من المتوقع ان تلتئم المفاوضات بين الخرطوم وجوبا نهاية الشهر الجاري بعد توقف دام عدة ايام عقب إقرار الطرفين لاتفاق بالأحرف الأولى على اعادة تصدير بترول الجنوب عبر موانئ شرق السودان، وكانت حكومة جنوب السودان أوقفت تصدير النفط لجهة عدم توصل الطرفين لاتفاق حول سعر عبور النفط عبر الاراضي السودانية غير ان الوسطاء الأفارقة في مايسمى بالآلية رفيعة المستوى لمفوضية الاتحاد الافريقي استطاعوا إقناع الطرفين بالتوافق على سعر محدد اعتبر مجزيا للجانبين وطويت أوراق المفاوضات حول النفط عند هذا الحد على ان تستأنف دولة جنوب السودان عمليات ضخ البترول عبر الأنابيب متى ما اكتملت الإجراءات الفنية المرتبطة بهذه المسألة . اذا السؤال المسيطر على الاجواء الآن هو ماهي أجندة الطرفين في جولة المفاوضات المرتقبة وهل ستطول الجولة بين الجانبين لتوافي ميقات ضخ البترول دون ان يحرز الطرفان اي تقدم على صعيد القضايا العالقة الأخرى؟ ام ان الآلية آلاف ريفية بقيادة امبيكي ستقود دفة المفاوضات وتلزم الطرفين بالتوقيع على اتفاقية سلام شاملة على غرار نيفاشا تنهي كافة اشكال النزاع والمواجهات بين السودان وجنوب السودان ؟. ان المراقبين يرجحون امكانية توصل الأطراف السودانية المتنازعة كافة الى توافق شامل لانهاء الأزمة السودانية ككل خصوصا وان توصل الشمال والجنوب لاتفاق حول النفط يمهد الأرضية للمزيد من التفاهمات حول مختلف الجوانب خصوصا شكل العلاقة بين الجنوب والشمال في ظل وجود منافع مشتركة تؤسس ليس لاتفاق حول الحريات الأربع فحسب بل للخمسة والستة والسبعة والثمانية باعتبار ان الاتفاقية الشاملة المرتقبة لن تكون مجتزئة عن ما توصل اليه الطرفان بخصوص النفط عوضا عن ان التفاوض مع قطاع الشمال بقلب مفتوح سيفتح الباب على مصراعيه لحل العديد من الأزمات السودانية المنافية الأخرى. فالأزمة ليست بسبب الخلاف حول البترول فحسب تنتهي بالتوافق على سعر محدد ان الأزمة اكبر من ذلك بكثير والدليل على ذلك هو تكاثر الوسطاء والمبعوثين وعدم قدرة السياسيين السودانيين على الاعتراف بان لديهم مشكلة تحتاج الى الحوار فيما بينهم والبحث عن حلول قبل ان تفرض فرضا من الخارج. وبحسب تراتبية أجندة التفاوض فان الجولة المقبلة ستكون من اشق الجولات على وفدي التفاوض باعتبار انهما مطالبان بإخضاع الحوار بينهما لأقصى درجات المرونة وهما يناقشان المسائل المعقدة وتحيط بهما صيحات دعاة الحرب من الجانبين وتؤثر على قدراتهما في إدارة حوار هادف ومثمر يفضي الى إقرار اتفاقية سلام شامل بكل ما تعنيه الكلمة استنادا الى ما تحقق من توافق بني اساسا على مصلحة مواطني الشعبين اللذين عانيا كثيرا بسبب الانفصال . إذن ينتظر مواطنو البلدين بترقب حذر الى نتائج جولة المفاوضات القادمة وهو انتظار يشابه الى حد كبير الطرفة السودانية الشعبية التي راجت على عهد الريس السوداني الأسبق المرحوم جعفر محمد نميري فقد كانت الحكومة في تلك الايام تمني اهل السودان جميعا شماليين وجنوبيين بقرب استخراج البترول وانقشاع سحب الضوايق الاقتصادية التي زايلت حياة السودانيين لعقود حتى ان بعض المسرحيين اخرج مسرحية بعنوان في انتظار البترول انه انتظار كتب على اهل السودان شمالا وجنوبا ان يظلوا هكذا في حالة انتظار وترقب دون جدوى، فهل سيكون مصير ما تبقى من جولات التفاوض هو حظ الشعب من رفاهية البترول وعائداته غير الملموسة تاريخيا؟