اطلعت على بعض تصريحات وأحاديث السيد/ د. كمال عبيد رئيس وفد التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال...ومع احترامي له إلا أن ما قاله يتعارض مع أصول التفاوض السياسي المتعارف عليها...وألخص ما أود أن أقوله فيما يلي:- أولاً: أبدى د. كمال عبيد عدم قناعته بجدوى التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال... ومن أبسط أصول التفاوض أن لا تقبل بدءاً أن تجلس حول طاولة التفاوض إلا إذا ترسخت لديك القناعة بأن التفاوض سيؤدي إلى تضييق مساحة الخلاف بينك وبين الطرف الآخر بشكل كلي أو جزئي... فإذا كان رئيس الوفد نفسه غير مقتنع بجدوى التفاوض ففيمَ التفاوض أصلاً؟ لأن مهمة رئيس الوفد أن يقود عملية التفاوض ويبث الأمل والصبر والمثابرة بين أعضاء الوفد إذا ضعف أحدهم وضاق عقله وصدره. ثانياً: تحدث د. كمال عبيد عن رئيس وفد التفاوض في الجانب الآخر السيد/ ياسر عرمان وعبر عن أنه غير مرغوب فيه كرئيس وفد تفاوض... وهذا أيضاً أمر يتنافى مع أصول التفاوض حيث إنه لا يجوز الاعتراض على رئيس وفد الطرف الآخر بهذا الأسلوب الحاد والعلني؛ لأن الطرف الآخر له الحق في اختيار من يراه مناسباً لرئاسة وفده وعليك قبول ذلك والتعايش معه... فكيف سيتعامل السيد/ ياسر عرمان كرئيس وفد مع د. كمال عبيد كرئيس وفد يجلس أمامه وهو يعلم رأيه السالب فيه؟ ثالثاً: أشار د. كمال عبيد إلى أن الحركة الشعبية قطاع الشمال أثارت عدة قضايا سودانية بعيدة عن إشكالية جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويعترض سيادته على ذلك... بالطبع هناك فرق بين التفاوض مع طرف أجنبي وطرف سوداني... فما قاله د. كمال كان يمكن أن يكون صحيحاً إذا كانت الحركة الشعبية قطاع الشمال جهة أجنبية ولكن بما أنها تنظيم سوداني فلها الحق بل وكامل الحق في طرح جميع قضايا السودان على طاولة التفاوض... بل على العكس أعتقد أنه فهم متقدم يجب أن يسعد به د. كمال لأنه يخرج التفاوض من إطاره الجهوي المحدود إلى إطاره الوطني العام... فواقعياً لا يمكن المعالجة الجزئية الجهوية لقضايا السودان لأنها قضايا متداخلة ومتشابكة... فالحديث عن الأزمة الاقتصادية مثلاً لا يمكن فصله عن قضية جنوب كردفان والنيل الأزرق. خلاصة ما أود أن أقوله في هذا العمود هو أن السيد/ د. كمال عبيد يجب أن يكون أميناً مع نفسه ومع حزبه حزب المؤتمر الوطني ومع الحكومة السودانية ويعتذر عن رئاسة وفد التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال؛ لأنه بموجب ما صدر منه ليس الرجل المناسب لذلك... هذا بافتراض أن الحكومة والحزب الحاكم يهدفان فعلاً إلى تحقيق نتائج إيجابية عبر هذه المفاوضات لمصلحة الوطن.