لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيناوي.. إمبراطور الحبشة..!
نشر في الصحافة يوم 22 - 08 - 2012

لم تمض دقائق على رحيل ميليس زيناوي حتى ضج العالم بالاسئلة والتحليلات المتلاحقة حول تأثير هذا الغياب الفاجع لرئيس وزراء اثيوبيا على الاوضاع داخل بلاده وعلى الدول المجاورة وربما كل القارة السمراء، فميليس زيناوي كان رجل العالم في افريقيا وحصان الغرب الاسود في القرن الافريقي، وتأثير نفوذه ربما تعدى ذلك بكثير ليلامس مناطق النفوذ التقليدية لدول بمثل مكانة جنوب افريقيا ومصر واسرائيل، ومن هنا فان استيعاب تداعيات هذا الحدث تستوجب الاجابة على تساؤلات كثيرة، مثل ما هي انعكاسات غياب زيناوي على مستقبل إثيوبيا وجيرانها ؟ وما مدى أهمية الحفاظ على الاستقرار في قصر هيلاسياسي بالنسبة للحكومة السودانية؟ وهل يمكن أن يشكل غياب زيناوي عن المشهد الاثيوبي فرصة للمعارضة لتصبح أكثر تأثيرا؟ وما زالت هنالك عديد من التساؤلات المطروحة حول كيفية تأثير هذا الغياب على الحركات الانفصالية مثل «اوغادين»، وكذلك على الملف المشتعل مع إريتريا. ثم يبقى السؤال الاهم.. هل سيتيح رحيل زيناوي فرصة للاثيوبيين لاستعادة الحرية والديمقراطية في بلادهم ، ام ان النظام الذي ارساه الرئيس الراحل سيتمالك نفسه ويستعيد السيطرة على البلاد؟
اديس ابابا.. هل يصمد النظام؟
يقلل الدكتور حمد عمر حاوي من انعكاسات غياب زيناوي على مستقبل إثيوبيا واستقرارها، مشيرا الى ان الرجل قد استطاع ان يرسي نظام حكم مختلف عما هو معهود في القارة، نظام لا يعتمد على شخصية الرئيس بل على نوع من الفيدرالية قائم على حكم القبائل لاقاليمها، ويتابع الدكتور حمد : هذا النظام حقق قدرا كبيرا من الاستقلالية للاثيوبيين في ادارة شؤونهم وحد من قبضة المركز مما خلق استقرارا من الصعب بمكان التأثير عليه بمجرد غياب شخص زيناوي من السلطة. ويعدد استاذ العلوم السياسية ما يراها عوامل للحفاظ على استقرار الاوضاع في اثيوبيا بعيد رحيل رئيس وزرائها، ومنها وجود نظام للحكم لا يعتمد في استمراره على كاريزما الرئيس، بل على عناصر وسمات متوافق عليها بين الاقليم المختلفة، ولهذا فهو يؤكد ان غياب زيناوي لن يشكل اية تهديد لاستقرار اثيوبيا او تضعضع الصلات بين القوميات المختلفة، واستنادا على هذه القراءة فان الدكتور حمد عمر حاوي لا يري ايضا في اجابته على المحور الثاني من السؤال، اي تداعيات لغياب رئيس الوزراء الاثيوبي على الادوار التي تقوم بها بلاده في المنطقة، ويضيف حمد ل» الصحافة» : هنا ايضا لم يكن الفاعل الرئيس شخص «زيناوي» بل اثيوبيا في عهده، واعتقد انها ستستمر في اداء ذلك الدور لانها الاكثر تأهيلا له، ولانها تملك الوسائل المناسبة. ومن ذات المسار ينطلق البرفيسور عوض الكرسني ليؤكد على استمرارية ذلك الدور قبل ان يصفه بالتاريخي، موضحا بان اثيوبيا تعد من بين «5» دول تاريخية في القارة السمراء، وتمتاز بمقومات تدعم من ذلك الدور ومنها تعداد سكاني بلغ «80» مليون نسمة فضلا عن تعدد عرقي يتمثل في قوميات مختلفة، وقال الكرسني ان تلك المكانة جعلت للسياسة الخارجية الاثيوبية محددات دعاها ب «الرسائل التاريخية»، واستشهد الكرسني على ذلك بتمسك اثيوبيا بتلك المحددات حتى في عهد الرئيس الراحل منقستو هايلي مريم المعروف بتوجهاته اليسارية وعدائه مع الغرب، واضاف « رغم ذلك العداء لم يتم اغلاق القاعدة الامريكية في اثيوبيا او ايقاف المساعدات الامريكية او الغربية لاديس ابابا، على ان البروفيسور يقلل من المكتسبات التي حققها نظام زيناوي للشعب الاثيوبي، بخاصة على صعيد تطبيق تجربة الفيدرالية التي اقرها الدستور الاثيوبي في العام «1994»م واعطت القوميات حق الانفصال، فهو يشير الى ان منح هذا الحق في ظل وجود حزب حاكم قوي، كالجبهة الشعبية، يتحول الى حق نظري مثل الذي كان يمنحه الاتحاد السوفيتي لاقاليمه. ويعدد البروفيسور الكرسني ل» الصحافة» التحديات التي يجب على الحكومة الاثيوبية مواجهتها للحفاظ على الاستقرار هناك، وفي مقدمتها تطبيق الفيدرالية بشكل صحيح ومحاربة الفقر، ويتابع موضحا : لا مناص للحكومة هناك من ايجاد معادلة صحيحة لحل تلك القضايا، صحيح ان اثيوبيا شهدت معدلات نمو مرتفعة وانعكس ذلك على الدخل القومي، الا ان مشاركة كثير من القوميات في ثمار ذلك لا تزال ضعيفة، وربما يكون لمطابقة تلك الحقيقة بعض ما يحدث هنا في السودان ، اثر في مطالبة الكرسني الحزب الحاكم في اثيوبيا ايضا بتحقيق فيدرالية حقيقية بعيدا عن هيمنة المركزية والعمل بجد لخفض معدلات الفقر، وهي الروشتة التي يرى فيها البروفيسور منجى وحيدا من الصراع واشتعال الاوضاع، لكنه يتوقع مع ذلك صراعا مريرا، ولو بعد حين، في اطار الجبهة الثورية الحاكمة حول السلطة في اديس ابابا.
المعارضة الاثيوبية.. مرحلة ما بعد زيناوي
وهذه القراءات للواقع الاثيوبي المعقد دفعت برئيس الوزراء الكيني ليكون اول المعربين عن قلقهم البالغ من وفاة زيناوي وتأثيره على استقرار اثيوبيا، وقال رايلا أودينجا ، امس، بإن الوضع في إثيوبيا لا يزال هشا وأن العنف الطائفي مازال يمثل تهديدا كبيرا على البلاد. وتشير تصريحات اودينجا الى تزايد فرص عودة عمليات العنف التي اندلعت بعد اعلان فوز تحالف ميليس زيناوي بالانتخابات الاخيرة، فقد اتهم التحالف وزعيمه من المعارضين السياسيين باللجوء إلى القمع لإبقاء قبضتهم على السلطة. ورغم ان تلك الانتخابات وجدت قبولا واعترافا من الغرب، فانها جرت على زيناوي اتهامات من منظمات حقوقية دولية واقليمية بقمع المعارضة واستغلال مخاوف الأمن القومي كذريعة لإسكات شخصيات المعارضة والصحفيين.
ويحسب على الرجل اتخاذ العديد من التدابير الاستبدادية تجاه المواطنين الإثيوبيين، ومنها قانون مكافحة الإرهاب«2009»، وحرمان مناطق بعينها من مشاريع التنمية كعقاب على عدائها لسلطته، فضلا عن استخدام اجراءات استثنائية بحق من توجه لهم تهم الانتماء الى الحركات المعارضة الانفصالية المسلحة مثل حركة الأورومو وجبهة تحرير الأوغادين وجبهة الاتحاد الإسلامى. فهل يمكن أن يشكل غياب زيناوي عن المشهد الاثيوبي فرصة للمعارضة لتصبح أكثر تأثيرا؟، وهل سيتيح رحيل زيناوي فرصة للاثيوبيين لاستعادة الحرية والديمقراطية في بلادهم ، ام ان النظام الذي ارساه الرئيس الراحل سيتمالك نفسه ويستعيد السيطرة على البلاد؟.
كتبت احدى عضوات الجبهة الشعبية الحاكمة في اثيوبيا، معلقة على نبأ وفاة زيناوي على الانترنت « لابد ان نتجاوز الصدمة وان لا نحزن فقط، لا يجب ان نهتم باي شئ غير المقاعد والمال»، وان كانت تلك الاجواء هي السائدة فعلا في اروقة الجبهة الثورية فانها قد لا تكون كذلك في الائتلاف الحاكم، فبعد تدهور صحة زيناوي في بروكسل قالت مصادر ل» الصحافة» بان مسرح الخلافة قد تم ترتيبه في العاصمة الاثيوبية، على صعيد جبهة التقراي وعلى صعيد الجبهة الثورية الحاكمة، لضمان عدم حدوث فراغ في الحكم ينتهز من قبل قوى المعارضة السياسية والمسلحة، وهو ما يتوقع انجازه الباحث منتصر أحمد الزين فهو لا يرى ان غياب زيناوي سيؤثر على التوازنات الداخلية في اثيوبيا بقدر تأثيره على المعادلات التي تحكم العلاقة بين دول الجوار، ويشير منتصر الى ان نظام الجبهة الثورية الحاكم في اديس ابابا يملك من الاوراق الاقليمية ما يجعله في منأي من عبث دول الجوار باستقراره، مرجحا بان تعمد الحكومة الاثيوبية في المرحلة المقبلة على التشديد من عمليات قمعها للمعارضين والصحفيين والناشطين بغية تمرير انتقال سلس للسلطة، واضاف منتصر الزين « نظام اديس ابابا قدم ويقدم خدمات جليلة لاميركا والغرب يصعب تعويضها، ولا اعتقد بانه يمكن التفريط فيه».
محك الخلافة.. مسفن أم ديسيلين؟
كانت التسريبات ابان مرض زيناوي تذهب الى ان الخليفة المحتمل قد يكون مستشار زيناوي للشئون الامنية، وسرت حمى الترشيحات حينها لدى بعض من المراقبين فسموا وزير خارجية اثيوبيا السابق وسفيرها الان في الصين «سيوم مسفن» لذلك المنصب على خلفية موقعه في الجبهة الحاكمة، الا الكاتب والمراقب للشئون الاثيوبية جمال همد قلل حينها من هذه الترشيحات بالاشارة الى ان الرئيس زيناوي كان قد اعلن مسبقا عن عدم عزمه الترشح لدورة جديدة، مما فتح الباب قبل شهور طويلة لترتيب الاوضاع سواء على صعيد الائتلاف الحاكم او جبهة التقراي التي يرأسها، وهو ما لا يترك مجالا للتكهن حول من سيخلف زيناوي لجهة التوازنات التي تحكم علاقات الفصائل التي تشكل الجبهة. وكان حديث همد حينها يحتوى على اشارة خفية بان القادم للخلافة لابد من ان يكون من قومية التقراي كبرى القوميات الاثيوبية. على كلا فان اثيوبيا سمت نائب رئيس وزرائها ديسيلين رئيسا للوزراء بالوكالة. غير ان ذلك لا يعني ضياع فرص مسفن في الوصول لقيادة الجبهة والتحالف الحاكم، وهذا بحسب مصادر سودانية اشارت الى ان الرجل يتمتع بوزن كبير في الجبهة والتحالف، وان ما يتردد عن ابعاده من اديس ابابا ليكون سفيرا لها في بكين، لا يعني اقصاءه من كابينة القيادة في الحزب الحاكم، واعتبرت تلك المصادر بان وزير خارجية اثيوبيا السابق هو المرشح الانسب لخلافة زيناوي في المرحلة المقبلة. وربما يحدث ذلك فالباب سيظل مفتوحا طالما سيسير ديسيلين الوزارة بالوكالة، فقد نقلت وسائل اعلام من اثيوبيا وجود اتجاه بالابقاء على ديسيلين المنحدر من مناطق جنوب اثيوبيا لحين الانتخابات العامة المقررة في «2015»، وربما يكون في ذلك الخيار اخلالا بالتوازنات داخل الجبهة الثورية الحاكمة، حرصا على عدم حدوث صراع على المقعد بين قياداتها من قومية التقراي، الا انه سيشكل بطبيعة الحال اشارة طيبة وان كانت غير مقصودة على حرص الجبهة على تعزيز الوحدة الوطنية. ورغم المخاوف المتنامية خارج اثيوبيا من تأثيرات غياب زيناوي والخشية من اندلاع صراعات على خلافته، فان بعض المراقبين يقللون من الامر بالاشارة الى ان شخصية الخليفة لن تحدث اي تغيير جوهري في السلطة لانه قد تم الاتفاق في اديس ابابا بين المؤسسات الحاكمة على كيفية التعامل مع الثلاثة ملفات تعد الاهم، والاول بحسب جمال همد العلاقات مع السودان، والثاني يختص بكيفية التعاطي مع المعارضة الاثيوبية، والاخير هو « الصومال»، وزاد همد« ولا اعتقد ان رئيس الوزراء السابق كان يحكم لوحده، فغالبا ما تصدر القرارات عن توافق واتفاق».
زيناوي.. مسيرة لافتة
الصحافة ووكالات:
وضع رحيل رئيس الوزراء الاثيوبي صباح امس العالم في مواجهة مخاوفه المضطردة من تأثير غياب زيناوي على الاستقرار في الهضبة الاثيوبية واريتريا وعلى الاوضاع الهشة في منطقة القرن الافريقي، فقد كان ميليس بمثابة الحليف الموثوق به للولايات المتحدة الاميركية وعدد من دول العالم التي تعد من الأكثر نفوذا في تشكيل المشهد الدولي، بخاصة في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب.
والواقع ان رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل كان بحق رمانة الميزان في تنفيذ عدد من الخطط والسياسات الموجهة للقارة الافريقية وعلى رأسها خطة تخليص الصومال من جماعة المحاكم الاسلامية المتشددة، ومكافحة الجماعات التي تتهمها واشنطون وحلفائها بدعم ورعاية الارهاب، فضلا عن رؤى وتصورات اممية لمستقبل القارة الافريقية وكيفية معالجة عدد من قضاياها المشتعلة، وقد ظل زيناوي يتلقى المديح من الغرب منذ صعوده على كرسي السلطة في الدولة الامبراطورية عام 1991م، وربما لهذا فقد يصعب تحديد تأثيرات هذا الرحيل وتداعياته بدقة، بخاصة مع تعاظم موجات القلق في العواصم الغربية بعيد رحيله، وفي ظل بقاء مسببات النزاع الدموي بين «اديس ابابا» و»اسمرا» مشتعلة، وخطوط التواصل بين الاولى والقاهرة مقطوعة على خلفية مياه النيل والخلافات حول سدود اثيوبيا المعتزمة، لكن اغلب المراقبين يرجحون ان وفاة زيناوي ستحدث تغييرا كبيرا في إثيوبيا وربما القرن الافريقي والقارة، وستلقي بظلالها على ملفاتها المتشابكة من «اسمرا» الى « القاهرة « وربما مقديشو ، وذلك استنادا على طرائق الزعيم الراحل في ادارة اثيوبيا وخلافاتها وعلى طبيعة التحالف الهش الذي يحكم البلاد وفق ائتلاف ذي طابع اثني اكثر مما هو استراتيجي.
مولده وتعليمه
ولد ميليس يوم 8 مايو 1955 في بلدة أدوا بإقليم تيغراي شمال إثيوبيا لأب من البلدة نفسها وأم من قرية أدي كوالا في إريتريا.
وكان اسمه عند مولده ليغيس قبل أن يبدله إلى ميليس تيمنا بناشط أعدمته الحكومة الشيوعية في 1975 عندما كانت على سدة السلطة بإثيوبيا في ذلك الوقت.
أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة الجنرال وينجت العليا بأديس أبابا، ثم درس الطب في جامعة أديس أبابا «التي كانت تُسمى آنذاك جامعة هيلا سيلاسي» لمدة عامين، قبل أن يقطع دراسته في 1975 ليلتحق بجبهة تحرير شعب التيغراي. وحصل ميليس على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة البريطانية المفتوحة عام 1995، وفي يوليو 2002، نال درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة هنام في كوريا الجنوبية، وماجستير العلوم في الاقتصاد من جامعة إيراسموس الهولندية عام 2004م.
وعندما كان عضوا في جبهة تحرير شعب التيغراي أسس رابطة التيغراي الماركسية اللينينية. وكانت جبهة تحرير شعب التيغراي إحدى المجموعات المسلحة الكثيرة التي كانت تحارب ضد حكم المقدم منغيستو هايلي مريام. واستطاع ميليس أن يوسع قاعدة سلطته بتأسيس ائتلاف الجبهة الثورية الديمقراطية للشعب الإثيوبي التي ضمت مجموعات عرقية أخرى إلى جانب التيغراي. وعندما فر منغيستو في مايو 1991 من إثيوبيا متوجها إلى زيمبابوي، دخل ميليس وقوات الجبهة الثورية الديمقراطية العاصمة أديس أبابا ليشكلوا حكومة انتقالية برئاسته ويضعوا نهاية للحرب الأهلية.
سرت شائعات في يونيو الماضي بأن زيناوي يعاني من مرض خطير بعد أن غاب عن مؤتمر قمة للاتحاد الأفريقي انعقد في عاصمة بلاده أديس أبابا،
وإبان توليه رئاسة الحكومة الانتقالية، انفصلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993م، وفي أغسطس 1995 أُعلن قيام جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية.
واعتلت الجبهة الثورية الديمقراطية للشعب الإثيوبي سدة الحكم بعد انتخابات مثيرة للجدل جرت آنذاك، ليصبح ميليس زيناوي على إثرها أول رئيس وزراء لإثيوبيا.
وبين عامي 1998-2000 اندلعت اشتباكات حدودية بين إثيوبيا وإريتريا أسفرت عن مقتل 80 ألف شخص، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وفي مايو 2005 أدلى الإثيوبيون بأصواتهم فيما عُرف وقتها بأنها «أول انتخابات ديمقراطية حقيقية» تشهدها البلاد، حيث حصل التحالف من أجل الوحدة والديمقراطية المعارض على تأييد هائل في المدن والبلدات.
غير أن العنف اندلع في أديس أبابا بعد أن ادعى تحالف المعارضة أن ائتلاف الجبهة الثورية الديمقراطية زوَّر الانتخابات. ولقي 19 مدنيا وسبعة أفراد من الشرطة حتفهم في تلك الاحتجاجات.
وفي ديسمبر 2006، أرسلت إثيوبيا قوات إلى الصومال لطرد الإسلاميين من السلطة. وقال محللون إن زيناوي اتخذ هذه الخطوة بدعم من الولايات المتحدة تتويجا لعلاقات وثيقة سعى لبنائها مع الغرب منذ إطاحته بنظام منغيستو. وقد انسحبت القوات الإثيوبية من الصومال في يناير 2009م.
وفي ديسمبر 2009، مثل ميليس زيناوي القارة الأفريقية في مؤتمر كوبنهاغن للمناخ، مما عزز مكانته ك»زعيم»، رغم الاتهامات التي وجهتها له المعارضة بأنه يتصرف ك»حاكم مستبد».
وفي مايو 2010، اكتسحت الجبهة الثورية الديمقراطية انتخابات البرلمان المكون من 547 مقعدا ليفوز ميليس بولاية رابعة كرئيس للوزراء، وهي الانتخابات التي وصفها مراقبون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنها لم ترق للمعايير الدولية، مما حدا بالمعارضة للمطالبة بإعادتها.
وفي أبريل 2011، جاهرت إثيوبيا بدعمها لمتمردي إريتريا الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس أسياس أفورقي. وفي مارس 2012 اعترفت بأن قواتها شنت هجمات على متمردين إثيوبيين داخل الأراضي الإريترية.
وفي يونيو 2012 سرت شائعات بأن زيناوي يعاني من مرض خطير بعد أن غاب عن مؤتمر قمة للاتحاد الأفريقي انعقد في عاصمة بلاده أديس أبابا. وفي 21 أغسطس 2012، أعلن التلفزيون الإثيوبي الرسمي وفاة ميليس بمرض مفاجئ في وقت متأخر من مساء 20 أغسطس.
وميليس زيناوي كان متزوجا من آزب مسفين، وهو أب لثلاثة أطفال. وتترأس زوجته حاليا لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان.
السودان واثيوبيا..
زلزال ميليس
لكن ما مدى اهمية الحفاظ على الاستقرار في اثيوبيا وفي تماسك حكومتها للحكومة السودانية؟ وهل من تأثير للاوضاع هنالك على السودان وقضاياه وابرزها ملف العلاقات مع الجنوب، والمفاوضات التي تحتضنها اديس ابابا منذ اعوام؟
الحكومة السودانية سارعت عبر خارجيتها لتؤكد على استمرار هذه العلاقات وصمودها، وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية العبيد أحمد مروح بان العلاقات السودانية الاثيوبية ستظل قائمة على حسن الجوار بالرغم من رحيل رئيس الوزراء الاثيوبي زيناوي مستبعدا تأجيل المفاوضات حول القضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا، بفعل ذلك الرحيل لزيناوي.
وقال مروح ل»الصحافة» امس ان رحيل زيناوي فقد للقارة الافريقية باكملها وحول تأثير الامر على المفاوضات الجارية بين الخرطوم وجوبا قال « لا اعتقد ان اديس ابابا تلعب دور الوسيط المباشر في المفاوضات الجارية مع جنوب السودان الوساطة المباشرة تقوم بها الآلية الافريقية رفيعة المستوى» وتابع « لكن اذا كان هناك دور شخصي كان يقوم به زيناوي بين الخرطوم وجوبا فانه حتما سيتوقف بعد رحيله ولكن تعاون البلدين ودورهما في السلام سيستمر».
واكد المروح ان وزير الخارجية علي كرتي اجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الاثيوبي للاطمئنان على الاوضاع ونقل تعازيه، واضاف « تلقى كرتي تطمينات من الوزير الاثيوبي انه سيتولى منصب رئيس الوزراء وفقا لماينص عليه دستور بلاده». وهذا فيما استبعد وكيل وزارة الخارجية السفير رحمة الله محمد عثمان في تصريح ل»الصحافة» تأجيل المفاوضات الجارية بين السودان وجنوب السودان في اديس ابابا على خلفية وفاة زيناوي ، وقال ان الحكومة الاثيوبية ليست طرفا مباشرا في المحادثات لان الامر بيد الوساطة الافريقية الرفيعة المستوى برئاسة ثابو امبيكي. ويمضي مراقبون في ذات الاتجاه المؤكد على استمرار العلاقات وصمودها، لكنهم يطرحون اكثر من سبب لذلك بلغة تجافي دبلوماسية الحكومة ومنسوبي حزبها الحاكم، فالبرفيسور عوض الكرسني يعود ليقول بوضوح ان العلاقات بين البلدين ستستمر كما هي ذلك لان اي تحرك اثيوبي لدعم اعداء الحكومة او دولة الجنوب سيجابهه رد مماثل، ويتابع الكرسني موضحا :السودان يملك الرد وتجربة دعمه لاريتريا والجبهة الثورية في اثيوبيا عام «1991» كانت مفصلية في سقوط نظام «الدرك» في اديس ابابا. غير ان البروفيسور يستدرك ليورد ايضا عوامل اخرى ذات صلة،ومنها العلاقات الاقتصادية وتجارة الحدود والتسهيلات الممنوحة على جانبي الحدود، الا ان الكرسني يعترف بان غياب زيناوي تحديدا سيؤثر على الدور الاثيوبي في ملفات السودان ومنها المفاوضات مع الجنوب، ثم يزيد « ميليس كان احد حكماء القارة .. لكن تلك المفاوضات ستستمر!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.