٭ أهمية الحوار تجعلنا نواصل الدعوة إليه؛ لأن بلادنا في حاجة ماسة وملحة لهذا النهج؛ ولأنني متأكد بأننا سنجد فيه العلاج الناجع لآلام وأوجاع هذا الوطن المجروح.. ٭ إن دعوتنا للحوار لابد أن تسبقها دعوة لإزالة رواسب الواقع السيئة وإزالة شوائب النفوس وأحقادها وأغلالها؛ لأن مثل هذه الاشياء هي التي انتجت الحرب وأشعلت نيرانها عوامل البغضاء والكره والتنافر.. ٭ قبل الدخول في الحوار لابد أن نطرد كل العناصر السيئة التي تعشعش في النفوس وتحولها إلى كائنات ضد بعضها البعض، وبالتالي تخرب بيدها وطنها.. ٭ لابد أن يكون شعار كل واحد منا في المرحلة القادمة (أحصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك) ومثل هذا الشعار نحن في أمس الحاجة إليه.. وأمننا واستقرارنا ووحدتنا بحاجة الى إلفتنا ومحبتنا لبعضنا البعض لنتجاوز كل إحن الماضي وسيئات واقع الحرب والدمار.. وهذا بطبيعة الحال لا يتأتى إلا بحوار عميق ومتواصل بين مكونات الوطن المتعددة. حوار لا يتجه إلى المساجلة والمماحكة، وإنما إلى الفهم والتفاهم. حوار لا يشرع للقطيعة والتباعد وإنما يؤسس للتلاقي وتنمية المشترك الديني والوطني والانساني.. حوار لا يجامل ولا يداهن ولكنه يؤسس للاحترام والإعتراف بالآخر دون التعدي على حقوق الآخرين وقناعاتهم ورموزهم وشخصياتهم.. ٭ إن الحالة السودانية أحوج ما تكون اليوم للخروج من إحن الماضي ومراراته وأحقاده، نحن في حاجة إلى الانعتاق من أسر الحرب والتخلف والخلاف. نحن بحاجة الى التحرر من الانطباعات والمواقف التي تبرر لنا الفرقة والتشتت وتؤسس للحقد والكره، وبالتالي توفر أسباب الحرب واستمرارها. ٭ الأمن الإجتماعي والوطني اليوم بحاجة إلى كل خطوة ومبادرة، تتجه صوب الآخر وتنسج علاقات إيجابية معه على أسس الحق والمواطنة. ٭ وليعلم جميع الفرقاء بأنه ليس هنالك فهم للوحدة ما لم يكن هنالك فهم لمعنى التلاقي والاحترام والتفاهم بين شرائح المجتمع ومكونات الوطن المتعددة. ٭ فالوحدة ليست شعارات ترفع كما كانت تمارس هيئة دعم الوحدة التي أهدرت المليارات في الهتافات والشعارات، ولم يكونوا يعلمون ان الوحدة رسالة ينبغي أن تتجسد في واقعنا ولا يمكنها أن تتجسد وتبني إلا بالحوار والتلاقي والتواصل والتفاهم والاعتراف بالآخر المختلف والمغاير.. ٭ وليعلم الذين يحملون السلاح وغيرهم من أبناء الوطن انهم حينما يمارسون الحرب بحق الذين يخالفونهم الرأي والفكر والنهج فإنهم بحق يدقون اسفينا خطيرا في البناء الوطني والاجتماعي.. فالاختلاف مهما كان شكله ونوعه لا يبرر للإنسان ممارسة الحرب والظلم تجاه المختلف معهم.. ٭ ليعلم جميع الفرقاء أن عوامل الإختلاف لا تنتهي وتندثر بممارسة الحرب، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ أن هذه الممارسات تزيد الاختلافات اشتعالاً وتدخلها في دوائر جديدة تهدد أمن الجميع واستقرارهم، وهذا ما حدث بالضبط في مشكلة دارفور. ٭ إنني أطلقها صرخة من هنا بأنه آن الأوان بالنسبة لنا جميعاً كسودانيين لفك الإرتباط بين الإختلاف والشحناء والبغضاء.. ٭ واختم حديثي هذا بأنه من غير توفر الإرادة والنية الصادقة فإنه ستبقى دعوتنا للحوار قشرية وبعيدة عن المسار الحقيقي.. ٭ لابد أن يكون الحوار بين مكونات الوطن الواحد هو من الخيارات الاستراتيجية، وينبغي أن توفر له كل الشروط المفضية الى تجسيده في فضائنا الإجتماعي والسياسي، وبهذا سنصون وحدتنا ونقوي وطننا . اللهم إني قد بلغت فاشهد.