يصادف الرابع والعشرون من سبتمبر الجارى الذكرى السنوية الاولى لرحيل العندليب الاسمر زيدان ابراهيم، فهو عام من الغياب السرمدى يقترب من الاكتمال، ومازال وتر فقده فينا مشدوداً بطول وعرض الوطن، وأصداء صوته تملأ فضاءات الوجدان بأنسام أريج المشاعر الدافئة الراقية التي سوف تظل تجمِّل نهارات حياتنا بقنديل الأمل والصبر الجميل.. وليالينا بالحزن النبيل.. عام مضى ونحن نرقب الأفق البعيد هناك حيث توارى طيف الفنان الإنسان.. وكل الشواهد تقسم وتجزم بأن زيدان محمد إبراهيم لم يكن إلا استثناءً جميلاً وصوتاً غير قابل للاستنساخ وفق قوانين الهندسة الوراثية، وأن صفاته الإنسانية كانت متفردة بشهادة كل الذين أسعدتهم الأقدار بالقرب منه، ولأجل كل ذلك التصقت به في حميمية أجيال متباينة الرؤى والأعمار كان انحيازها الأول والأخير للتفرد والإبداع. وقد استطاع الراحل أن يرسي مدرسة فنية متفرّدة الألحان والكلمات خضراء المعاني كثيفة الظلال والعبير، فالعشق في أغنيات زيدان نبيل وفريد، والحبيبة حورية بحر من نسيج المعاني والأماني الكبار، والحزن فيها عميق كالبحر ينطوي على فلسفة عميقة مفادها أنه أصل الأشياء. وأروع ما في أغنيات العندليب أنها غرّدت بخلجات إحساس كل السودانيين.. ورحل زيدان عنا رحيلاً فجائياً بحسابات الأعمار والآجال التي لا يعلمها إلا الباري.. وخلَّف فينا إرثاً قيماً من الأغنيات التي تحتاج إلى الجمع والتوثيق لتكون في متناول الجميع سلوى وملاذاً. ونحن نقترب من سنوية الرحيل الأولى ننبه كل معجبيه والمؤسسات المعنية وفى مقدمتها وزارة الثقافة والإعلام واتحاد الفنانين ومجلس المهن الموسيقية والمسرحية والأجهزة الإعلامية والزملاء في مجال الصحافة الفنية، لإحياء ذكرى زيدان وتسليط الضوء على ملامح شخصيته وتجربته الفنية وصفاته الانسانية، وفى ذلك بعض الوفاء والسلوى. وتبقى الإشارة المهمة إلى أهمية تخليد اسم الراحل بمؤسسة ثقافية ترقى لقامته، او اطلاق اسمه على احدى قاعات كلية الموسيقى والدراما او استديو بالاذاعة او التلفزيون، واقترح على محلية شرق النيل ان تطلق اسم زيدان على «شارع واحد» الحاج يوسف المؤدى الى داره التى كانت عامرة بالانسانية.. وقبل ذلك فليعمل الجميع على استمرار مشروعه الفنى عبر الاجيال. وفى مقام الذكرى باقة ورد ندية نهديها لرفقاء دربه التيجانى حاج موسى رئيس اللجنة العليا الخاصة بأسبوع تخليد الراحل الذى تتخلله العديد من الفعاليات، وتحية الى عمر الشاعر ولكل الشعراء الذين كتبوا اجمل قصائد زيدان بحبر الدهشة الأخاذ، وأحالها صوته الى عرائس من البهجة والجمال تأخذنا طرباً وتزرعنا فى قلب النجوم.. عفواً هذه الحروف ليست بكائية على أطلال الذكرى بل وقفة لتجديد فروض الولاء والطاعة للصوت الذي اقتحمنا طوعاً، فسمحنا له بإقامة دائمة في دواخلنا يحفه حرز الشوق الخالد والإعزاز. [email protected]