بمقتل جنود البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة (يوناميد) الأربعة النيجيري الجنسية بالقرب من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دار فور، فإن أفراد قوات البعثة الدولية المشتركة اليوناميد الذين سقطوا في مجاهل اراضي دارفور قد بلغ (42) فردا وفقا لإحصائيات البعثة، إضافة الى خطف اثنين منهم في محلية كبابية بولاية شمال دارفور يتبعون لقوات الأمن العام الأردني ضمن المشاركة الاردنية في البعثة ولا زال مصيرهم مجهولا حتى الآن، وعلى الرغم من مسئول الإعلام بالبعثة جيفان دوراني قال في اتصال هاتفي مع (الصحافة) ان البعثة مازالت تجري تحقيقات عميقة لمعرفة الأسباب الحقيقية للحادثة، الا ان بعثة الاتحاد الإفريقي السابقة للبعثة المشتركة كانت تجرعت ذات الكأس عندما كانت تتولى المهمة في العام 2007 قبل تسليمها الى البعثة الاممية حيث فقدت (55) عنصرا قتل 17 منهم في قرية حسكنيتة في الحادث الذي أحيل بسببه القيادي بحركة التحرير والعدالة وزير الصحة الحالي بحر إدريس ابوقردة إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي والذي تمت تبرئته من التهمة. مراقبون يعزون أسباب السقوط المتكرر لافراد البعثة بين قتيل وجريح الى عدة عوامل من بينها هوان تلك القوات وعدم قدرتها على القيام بمهمتها وعدم معرفتها بطبيعة المنطقة، ويحدد نائب والي وسط دارفور وزير الشؤون الهندسية الأمير محمد موسى أربعة أسباب ساهمت في تزايد قتل قوات البعثة اولها ان جنود هذه القوات لا يريدون ان يدخلوا في اي صراع محلي مع مجموعات محلية، ثانيا ان مقومات وآليات هذه القوة مشجعة لطمع كل المتفلتين، ثالثا ان الحركات المسلحة الآن في دارفور بحاجة الى الآليات التي يمتلكها أفراد البعثة مما يدفعها الى مهاجمتها، ورابعا ان كثيراً من افراد البعثة همهم الأول والأخير هو الحصول على المرتبات العالية التي تمنح لهم وليس همهم القيام بواجبهم، وقال موسى ان التفويض الممنوح للبعثة في السابق لا يسمح لها باستخدام القوة في مواجهة اي جهة ولكن بعد ان تم تعديل التفويض بموجب قرار مجلس الامن 2003 أصبح لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم وحماية المدنيين وحماية قوافل الإغاثة، ونوه الى ان ذات الكتيبة النيجيرية التي قتل أفرادها قبل يومين استخدمت التفويض الأخير في السنة الماضية عندما تعرضت الى هجوم من قبل متفلتين في نفس المنطقة التي قتل فيها الجنود الأربعة عندما تصدت للجناة وقتلت عددا منهم، ولفت الامير محمد موسى الى ان مقتل الجنود الدوليين باستمرار في دارفور وفي هذا الوقت بالتحديد يعطي اشارة للعالم بأن دارفور مضطربة وليست على ما يرام وأضاف «هذا ما ترنوا اليه الكثير من الجهات المحلية والدولية والإقليمية». ولكن والي غرب دارفور حيدر قالو كوما قال في حديثه ل(الصحافة) ان المجموعة التي استهدفت افراد الكتيبة النيجيرية وهم في الطريق الى مقرهم بشرق مدينة الجنينة هدفهم كان الاستيلاء على الآليات والممتلكات التي كانت في حوزة افراد القوة ولكن افراد البعثة استبسلوا في رد وصد العدوان، مبينا ان الأجهزة الأمنية مجتمعة في الولاية تعمل الآن من اجل تعقب الجناة والقبض عليهم ومن ثم تقديمهم الى محاكمات واشار قالو كوما الى ان ولايته شددت المراقبة على كل المداخل الأساسية للولاية التي تربطها بالولايات الاخرى والدول المجاورة من اجل القبض على الجناة وادان كوما الحادثة بأقوى العبارات قائلا لماذا يقتل من جاءوا الى مساعدتنا للخروج من هذه الازمة. بيد ان الناشط الحقوقي والمحامي صالح محمود ارجع عملية قتل القوات الدولية في دارفور الى اسباب غير معلنة تعمل بها هذه القوات اولها ان هذه القوات تعمل في هذه المهمة الدولية وخارج نطاق دولها لكنها رهينة بحكوماتها عبر اخذ التوجيهات من قيادات حكومات دولها في تنفيذ مهمتها للقيام باي عمل حتى في عملية الدفاع عن نفسها وهذا الأسلوب غير المعلن في العمل جعل البعثة ضعيفة في مهمتها، وقال محمود انه قد سبق ان عدداً من مندوبي الدول في مجلس الامن تحدثوا بشئ من التقليل عن أداء البعثة المشتركة في اقليم دارفور غربي السودان، ويقول صالح ان تباطؤ أفراد البعثة المشتركة من القيام بمهامهم من شانه ان يحدث كارثة شبيهة بالتي حدثت في رواندا، ولفت صالح الى ان القوات الدولية وخاصة العربية الافريقية في دارفور لم تستطع ان تحمي نفسها من هجمات المتفلتين والمليشات وبالتالي هي ليست قادرة على حماية المدنيين كما حدث في كتم وهشابة والمعسكرات التي تقع تحت حمايتها وغيرها من المناطق التي توجد فيها، موضحا ان الامر في دارفور مرهون بمعالجة ومراجعة الصلاحيات الممنوحة الى رئيس السلطة والولاة ليقوموا بدورهم واكمال ملف الترتيبات الأمنية وفق ما نصت عليه وثيقة الدوحة وجمع السلاح من كل المليشيات الحكومية. من جانبه كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طالب الحكومة السودانية بإجراء «تحقيق معمق» في الهجوم الذي أسفر عن مقتل الجنود الاربعة وإحالة مرتكبيه إلى القضاء. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي إن «الأمين العام يطلب فورا من حكومة السودان إجراء تحقيق معمق، والتأكد من إحالة المسؤولين بسرعة أمام العدالة»..