على الرغم من الأنباء المحبطة التي تترى علينا يومياً وتحيط بنا احاطة السوار بالمعصم، والتخبط في ردود الافعال الذى يصاحبها قولاً وفعلاً، الأمر الذى حدا بالبعض إلى ان يخلدوا الى مرفأ اليأس الذى يفضي الى القنوط، الا ان الله لا ينسى عبيده، فها هي الاخبار المفرحة تعلمنا بفوز السودان واختياره عضواً بالمجلس الاقتصادى للامم المتحدة، وهو خبر مفرح وجد تغطية بالصفحات الاولى لاغلبية الصحف. ومن الاخبار المفرحة ايضاً، وهو انتصار اضافي للفنان السوداني، أن يقيم الاستاذ الصلحي معرضه في صالة «تيت» في لندن وهي الصالة التي تعتبر زيارتها فقط نصراً للفنان السوداني، دع عنك أن يعرض فيها اعماله وابننا معتز الامام في نجاحاته المقدرة في قاهرة المعز. ومن الأخبار المفرحة التي نشرت على استحياء في الصفحات الاخيرة او الداخلية من الصحف، خبر اختيار المنظمة العالمية للتربية والثقافة والفنون «اليونسكو» الاستاذ علي مهدى سفيراً للنوايا الحسنة للفنون، مواصلاً دوره في الدفاع عن ضحايا الحروب والنزاعات وعلى رأسهم الأطفال. ويحمد لصحيفة «الصحافة» تغطيتها المميزة واظهارالخبر وبالصورة بمساحة جيدة في الصفحة الاخيرة، كما ان حق الجيرة عليها يجعلها من أهل الديار والاولى بالاهتمام بمثل هذا النصر الجميل. يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم تنزيله «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، وقد رأى ربنا سبحانه وتعالى الجهود الكبيرة التي يقوم بها المثقف والمبدع السوداني في الداخل والخارج، وسعيه الدؤوب لإجلاء الصورة الحقيقية للإنسان السوداني، ودحر الصورة النمطية للسودان بوصفه بلداً للحروب والمجاعات التي يعمل الاعلام غير الصديق على ترسيخها، ويساعده كثيرا في تنميطها بعض منا باقوالهم وافعالهم. ولأن العمل الصالح دوماً هناك من يراه، فقد رأى العالم الجهود التي يقوم بها الاستاذ علي مهدى ورفاقه من خلال عملهم المسرحي في مسرح البقعة، وتطوافهم على مناطق النزاعات والحروب مبشرين بالسلام والدعوة الى ترك الحروب، والدعوة لتأهيل الاطفال من ناتج خسائر الحروب، من تجنيد وسخرة واستغلال غير انساني تفرضه ظروف الحرب دوما ولا يسأل عنه فاعلوه فيما بعد مع الأسف. ونتفق جميعا على أنه قد يكون الصدى والصيت الذى يلقاه عرض مسرحية واحدة او نشر رواية او الاستماع لعزف مقطوعة موسيقية او اغنية او عرض بورتريه او لوحة صغيرة، أجدى كثيراً جداً من آلاف الخطب الرنانة التي يدبحها السياسيون والبيانات المطولة التي ينام الحضور عند تلاوتها، ولا تجد أذنا صاغية حتى من المضيف.. لكن العمل الفني والأدبي دوماً له متلقٍ، حتى إن لم يستوعبه في لحظته لكنه يدخل في مسام عقله، وقد يجهده ناقداً قادحاً أو مادحاً، وفي كلا الحالتين فهذا يعتبر نصراً للعمل الفني بعد أن وجد الاهتمام من المتلقي.