يعتقد الكثيرون بان انتاج مسلسلات دراما تاريخية سودانية امر غاية فى السهولة والبساطة وحينما يتحدث بعض المعنيين من اهل الدراما عن كلفة تلك الاعمال لايتجاوز افق خيالهم حدود التواضع. مسلسل "عمر" الذى يحكى قصة سيدنا عمر بن الخطاب الذى انتجته وعرضته قناة mbcخلال شهر رمضان المنصرم وأثار الكثير من الجدل حول تجسيد شخصية الفاروق عمر استخدم فيه 1970 سيف و650 رمح و1500 حصان و3800 جمل و1050 ساترا و4000 سهم و400 قوس و170 درعا و14200 متر من القماش و137 تمثال و39 خبير أزياء وخياط، 1600 قطعة فخار و10000 عملة معدنية 7550 نعل وشارك فيه 10ألف مقاتل و 322 ممثل وممثلة و299 فنيا من 10 بلدان قاموا بإعادة بناء الكعبة القديمة وإحيائها على مساحة 12 ألف متر مربع، وقد استغرق التصوير 10 أشهر بمعدل 18 ساعة تصوير فى اليوم الواحد والاهم ان ميزانية انتاج المسلسل بلغت نحو 50 مليون دولار قد تبدو هذه الاحصائية محبطة للذين يحلمون بمشاهدة مسلسلات سودانية تجسد وقائع التاريخ السودانى القديم والحديث او توثق لسيرة الابطال والشخصيات التى لعبت ادواراً مؤثرة فى الحياة السودانية ،ولكن تلك هى شمس الحقيقة الساطعة بدون اموال ضخمة لن نستطيع تصوير اعمال ذات قيمة فنية عالية قادرة على اقناع المشاهد المحلى ولفت انتباه الآخرين خارجيا. والشاهد ان صناعة الدراما التلفزونية اضحت مكلفة للغاية وهى فوق طاقة الدولة التى لاتنظر فى هذا الاتجاه وفق نظرية الاولويات والرأس المال الخاص الذى يخشى ولوج هذا المجال بحسابات الربح والخسارة وهو على يقين بأنه اقرب الى الخسارة فى ظل محدودية وسائط الاعلام المرئى وضعف قدرتها المالية فى ظل شح الاعلان وارتفاع كلفة التشغيل ومجانية المشاهدة، وبالطبع فإن المحصلة النهائية لهذا الواقع المؤلم هو لن تكون هناك دراما سودانية مقنعة وكل محاولات الاجتهاد سوف تنتج اعمالاً كسيحة ومشوهة تساهم فى تكريس صورة غير ايجابية للدراما السودانية بكل اشكالها فى ذهنية المتلقى وتعديل ذلك يكلف الكثير من الجهد والوقت ومن الافضل برأى ان نتوقف عن التفكير فى انتاج دراما تلفزيونية وسط كل هذه المعوقات . وللاسف كل الورش التى نظمت فى اطار ايجاد حلول لم تثمر وانتهى بها المطاف فى اضابير ادراج المكاتب وذلك امر طبيعى فى سياق معركة غير متكافئة، وليكتفِ الدراميون باداء الادوار الصغيرة عبر الاثير من اجل لقمة العيش حتى ينبلج نورامل فى كواليس هذه الازمة التى حيرت الجميع ! [email protected]