*حظيت ظاهرة الشغب التى اجتاحت ملاعبنا فى الفترة الأخيرة باهتمام منقطع النظير اذ لم يحدث أن وجدت أية قضية أخرى فى أي منحى ما وجدته هذه الظاهرة من اهتمام عام على المستويين الرسمى والشعبى وهذا ما يؤكد على خطورة هذه الظاهرة ومدى تأثيرها على الأمن العام والمجتمع بشتى شرائحه. *لقد سارع الأخ وزير الشباب والرياضة الاتحادى بتكوين لجنة رفيعة المستوى اختار لها « خبراء وعناوين ورموز كرة القدم بينهم شخصيات سيادية » وكلفها ببحث أسباب ظاهرة اجتياح الشغب والعنف الملاعب ورفع تصور يحتوى على مقترحات من شأنها أن تضع حدا لهذه الظاهرة وتقضى عليها وتواصل هذه اللجنة اعمالها بانتظام عبر اجتماعات متواصلة ووسط اهتمام كبير وجدية متناهية من أعضائها . ولم يقف جهاز الأمن والمخابرات مكتوف الأيدى حيث عقد الفريق عبدالقادر يوسف مساعد المدير العام اجتماعا مع رؤساء تحرير الصحف الرياضية ورئيسى المريخ والهلال وبحث الاجتماع ظاهرة الشغب وخرج بالتزام من كل الأطراف بتهدئة الأوضاع، وعلى الصعيد الاعلامى فقد تجاوب وانفعل المجلس القومى للصحافة والمطبوعات مع الحدث وأصدر بيانا مثيرا وخطيرا وجد متابعة واهتماما واسعا وتناقلت الصحف ما جاء فيه من نقاط تشكل خطرا عليها وعلي العاملين فيها خاصة فى جزئية « رفعه - أى المجلس - لملفات عدد من الصحف للمحكمة لايقافها ومطالبته بسحب السجل الصحافى من بعض الصحافيين ودعم مذكرته بالعديد من الحيثيات والمستندات المؤيدة » وقد أكد ذلك البروفسير علي محمد شمو فى حديث له مع قناة النيلين أجراه معه الأخ الأستاذ الزميل كمال حامد كما عقد اتحاد الكرة اجتماعا تركز النقاش فيه عن اجتياح الشغب لملاعب كرة القدم ، وقد اكتفى الاتحاد « بالشجب والادانة وتوجيه لجنته المختصة بعمل اللازم » هذا غير الندوات العديدة التى نظمتها أكثر من جهة « جامعات - مراكز دراسات - احزاب سياسية - مؤسسات أكاديمية » لتناول هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية محاربتها وبالطبع فلا تفسير لكل هذه اللجان والاجتماعات والندوات الا الاهتمام الكبير بهذه الظاهرة الدخيلة ومدى الاحساس بخطورتها وتأثيراتها السالبة على المجتمع. *لا يختلف اثنان على خطورة ظاهرة الشغب والعنف وأكثر ما سيضاعف من خطورتها أن العدوى فيها تنتقل بسرعة وهذا ما حدث فعلا فى استادات « عطبرة - كوستى - شندى - الخرطوم - الكاملين - الهلال - المريخ » ومن الممكن بل المؤكد فى حالة الاهمال أن تصل العدوى لكافة الاستادات فى السودان خصوصا وأن « جماعة وهواة التقليد والمحاكاة موجودين ومنتشرين فى كافة المواقع وكل المدن والأخطر أن الضحية فى هذه الظاهرة والذى سيدفع الثمن هو الانسان بمعنى أن المقابل هو « أرواح ناس » بالتالى يجب أن تكون السدود عالية حتى لا يتسلل أصحاب الأجندة وأصحاب القلوب القاسية والأشرار والذين يصنعون المصائب وينتجون الفتنة ويسوقونها الى الملاعب ومن ثم يسودون أجواءها ويرمون عشاقها فى بحور التهلكة . *من المهم أن تكون هناك جدية للمعنيين بحماية المجتمع وتوفير السلام والطمأنينة والأمان لأفراده وهم «رئاسة الجمهورية - المحاكم - جهاز الأمن والمخابرات -الشرطة - اتحاد الكرة » وعليهم أن لا يهادنوا أو يتراخوا أو يتأخروا فى وضع حد لهذه المصيبة الضخمة وأن لا تأخذهم رأفة بالمتسببين فيها وأن يتعاملوا بكل حزم وحسم حتى لا « تقع الفأس على الرأس » ومن ثم يندموا ويقولوا « ياريت » . فالأمر عندما يتعلق بحياة الانسان يجب أن يحظى بالاهتمام الكبير من أعلى الجهات . *لقد سبق وأن انتقدنا « التهاون » الذى يتعامل به الاتحاد مع قضايا الشغب والعقوبات الضعيفة التى تفرض على المتسببين فى هذه الظاهرة واقترحنا أن تكون المواد التى تحكم ظاهرة الشغب « مغلظة ومركبة تصل لمرحلة خصم تسع نقاط من أى فريق يتسبب فى الشغب ان كان ذلك من جماهيره أو ادارته أو لاعبيه على أن يتم حرمانه من اللعب داخل استاده ومن دون جمهور لموسم كامل اضافة لعقوبة مالية قياسية » . نقول ذلك ونحن نتابع الجزاءات الضعيفة التى يفرضها الاتحاد على الشغب والمشاغبين ونرى أن ضعف العقوبة أسهم بقدر كبير فى تفشى ظاهرة الشغب والعنف من منطلق أنها - أى العقوبة - ضعيفة جدا لدرجة أنها تغرى المشاغبين وتشجع المتفلتين وتجعل هواة صناعة الفتنة ينشطون ويتمادون ويتفنون فى ممارسة هوايتهم . *لا نود التعرض للشرطة « لاعتبارات عديدة » ونعرف أن أفرادها يدركون واجباتهم وان كان لنا تعليق فهو أنهم يتأخرون فى حسم الشغب برغم أنهم يملكون السلطة التى تجعلهم يوجهون بايقاف أى مباراة لمجرد حدوث بوادر شغب وان جاز لى أن أقدم اقتراحا لمدير عام الشرطة ومساعديه فهو أن يفكروا فى تأسيس وتخصيص ادارة اتحادية كاملة بقوة مفتوحة وضخمة « شرطة لحماية الملاعب ومكافحة الشغب فيها » على أن يكون واجبها الرئيسى مكافحة الشغب ومطاردة المشاغبين. *والى أن يتم تعديل القانون الكروى بما يتوافق والأحداث التى نعيشها وحتى نمنع الشغب نهائيا ونتقى شره وتحسبا لأى « بلاوى ومصائب » فنقترح أن تغلق الاستادات أمام الجمهور فى المباريات الجماهيرية الكبيرة مادام أن الجمهور نفسه أصبح مصدرا للشغب وأداة ووسيلة تحت قبضة هواة الشغب وصناعته وفى ذلك عقاب وحماية له فى نفس الوقت. *يابخت الشغب فقد أصبح « نجما ومصدر اهتمام » وأصبح الكل يتحدث عنه ويحذر ويخاف منه .