٭ اللهم لا تلمني في ما تملك ولا أملك. ٭ مسألة الميل القلبي، خارج السيطرة، وفوق القانون، وغير قابلة للمنطق والمقدمات والنتائج وحساب الربح والخسارة. ٭ لا فلسفة ولا علم ولا حيثيات ولا متون (مهما دعمت بالحواشي) قادرة على استنباط مسببات ومآلات هذا الميل القلبي. ٭ لكن الهندسة الوراثية - كفانا الله شرها - ادّعت في جسارة انها قادرة على استئصال جين العواطف وجين الميل للآخر، وانتزاعه من مكانه، وغرسه أنى تريد. ٭ بمعنى أن (س) التي يحبها (ص) ويموت كمداً فيها، يمكن أن يقع في حبها (ع) بعد إجراء عملية جراحية، يستأصل فيها جين العواطف والميل القلبي عند (ص) ونقله إلى (ع). ٭ يهيأ لي إذا الأمور سارت بهذا المنوال، وانتشرت جراحة جينات العواطف، وفتحت لها أسواق ومراكز أسوة بجراحة التجميل.. وأضحت كبسولات الميل القلبي تُباع في الاجزخانات مع المنعش والمعطّر ومكسبات الطيب والعبق والشامبوهات ومزيلات العرق والعطور. ٭ لغدت المشاعر سوق نخاسة ودلالة، وصارت العواطف على قفا من يشيل. مقاسات متنوعة (S وL وXL) واللي عنده يدفع، واللي ما عندوش يتفرج، وكله ببلاش، وابن حلال يفتح الباب. ٭ ما هذا الذي تريد أن تفعله الهندسة الوراثية؟ ولماذا هذا الاصرار من (العلم) و(التكنولوجيا) للمطابقة بين الانسان والآلة؟ ونزع فتيل الاحساس والمشاعر و(تبريد) العواطف وإحالتها ثلجاً ورماداً. ٭ في رأي بعضهم أن الأنظمة الشمولية هي التي فتحت الباب أمام العلم والتكنولوجيا، ودفعت بمراكز البحث العلمي للوصول إلى صيغة (المواطن السالب) هذا الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم. ٭ الأنظمة الشمولية - لشيء في نفسها - أرادت أن تفرغ المواطن من وطنيته وعقله، وتقوده كما تُقاد السوام إلى حيث ما تريد وتشاء. ٭ ومن خلال القبضة الحديدية لهذه الأنظمة الشمولية، بدأت الأنظمة الاجتماعية في صناعة (المواطن السالب) صنو الآلة، ليصبح ترساً في عجلة (الآيديولوجيا) يديره المكتب السياسي بالريموت كنترول. ٭ وحذت مؤسسات البحث العلمي والدراسات الاكاديمية حذو مؤسسات المجتمع، وتفرغت لإعداد البحوث والدراسات والتجارب المعملية، في سبيل صناعة المواطن الآلة. ٭ المؤسسات الاجتماعية والعلمية تبارت في صنع (قميص الاكتاف) والقالب الجاهز الذي يتناسب مع كل المقاسات والأعمار والألوان بلا زيادة أو نقصان. ٭ قميص سياسي واجتماعي لا مجال فيه للتبديل والتغيير أو القبول بالتنوع والاختلاف المتجدد بين البشر. ٭ وفي إطار هذه الرؤية أصبح المواطنون مجرد حجارة صماء يرصفون في بناء أعد هيكله سلفاً. ٭ لكن حركة التاريخ أثبتت أنه لا ازدهار لمجتمع تتحول فيه الدولة إلى مؤسسة لتدمير البشر. ٭ ولا دولة بلا مواطن يرى ويسمع ويتكلم.. ويميل قلبه مع الهواء حيث يميل، ومع الهوى إن لزم الأمر. ٭ الميل القلبي مؤشر لعافية المواطن وازدهار المجتمع وتطور الدولة.. رغم أنف الهندسة الوراثية ومراكز جراحة أجنة العواطف. ٭ واللهم لا تلمني في ما تملك ولا أملك.