٭ علاقات المودة بين الناس شيء مهم.. مهم جداً.. والكلمة الجميلة والعبارة الرشيقة والمواساة الصادقة والتهنئة الحارة.. كلها أشياء تكسب الحياة مسحتها الانسانية وتهب جوانبها الجافة شيئاً من النداوة وعطر الانتعاش.. ألم يقل أهلنا «الكلمة الطيبة بخور الباطن».. وهذا ما نسميه المجاملة وعندما نريد ان نمدح أحداً نصفه بانه مجامل أو مجاملة. ٭ مجامل بمعنى ان يقف مع الآخرين في جميع ظروفهم.. ظروف الفرح والحزن والمرض وجميع مشاكل الحياة يقف بلا انتظار مقابل.. يفعل هذا مع الكل بلا استثناء لانه انسان صادق في عواطفه ومشاعره وصادق مع الناس. ٭ اذن المجاملة في حدود مشروعة ومفهومة.. شيء مطلوب ومطلوب بشدة ولكن اذا زادت عن حدها انقلبت الى نفاق كريه. ٭ وهذا للأسف الشديد ما أخذت الحظه منذ فترة في حياتنا السودانية صحيح اننا شعب يمتاز بعلاقات جميلة وصادقة تقوم على التكافل والتكافؤ ونمتاز بالصدق والعدل ولكن الذي الحظه.. بداية نفاق وأنا اتمنى ان تكون ملاحظتي غير صحيحة.. ولكن ما معنى الذي اسمع من الكثيرين حولي. ٭ قالت لي احدى صديقاتي في ألم وحسرة ان اخلاق السودانيين تغيرت حتى في المكاتب.. كنا عندما يمر أحد الزملاء او الزميلات بظروف استثنائية فرح او كره سرعان ما نعد «الكشف» ويتسابق الجميع لتعمير هذا الكشف لمساعدة الزميل أو الزميلة ولكن هذه الايام بدأنا نلحظ ان بعض الزملاء والزميلات «يتزاوغون» من الكشف وقبل ان يتبادر الى ذهنك الموقف الاقتصادي وحالة الناس المتردية اقل لك في ان المسألة ليست كذلك وانما اخذت صور التمييز والطبقية في المعاملات تأخذ مكانها واضحاً حتى على صعيد المجتمع.. مثلاً في مجال العمل ان كانت المناسبة تخص المدير او رئيس القسم تسابق الكل نحو بيت صاحب المناسبة وليست بالكشف وانما بجوالات السكر وعبوات المياه الغازية من البيبسي والكولا وغيرها من العبوات ذات الحجم العائلي.. وان كانت المناسبة تخص أحد الموظفين أو الموظفات العاديات الموقف مختلف تماماً.. هذا بالاضافة الى السباق نحو نشر اعلانات التهنئة او التعزية في الصحف. ٭ وأيضاً سمعت الكثير من التعليقات حول ظهور استخدام الالقاب بصورة لم نعرفها من قبل.. يا شيخنا يا سعادتك ويا سيادتك وحتى يا بيه مع الانحناءات بسبب وبلا سبب. ٭ يبرز لي تساؤل حائر ومؤلم.. هل هناك فرق بين المجاملة وحسن المعاملة والنفاق؟ ولماذا يتعمد البعض إلباس المجاملة ثوب النفاق وإلباس النفاق ثوب المجاملة؟ ٭ ولكن النفاق قد يأتي من الخوف او الرجاء.. الرجاء الناتج عن الطموحات اللا مشروعة لدى ضعاف النفوس كأن يأمل في ترقية او بعثة.. وقد يأتي من الخوف كما يفعل الموظف الصغير في حضرة رئيسه. ٭ في النهاية انا مع المجاملة ولكن البفوت حده ينقلب الى ضده ولكن ايضاً اسقاطات الواقع الاقتصادي اللئيم من شأنها ان تقلب حال كل الاشياء. هذا مع تحياتي وشكري