لم تُحظَ قضية بولاية البحر الأحمر باهتمام وتفاعل كبيرين وغير مسبوقين من الرأي العام المحلي مثلما وجدت الحادثة التي اشارت اليها بعض الصحف الاسبوع الماضي كاشفة عن محاكمة قيادي بالولاية لضلوعه في اعمال فاضحة وقعت بالخرطوم اواخر شهر رمضان، لتأخذ القضية على اثر ذلك مناحي سياسية. واذا كانت واقعة مازعم انه محاولات اعتداء من الرائد احمد صالح ، على الوالي الدكتور محمد طاهر ايلا قد حازت على اهتمام كبير من الشارع بالولاية ووضع تنازل الشاكي حدا لفصولها ،فان القضية الاخيرة وجدت متابعة من كل شرائح المجتمع بالولاية،وبرغم ان الصحف التي اوردت الخبر لم تشر مباشرة الى اسم القيادي الذي تمت محاكمته واكتفت بعضها بذكر الاحرف الاولى للاسم الرباعي ،الا ان اشارة بعض المواقع الاسفيرية الى ان المقصود هو نائب رئيس الحزب محمد طاهر احمد حسين(دون ان تقدم دليل مادي) ،ورغم ان اختصار الاسم (م،ط،م،ح) لا ينطبق عليه كما يؤكد بعض مناصريه،لعبت دورا كبيرا في اضفاء اثارة وجاذبية على الخبر الذي وبحسب من تحدثوا ل(الصحافة) عبر الهاتف امس لم يخلُ مجلس خاص او عام هذه الايام بالولاية عامة وبورتسودان خاصة من تناوله،ويشيرون الى انه اذا كان المتهم قياديا آخر بخلاف نائب رئيس الحزب لما حاز الخبر على متابعة واسعة وذلك من واقع مكانة الرجل بالولاية ووجود تيارات مؤيدة واخرى مناهضة لسياساته التي يعتبرها انصاره من اسباب تقوية أذرع الحزب الحاكم ونجاحه بالولاية ،معتبرين ان عطاءه الثر جعله الرجل الثاني بالولاية من حيث التأثير والقدرة على اتخاذ القرارات ووضع السياسات ،ويرون انه احد ابرز المساهمين في نهضة الولاية التنموية ،اما معارضوه الذين وجد بعضهم الحدث فرصة للنيل منه رغم عدم وجود ما يؤكد ضلوعه في الاعمال الفاضحة فقد اشاروا الى انه يتحمل كل الخلافات التي تعيشها الولاية ويعتبرونه السبب الاساسي وراء ابتعاد الكثير من القيادات عن الحزب الحاكم ،ويدمغونه باستعداء عدد من المكونات السياسية والمجتمعية بالولاية،ويطالبون بابعاده،ورغم ان هناك من اعتبر انه المعني بالشائعة الا ان نائب رئيس المؤتمر الوطني محمد طاهر أحمد حسين نفى في حديث مقتضب عبر الهاتف مع (الصحافة) ان يكون معنيا بالامر ،وزاد(لا اعير هذا الحديث اهتماماً لانني لست معنياً به). وبتوالي الاحداث لم يتوقف الامر عند محطة نائب رئيس الحزب فقد اخذت القضية منحىً مختلفاً بعد ان اصدرت عدد من المكونات السياسية والقبلية بيانات ادانت فيها جهات (لم تسمها) واتهمتها باستهداف الولاية وقيادات ورموز الشرق والعمل على ايقاف التنمية ،معتبرين ان هناك من يريد اضعاف والي الولاية عبر النيل من ابرز مساعديه ،مرجعين ذلك الى ان الدكتور ايلا ظل حريصا على حقوق الولاية وانه دخل في صراعات مع الكثير من المؤسسات المركزية،ولعل ماعزز فرضية وجود استهداف على الولاية تأكيد نائب رئيس الحزب محمد طاهر احمد حسين في تصريح لصحيفة برؤوت استمرار التنمية بالولاية وعدم الاهتمام بالذين يريدون صرف انظارهم بمعارك جانبية وانصرافية ،معتبرا افتتاح مهرجان السياحة الصيفي ردا بليغا على الذين يثيرون الشائعات،وكان والي الولاية قد طالب في اجتماع مع قيادات بعدم تصعيد القضية ،وطلب منحه مهلة لثلاثة ايام لتقصي حقيقة الامر في الخرطوم التي يتوقع ان يكون وصلها امس. ويرى القيادي بالاتحادي الاصل الفريق عثمان فقراي الذي يعتبر من ابرز معارضي سياسة حكومة ايلا ان هناك غموضا يحيط بالقضية وان تفاصيلها تبدو غائبة وغير مكتملة ،الا انه لم يستبعد فرضية وجود استهداف يتعرض له نائب رئيس الحزب بالبحر الاحمر ،وقال في حديث ل(الصحافة) انه حتى الآن لايوجد مايجزم انه المتهم المعني ،مرجعا تفاعل اهل الولاية مع القضية لاعتقاد الكثير منهم ان قيادات الشرق تتعرض لاستهداف ،وقال ان الاعلان عن الواقعة في الصحف بدا وكأن الهدف منه التشهير وهو الامر الذي اعتبره فقراي سببا للتشكيك في ان هناك اهدافاً من ورائه. الا ان قيادي بالمؤتمر الوطني بالولاية (رفض الكشف عن هويته) قال في حديث ل(الصحافة) ان صمت حكومة الولاية ليس له مبرر ،وقال انه فتح الباب امام الشائعات والتأويلات ،مطالبا بكشف الحقائق المتعلقة بالقضية كاملة للرأي العام حتى يعرف الجميع من المعني بالخبر وهل هو حقيقة ام افتراء ،ولتوضيح اهداف الجهة التي قامت بنشره والترويج له،الا ان القيادي لم يستبعد فرضية وجود استهداف للولاية. رغم ان هذه القضية تستحوذ على اهتمام كبير الا ان الغموض مايزال يكتنفها ولم تخرج جهة رسمية لتأكيدها او نفيها او لتحديد المتهم الحقيقي،ويعتبر مراقبون ان الامر برمته لايخرج من سياق تصفية الحسابات السياسية.