الاحاديث التي ادلى بها وزير الخارجية علي كرتي لبرنامج «حتى تكتمل الصورة» الذي يقدمه الاستاذ الطاهر التوم، كانت احاديث غير معهودة لشخص قيادي في الدولة والحزب والحركة الاسلامية، فحينما يتحدث وزير بوزن علي كرتي بأنه لم يعرف برسو السفن الإيرانية في ميناء بورتسودان، الا من خلال اجهزة الاعلام، وكذلك لم يك طرفاً في طرد المنظمات الاجنبية، وأن وزارته تأخرت ساعات طوال قبل ان تطلق أي تصريح بشأن قصف إسرائيل لمصنع اليرموك العسكري في الخرطوم لأن وزارة الدفاع لم تملكه المعلومات اللازمة.. الخ الاحاديث «المدهشة»، فإن كل ذلك لم يكن صالحاً للنشر في اجهزة الاعلام، بل إن «الغرف المغلقة» هي المكان الأنسب لمثل هذه الاحاديث «الخطيرة».. و «ببساطة» ماذا يجني الوزير من نشر هذا «الارتباك الحكومي» عبر أجهزة الإعلام، هل يريد ان يبرئ «نفسه».. ام هي ادانة لآخرين في الحكومة، وبالتالي هم الذين يسألون عن حجم الارتباك الذي لازم ضرب مصنع اليرموك، ورسو البواخر الإيرانية في ميناء بورتسودان؟ وتبقى احاديث وزير الخارجية التي حظيت بإشادة بعض الإعلاميين كونها «شفافية وصراحة» تبقى غير مفيدة للسياسة الخارجية، كما انها لم تبرر الذي حدث ومازالت تبعاته تتوالى، بل مثل هذه الاحاديث تضعف هيبة الدولة، وتكسب المناوئين لها اراضي يديرون منها معركتهم المستمرة مع الحكومة.. كما انها لم تصلح «الصورة المقلوبة». أحاديث علي كرتي نفسها تجعلنا نرابط في مربع التصريحات المتناقضة لقيادات الدولة، وهو أمر غير مبرر لقيادات لها من الخبرات ما جعلها تنفرد بالحكم قرابة ثلاثة عقود من الزمان، وهي مدة كافية لمعالجة السلبيات الكثيرة، والوصول إلى منطقة تخلو من التجاذبات والتناقضات، غير أن أحاديث كرتي ومن قبله وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين صاحب نظرية «المراقبة بالعين المجردة» تجعل صورة الحكومة مهتزة لدرجة إغراء إسرائيل بتكرار ضرب منشآت السودان مجدداً.. وهي تتابع تصريحات مسؤولينا «المرتبكة» بينما طائراتها المهاجمة تعود عبر البحر الأحمر سالمة و «جماعتنا» يتحدثون بأن الانفجار «عادي» وأن الحشائش ساعدت على انتشار الحريق، واستبعدوا على لسان والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر وجود أية عوامل خارجية وراء الحريق، بل هو «حريق داخلي»!! .. وهنا كان يجب «الصمت والتروي» لحين امتلاك المعلومة، بدلاً من منح العدو صك البراءة «مجاناً». عموماً تمر الحكومة بأيام عصيبة بعد أن خرجت خلافاتها للعلن، وهي خلافات «للأسف» إزاء قضايا استراتيجية كبرى من «حجم» أن نُبقي علاقاتنا الخليجية الطيبة، أم نتجه إلى ايران «المحاصرة» رغم ترسانتها النووية.. ولا يخفى أن عقد أي تحالف من نوعه مع ايران يعني «ببساطة» انك تفقد عمقك السني في الخليج.. ولك أن تختار وفقاً لمصالحك وسيادة بلدك.. ويظل الخلاف امام قضايا كبرى كهذه وعلى المكشوف أمراً بالغ السوء ربما شربنا المزيد من مراراته في مقبل أيامنا. فاصلة: الرئيس عمر البشير في السعودية.. ترى «للفحص» الطبي كما أعلنت رئاسة الجمهورية أم «للشرح» السياسي لمآلات الأحداث بالسودان، كما يعتقد ظرفاء المدينة ؟!