بذلت حكومة ولاية جنوب دارفور جهداً مقدراً وكبيراً لاستقبال السيد رئيس الجمهورية في زيارته التى كان مقرراً لها أن تتم في التاسع من الشهر الجاري لافتتاح وتدشين استخدام حزمة من المشروعات الخدمية والاستثمارية بمدينة نيالا العاصمة.. ولكن أتت رياح القدر بما لا تشتهى سفن السياسة، وحالت ظروف دون ذلك. ويبدو أن الزيارة قد تم تأجيلها حسب تقديرات مراسم القصر الجمهوري على خلفية هذه الظروف، ليعلن عنها لاحقاً وسط دخان كثيف من الشائعة المحلية والمغرضة التى سوقت وتاجرت في المسألة تحت بند ما يعرف بتصفية الحسابات والاغتيال المعنوي، مما يؤكد أن عرين الوالي حماد إسماعيل مازال هدفاً ثميناً لسهام تلك الفئة التى أشعلت الحريق في نيالا عند قدومه.. وعلى الوالي أن يتحسب جيداً لتعلية الأسوار بمضاعفة الجهد في مجال التصالحات الداخلية الحزبية بعيداً عن طريقة «ملاحسة السناكيت»، وغربلة الصفوف، ورفع قدرات أداء الجهازالتنفيذى، ومد بصر الجهاز الأمنى، وتقوية حاسة شم الجهاز السياسى وتحصينه ضد سموم الشائعة. وكل ذلك لا يتم إلا في جو من المناصحة والصراحة وقبلهما الصرامة والشدة التى تتكفل بحفظ وقار السلطة في ولاية تمشى فيها الفتنة متبرجة ومحروسة بقوة السلاح والانكفاء القبلى، ولكل ذلك تعتبر ممارسة السلطة في دارفور كالمشى فوق نار الهشيم على حبل مشدود بين محطتين هما بداية السلطة ونهاية عمرها. وعلى خلفية بزوغ عهد جديد بولاية جنوب دارفور بدأ بتولى الأخ حماد مقاليد السلطة فيه، وسط مظاهرات متصادمة المسارات أفضت إلى استقرار حذر بالولاية نهضت على اثره ونفضت عنها غبار قد علق بالأفق، وفى إصرار عنيد رتبت حكومة حماد بيتها وأعادت رص المقاعد، لتدبَّ الحياة من جديد بافتتاح مشروعات تنموية طموحة قد تساعد في تغيير حياة الناس الى الافضل بتوفير الخدمات الصحية المتطورة بالمستشفى التركى الضخم والحديث الذى انضم الى قائمة المؤسسات الطبية بنيالا، مضافاً إليه مشروع القرية السياحية بقرية رمالية «100 مليون دولار» والذى ينتظر من ورائه توفير نهضة حقيقية للسياحة بالولاية، بجانب خلق فرص عمل. وكلها عوامل إيجابية تسهم بفعالية في زيادة الناتج المحلى الاجمالى بالولاية بنسبة قد تتجاوز ال 7%. وستبقى داخلية إسكان الطالب الجامعى بنيالا التى كان من المفترض افتتاحها ضمن فعاليات زيارة السيد الرئيس منارة شامخة يعوِّل عليها الوطن في تقديم خدمات جليلة لآباء وأمهات المستقبل الذين يجب على الحكومة ممثلة في واليها بجنوب دارفور رعايتهم والاهتمام بهم.. وبما أن هناك مكاسب كثيرة يمكن أن تتحقق للولاية على إثر زيارة الرئيس يصبح حبل العشم ممدوداً بين مواطن جنوب دارفور ورئاسة الجمهورية بتحقيق الزيارة التى ستضخ دماً نقياً هائلاً في شرايين جسد الولاية التى تتطلع الى التعافى السياسى الذى يمنح الوالى الفرصة الكافية والقدرة المطلوبة لإحداث الاستقرار بولاية تأخرت حيناً من الدهر عن الانطلاق بفعل العراقيل والمكايدات ونقص المال وضعف التمويل، بالرغم من أن الحياة فيها تتحرك فوق مسطحات من الموارد الطبيعية في جوفها وعلى مد البصر. وبنفس أهمية قيام زيارة الرئيس المؤجلة، يجب أن تنال الولاية حظها كاملاً من المبادرات الخجولة التى بدأت تقودها السلطة الانتقالية باستقطاب الدعم الخارجى لتمويل مشروعات العودة الطوعية واستقرار النازحين والارتقاء بالخدمات الأساسية «الصحة الماء الكهرباء»، وكل المقدمات لميلاد التمويل القادم لا تبعث الطمأنينة مادام مفاصل السلطة الانتقالية تتحرك بشحوم ذوى القربى بمعزل عن الكفاءات والقدرات الفنية المهنية المحايدة، وهنا يسكن الضعف ويعشعش الخراب، وحتما سنعض اصابع الندم ونحكى في أسى بالغ مقولة «ما أشبه الليلة بالبارحة» في مقارنة بسلطة مناوى التى أتت بجلبة وضوضاء وغادرت في صمت منكسر مشبع بسوء الظن وتبادل الاتهامات الحارقة بين أهل السلطة.. فيجب أن يحسب الدكتور سيسى ألف مرة للتأريخ والمستقبل، وخير له ألف مرة أن ينتصر بالمؤسسية لدارفور بدلاً من أن تشيعه لعنات القبلية إلى ما وراء الشمس، والعاقل من أتعظ بغيره، ودارفور ليست الفاشر وزالنجى وكفى!! وبإلقاء نظرة فاحصة على حديث أدلى به الأخ والى ولاية جنوب دارفور في لقاء تفاكرى بتاريخ 13/10/2012م الساعة 23:6 مساءً حيث قال: «عازمون على الحفاظ للأخ الرئيس بانطباعه الجميل عن نيالا البحير.. ولدينا بشريات عديدة نود أن نسوقها للرئيس .. ومن حقه علينا أن نرفع معنوياته». وأضاف قائلاً: «نحن متمسكون بزيارة القائد.. والزيارة في حد ذاتها المكسب الأعظم» انتهى حديث الوالي. وعلى خلفية حديث الوالى تصبح الزيارة المرتقبة حلماً تتطلع القيادة السياسية بالولاية الى تحقيقه لاستثماره والاستفادة منه في موفور الصحة والتعافى السياسى، ومن ثم خلق إرادة سياسية رافعة للأداء التنفيذى الذى ينتظر منه تنفيذ خطط وبرامج عمل الولاية بأعلى كفاءة ممكنة لإسعاد الناس الذين يرجون من السلطة أن تطعمهم من الجوع وأن تأمنهم في أوطانهم من الخوف الذي بات يحاصرهم كالسوار بالمعصم، ومن أجل هذه الغاية تظل جماهير الولاية في انتظار زيارة الرئيس لجنى ثمارها، وعلمنا ديننا الحنيف أن الرائد لا يكذب أهله ومن غشنا ليس منا، ولنا في رسول الله أسوة حسنة. وقبل أن أختم لا بد من التفكير جهراً وتنبيه الأخ الوالي إلى أهمية سد ثغرة ضعف أداء أمانة حكومته، وأهمية تطوير أداء المراسم باعتبارها واجهة استقبال يجب أن تخطط وتنفذ بكفاءة عالية توازي سرعة إيقاع الزمن، بمد جسور تبادل المعرفة، واكتساب الخبرات مع المركز ممثلاً في مراسم رئاسة الجمهورية التى تطوع المستحيل وتخلق من الفسيخ شربات!! مع أمنياتنا للرئيس بتجاوز الظروف التى أجلت زيارته. ودمتم.