في الحوار المتميز الذي أجراه صديقي ضياء بلال بالأمس مع دكتور نافع اتضح عمق الحرج الذي لازم إجاباته وهو يحاول أن يجد عذراً لحزبه برفضه اتفاقه مع عقار. يؤسفني أن أقول إن محاولة دكتور نافع قد باءت بالفشل، فقول دكتور نافع: إن تغيير الظرف السياسي هو الذي دفع بالحزب لقبول الحوار السياسي الآن كان يمكن أن يكون صحيحا لو أن الحزب تريث فى رفض ذلك الاتفاق أو حتى أنه امهل اعضاءه ليطلعوا على بنوده. فاعضاء المكتب القيادي يومها جاء اغلبهم للاجتماع ولم يقرأوا سطرا في الاتفاق، رفضوه هكذا حينما عرفوا اتجاه الريح دون تبصر بالعواقب. لو ان رفض المكتب القيادي جاء بعد دراسة عميقة وتقدير لاوضاع البلد السياسية والاقتصادية لقبلنا من نافع قوله ولكن الحزب في موقفه ذاك كاد يكون حزب اشارة!!. في زحمة وجوطة وتهريج المنابر سارع الحزب بالغاء اتفاق لم يتمهل في قراءة نصوصه. لقد دفعت البلاد ثمن هذا التهريج السياسي غاليا دماً ومئات القتلى والمشردين ومليارات الجنيهات، يا ترى لمصلحة من وماذا استفاد الحزب والحكومة من خطوتهم تلك؟. لا شيء وها هم يعودون لطاولة التفاوض يبحثون عن اتفاق سيكون اقل بكثير من الاتفاق الملغى. يبدو ان الصراعات داخل الحزب لا تأبه بكلفة القرارات المتعجلة. يقول دكتور نافع (إن قرار مجلس الامن ليس هو الاساس لقبولهم التفاوض مجددا مع قطاع الشمال بل قناعتهم بضرورة الحوار السياسي لان القضية سياسية ولن تنتهي الا بحوار سياسي). اتمنى ان يكون الحزب كله من رأي دكتور نافع. لقد بح صوتنا ونحن ننادي على الحزب ومتطرفيه ان الحرب ليست حلا وان قضايا البلاد المعقدة لا تحلها الحروب وان المساومات السياسية وحدها القادرة على صنع الاستقرار في البلاد، ولكن للاسف لم يسمعنا احد، فاودت بنا العنجهيات وخفة الحساب السياسي الى مهالك شتى. لم يكن الحزب وحكومته بحاجة لكل هذا التهريج ليعودا لجادة الصواب. الحزب الذي يخضع لجماعات التهريج السياسي وان تلفحت بالدين ليس جديرا بحكم البلاد والعباد. الآن الحوار السياسي قد بدأ لكن هذا الحوار لن يحصنه موافقة المكتب القيادي للحزب الحاكم بمثل ما قال نافع انما رأي عام حارس لاجندة السلام وصحافة واعية لها دور في قمع اجندة الحرب وتعبئة الرأي العام لصالح اجندة السلام. يأمل دكتور نافع ان تقتنع هذه المنابر ان الخير في الوصول إلى اتفاق سياسي.. ينهي الحرب ويحقق السلام. يا دكتور نافع لن تقتنع تلك المنابر ابدا ان في السلام خيرا للبلاد، فاجندتها ومصالحها في الحرب، لتتعاظم مكاسبها وحتى لو ادى ذلك لحرق البلاد وتفكيكها من اقصاها لاقصاها. يفعل الحاكمون خيرا بالبلاد والشعب اذا صموا آذانهم عن نداءاتها وتهديداتها وابتزازها للقيادات فى الحكومة والحزب. انهت تلك المنابر مهمتها بنجاح في تشظي البلاد وهي تسدر الآن في غيها لانهاء اي امل في العيش بسلام في وطن مستقر وآمن. هاهي تصعد من اجندة الحرب وتثير الكراهية وترفض اي حوار ولا تعرف معنى للمساومة والتفاوض والاتفاق، تعرف فقط ايقاد نيران الحرب. ولذا علينا ان ننهض جميعا ضدها الآن كما فعلنا من قبل وندعو الجميع لعدم الخضوع للارهاب السياسي والفكري والديني الذي يحاولون عبره فرض اجندتهم الحربية. المطلوب الآن هو محاصرة اجندة الحرب ورموزها ببناء رأي داعم للسلام مساند لعمليات التفاوض ومحاصر للاجندة الحربية للمتطرفين بالجانبين. في الجانب الآخر هنالك ايضا من يعتاشون من استمرار الحرب. فبقدر ما نجحنا في محاصرة دعاة الحرب في الطرفين امكننا اختصار الطريق للسلام والاستقرار. لو ان ذات قوافل المجاهدين الصادقين هبوا لمناطق الحروب دعاة للسلام لاستطعنا بناءه باقل كلفة ولصنعنا استقراراً للوطن وجنبناه الحروب. المطلوب بناء جبهة للسلام في وجه منابر الحرب فهل من مجيب؟.