يتحصل عليه ويكيف نفسه علي ذلك.