٭ اليوم نمنحهم مساحة من مدادنا وأوراقنا، لكنها بقدر كل هذا العالم الذي خلقه الواحد الأحد في قلوبنا، ممزوجة بالمحبة والجمال والإلفة، نعترف فيها بعفوية واندياح سلس بمخزون الحكمة وميزان النصيحة وفطرة الفراسة في قراءة الحدث التي خصها الله بهم فصلحت لكل زمان ومكان.. توارثتها الأجيال، وصارت علماً يركن إليه الباحثون في أضابير معرفة الذكاء النقي الذي لم يتم عرضه على جهاز أو قياس (IQ) لتبقى الافواه رافداً لجميل العطاء الثر في مجتمع لم يتأهب اليوم للاحتفال باليوم العالمي للمسنين. ٭ المسن هو أول الأمل الذي دفقه ودفعه في الحياة فصارت «مفتاحاً أخضر» لأجيال تعاقبت على ظهر البسيطة.. حصدت اولاً ثم زرعت فعاودت كرَّة العطاء لغيرها حتى علت «الموسوعة» ابداعات الاجيال التي اختزنتها، وكان مصدرها كبار السن في هذه العائلة او تلك، والتي تفخر به سودانياً يمازج العطاء دليلاً على رمزية الزمن القديم الذي اقترن بحقبة جديدة أمنَّت على امتداد الجذور بواقعية ملموسة. ٭ اليوم نجدهم في كل بيت يبعثون التفاؤل في النفس.. يشاركون ويشتركون في مشوار الحياة.. يبددون وحشتها القاسية وزمنها القاتل بضحكة تمتد حتى النواجذ رغم خلو مكانها لكنها سمحة وماهلة وجاذبة الى الدفء. ٭ درجت بعض المنظمات على زيارة دار المسنات والمسنين لبث روح جديدة تنشر في فضاء الدور التي فارقتها عواطف ومشاعر ودفء الأسرة الممتدة، فباتت نائية عن لغة مشتركة تمنح المسن رباطاً جديداً بحياة يتمنى حراكها وصوت أطفالها.. البراءة والدهشة.. ٭ مبادرة المجموعات الشبابية تجاه المسن تحكي الارتباط الأزلي الطبيعي في دوران الحياة التي كان يعيشها المسن قبل أن يؤول به الحال لدار جمعته بأقران قذفت بهم نوائب الزمن لقلبها، وقلبهم مازال ينبض بالذكرى خاصة عندما تتناغم الكلمة والموسيقى في الاحتفالات الترفيهية للدار، فنجدهم ينغمسون في عمق وهوية قديمة رغم فقدان زمانها ومكانها لكنها حية بلغة المشاعر والذكرى. ٭ مزيد من الالتفات تجاه المسن، فهو الكنز وسر الحياة، وإن عجز عن تقديم ما لديه فتكفي الصورة القديمة النقية البهية التي كم استمدت الأسرة من بهائها الإشراق والإلق، وهذه وحدها تكفي للاهتمام بدار المسنين اهتماماً يعني سمو مكانتهم في القلوب (لا) واجباً من مؤسسات تنفحهم مالاً غير ملفوف (بعناية) المحبة والتقدير والود لمسيرة حقبة متميزة، لذلك يجب أن تكون أول المبادرات من الرعاية الاجتماعية وجود حيوي داخل الدور يبقى عنواناً للتواصل المستدام، وليس فقط خلال أيام رسمية مفروضة توقظ الحنين.. داخل الرعاية الاجتماعية، فتستعيد الذكرى وتناديها لتغشى معها دار المسنين والمسنات. ٭ همسة: منحته قلبها يوماً.. فغافلها على زمن العشق القديم.. وباع ذكراها في نهار الكذب الأليم... لكنها.. طوت الصبح والمساء.. إلا وجهه... فقد كان المستحيل..