نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    دبابيس ودالشريف    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحدي الإعلامي والمزاج العالمي نحو الحركات الإسلامية

نبعت الهوية الحضارية للأمة لقيادة المنطقة من جديد بهوية مستمدة من الدين
جاءت التفاعلات في العالم الغربي خاصة بسبب التحول الذي حدث في منطقة استراتيجية وحساسة من حيث الموقع والثروة والإنسان
وجود الكيان العبري مهدد للمنطقة بإرثه في سياسة الاحتلال والاستيطان والقتل والتهجير وهى تحديات باقية لم تجد الحل فى الفترات السابقة
تضع التحديات المستقبلية الحركات الإسلامية في موقف التعبير عن نفسها بأنها كيانات مسالمة ومنفتحة
لا بد للإعلام أن يسعى لإدارة التنوع بوعي مسؤول وبرفق بحيث يحدث فيه التكامل والإنجاز المشترك لتحقيق المصالح العليا في كل دولة
يمر النظام العالمى فى تقييمه للحركات الإسلامية التى فازت فى الانتخابات فى عدة دول بالمنطقة العربية بإنقسام فى مزاجه بين متفهم للتطور السياسى ومنتظر لنتائج التفاعل فى المكونات السياسية فى كل دولة، ومتمسك بالموقف العدائى للإسلام. ويقف إرث استعماري عتيق نجح فى تفريق النخب العربية فى فترات سابقة كتجربة فاعلة مكنتهم من تأمين البقاء والسيطرة بأساليب وتكتيكات سياسية امتدت حتى بعد خروج المستعمرين من المنطقة فى صورة شراكة مع الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة. إلا أن الخبرات التاريخية أكدت صعوبة اختراق الحضارات المتجذرة فى المنطقة العربية، حيث لم يتمكن الغرب من ابتلاع شعوب المنطقة فكرياً وسياسياً رغم المكوث لفترات امتدت لعقود.
ويسعى المتفهمون ولو بقدر للتحول فى بعض دول العالم العربى بعد الثورات الشعبية وظهور الإسلاميين عبر نتاج شعبى غير نخبوى ولا عسكرى، لتحوير اهدافه عبر غرف مغلقة أو وسائل ومسارات معرفية فى محاولة لاستيعاب الأوضاع لحماية مصالحه فى المنطقة، ويتعامل بواقعية مع المعطيات الجديدة بسبب الدور الفاعل لدول الربيع العربى، ومنها مصر التى لديها وزن عالمى وإقليمى مقدر بموقعها الجغرافى ومكونها الديمغرافى.
ويقف آخرون فى العالم انتظاراً لنتاج التحولات الداخلية فى دول الربيع العربى منتظرين التناقضات السياسية الفاعلة داخل المجتمعات العربية، فى وجود أجسام متعددة من أصوليين وإسلاميين معتدلين، ومكونات اخرى من وطنيين وقوميين وعلمانيين وليبراليين داخل نسيج اجتماعى متفق فى اصوله العامة، وليس موقفهم موقف المتفرج بل الساعى لتوسيع الهوة بإيجاد صيغ أخرى للتعارض بين المكونات المحلية فى كل دولة، وذلك بهدف تفتيت الكيان الوطنى وإرباك الساحة السياسية فى انتظار انزلاقها عن الأهداف الأساسية فى بناء الأمة، ومحاولة التظاهر باتباع سياسة إطفاء الحرائق لخلط الاستراتيجيات وتمويه الأولويات. وهم بموقفهم هذا اقرب الى العدائيين لأسباب حضارية تتمثل فى الصراع، ولم يطوروا مزاجهم الى حوار الحضارات.
ولازال بعض اطراف النظام العالمى متمترساً فى موقعه من العداء القديم بتبنى استراتيجية تم اعتمادها منذ البداية، وترى ان ردم الهوة وإيجاد جسر تواصل بين العالم العربى والغرب يصطدم بعقدة الحضارات المتعارضة، وهى تتوهم وجود صراع هوية فى مقوماتها الرئيسة من كرامة وحرية وعزة وعدالة اجتماعية فى الهوية الإسلامية التى كونت أساس الحضارة فى المسار التاريخى فى المنطقة العربية، وبين مكونات الهوية الغربية من ديمقراطية وليبرالية وفردية أخذت فى البروز فى الآونة الأخيرة.
ونبعت الهوية الحضارية للأمة لقيادة المنطقة من جديد بهوية مستمدة من الدين والتراث فى كل دولة كانت تخضع للقهر الزائد والجبروت، فى عصر اتسم باستعادة الكرامة والحرية والديمقراطية.
وجاءت التفاعلات فى العالم الغربى خاصة بسبب التحول الذى حدث فى منطقة استراتيجية وحساسة من حيث الموقع والثروة والإنسان، ولأن الإقليم يشكل مكوناً أساسياً فى اقتصاديات العالم بوصفه مصدراً للموارد ومصباً للأسواق ومعبراً للتواصل العالمى، وهناك معوق اساسى آخر، وهو العقدة التى تتمثل فى وجود اسرائيل داخل مجتمعات متوافقة حضارياً، ووجود الكيان العبرى مهدد للمنطقة بإرثه فى سياسة الاحتلال والاستيطان والقتل والتهجير. وهو تحدٍ باق لم يجد الحل فى الفترات السابقة، فى ظل إصرار الكيان الصهيونى على الاستمرار فى سياساته وتحدى المجتمع العالمى والمحلى فى عدم اعترافه بوجود ازمة يجب العثور على حل بشأنها مما حول الصراع الى صراع وجود.
وتضع التحديات المستقبلية الحركات الإسلامية فى موقف التعبير عن نفسها بأنها كيانات مسالمة ومنفتحة تسعى للتواصل مع جميع الأطراف على اسس الحوار والاعتراف المتبادل والمصالح المشتركة وتكافؤ الفرص، لا على القهر والظلم. وهذا يقتضى الدخول فى تنسيق المواقف وبناء استراتيجيات تتعامل مع الآخر.
ويمثل الإعلام أهمية ريادية لتقديم الإسلام لتغيير المفهوم النمطى الذى رسمه الغرب بعدائية، مما يقتضى وضع اطار منهجى لاختراق دوائر التشويه والتشويش التى رنت على الإسلام بطريقة ظالمة لإظهار الوجه المشرق للإسلام لشعوب الغرب، بعد أن زالت الحواجز وتقاربت المسافات بوجود وسائل اتصال سريعة تمكن من ازالة الغبار الكثيف الموضوع على عقلية الغربيين بواسطة نخب اساءت فهم الإسلام او حاولت تغيير صورته لدى شعوبها.
وظلت الحركات الإسلامية في العالم الإسلامى مثابرة لتحقيق اهداف نشر الإسلام وسيادة الفكر الإسلامى فى مجتمعاتها، رغم التضييق الذى مورس عليها من قبل الانظمة السائدة آنئذٍ والمجتمع الدولى الذى مارس بدوره الضغط عليها بدعم القهر الذى مورس من قبل الأنظمة المستبدة، الى ان وصل المؤشر الى مستويات عالية بإلصاق ظاهرة الإرهاب العالمى بإشارات خفية الى الحركات الإسلامية.
الا أن العالم الخارجى والمجتمعات الإسلامية توصلت الى ضرورة قراءة الرؤى والأفكار المطروحة من الحركات الإسلامية بطريقة جديدة، فكانت النتيجة فوز الحركات الإسلامية فى الدول التى اختارت النهج الديمقراطى وسيلة لتحقيق تبادل سلمى للسلطة دون اعتراض عنيف أو تدخل مخيف من قبل الغرب، وربما اثر فى ذلك بروز قيادات جديدة مثل أوباما فى الولايات المتحدة الامريكية برؤية منفتحة قليلاً على الإسلام وليس العداء السافر لليمين المحافظ الذى قاده جورج بوش بتطرف ضد الإسلام، مع ظهور كتابات وأطروحات متطرفة مثل صراع الحضارات لهنتغتون او نهاية التاريخ لفوكاياما.
ورغم تحقيق النجاح فى الوصول الى السلطة فالطريق ليس مفروشاً بالورود أمام الحركات الإسلامية، بل هى فى حاجة ماسة الى التناصح والتشاور بين أركانها لتتمكن من مواجهة الإشكالات التى تواجهها فى المرحلة القادمة. ففى عالم التكتلات الكبرى لا بد من إيجاد صيغة أو آلية تقرب المسافات وتعمل على تقوية الحكومات التى تسنمت مقاليد السلطة، لأنها ستكون محاسبة من قبل الجماهير التى اختارتها، ومن قبل التاريخ الذى شهد على تضحياتهم من اجل دعم وتقوية الإسلام.
والمشروع الإسلامى حركة منظمة متدرجة فى انفتاحه وتنظيمه وانتشاره فى كل مجتمع ليذاع على يدها حلم الأمة الإسلامية فى إقامة الدين كله إصلاحاً للمجتمع وتوجيهاً للدولة، فعظمت مسؤوليتها الداخلية والخارجية.
ويستطيع المشروع الإسلامى وضع الدولة فى المقدمة بموازنة قومية تقوم على المواطنة على اسس العدالة والمساواة والحرية بصيغ تقوم على التوازنية والمشاركة والقيادة الجماعية والشورى والديمقراطية والمحاسبة ونظم الضبط المؤسس بهيكلة وظائف الحياة، وهنا يأتى الدور الريادى للإعلام فى توظيف المكونات الذاتية للمجتمعات العربية لتمكين المشروع الإسلامى وعناصرة القائمة على النهضة، وذلك بتعزيز الثقة واليقين والصلاح والتوكل وإظهار إمكانات المجتمع ومقدراته الطبيعية.
ولمحاولات توظيف الإعلام لبناء الأمة فى فترة ما بعد الربيع العربى فرص كثيرة أمام انفتاح التطور فى وسائل الاتصال وتعدد أساليبه، من خلال تفعيل وإيجاد قنوات جديدة لإتاحة نقل كميات من المعلومات وتزكية الترفيه ونشر الثقافة، مما يمكن من إتاحة اختيارات كثيرة لمتلقى الاتصال بتوفير البدائل العديدة التى يمكن الوصول اليها فى أى زمان ومكان.
والإعلام بما له من ريادة فى مجال التأثير على الرأى العام المحلى والعالمى يمكنه قيادة المقاربة وبناء الثقة والتعاطف بين الحكومات الإسلامية فى الدول العربية وبين المجتمعات المحلية والعالمية. وذلك بتكثيف الجهود لتحقيق الطموحات والأشواق للتآلف والوحدة والمحبة بين الشعوب والحكام فى الدول الإسلامية التى تقودها الحركات الإسلامية.
ولا بد للإعلام أن يسعى لإدارة التنوع بوعى مسؤول وبرفق بحيث يحدث فيه التكامل والإنجاز المشترك لتحقيق المصالح العليا فى كل دولة، وبحيث يكون الحوار والقدوة والسعة هى الاساس لاحداث مزاج تصالحى يمكن الأطراف من خدمة القضايا الإسلامية والدفاع عن الإسلام بطريقة جديدة، والتنسيق بين الحركات الإسلامية ومحاولة توحيد الرؤى والأهداف والأفكار بإيجاد التقارب بين الدول والشعوب سيقود الى التكامل فى طريق بناء وحدة بين الدول الإسلامية، مع تقوية روح التدين فى المجتمعات الإسلامية ونشر الإسلام الوسطى وتحجيم التطرف والغلو وتبادل الخبرات والتجارب لتحقيق تلك الأهداف.
ومن المهم تحقيق التصالح الاجتماعى داخل كل دولة ودعم التعايش السلمى وتشجيع الأمن الاجتماعى بدرء النزاعات والتوترات بنشر قيم التسامح بين المواطنين عبر الاعتراف بالآخر والتعبير الإيجابى عن التنوع وعدم الإقصاء حماية للتنوع الدينى والعرقى، بحيث تسعى مكونات المجتمع الى الوفاق والتكامل والتصالح بإدارة راشدة.
ومن ضرورات التواصل بين افراد الأمة ومكوناتها الأخرى تأكيد معنى المواطنة على أساس الحقوق والواجبات، والمشاركة وكفالة حرية التعبير، وتهيئة المجال لممارسة الشعائر والعبادات للحفاظ على النسيج الاجتماعى لكل دولة. وينبغى الحث على الصبر على المنهج الشورى وطلب الاستشارة العلمية والاعتبار بالمعلومة واعتماد نهج الأداء الجماعى ونمط المشروع فى أداء الأعمال التنفيذية.
وفى الفضاء الإعلامى تتمثل فرص لبناء وإرساء نظام إعلامى واتصالى قوى لتحقيق التقارب بين الحركات الإسلامية والدول على قاعدة متينة بما يضع الحركات على مشارف منطلقات نهضة شاملة. وذلك بالارتقاء بهيئات ومؤسسات الإعلام فى الدول المتعاونة بإدخال إصلاحات تشريعية وهيكلية وإدارية متفق عليها للارتقاء بأدائها لخدمة الأهداف الموضوعة. وإيجاد مواد تجد القبول والتجاوب لدى المتلقى لعدم احداث تفاوت مريع بين الإجهزة الحديثة وفقر المادة، وذلك بأن يرتقى الإنتاج الثقافى والإبداع الفنى الى المستوى الذى يوازى الاهتمام لدى الجمهور عبر تبادل الخبرات لبلورة الهوية الثقافية.
والإعلام منوط به التشجيع لإقامة الأنموذج الأخلاقى الذى تدعو له الحركات الإسلامية للفرد والجماعة على مبادئ الكتاب والسنة وكرامة الإنسان والفطرة السليمة وإرادة الإصلاح والنهى عن الإفساد فى الارض والقدوة الحسنة والصدق والإخلاص، واعتبار الأخلاق اطاراً للتنمية وسبيلاً للرقي الاجتماعى وضمان الاستقامة عليها فى وجه التحديات التى تفرضها اتجاهات العولمة والظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية والمتجددة.
ولا بد من إبراز دور الأسرة فى المجتمع المسلم، وبناء فكرة محورية عن الأسرة كنواة للمجتمع وبيئة صحية آمنة لتنشئة الفرد، وذلك بتشجيع الزواج الشرعى والعلاقات الزوجية القائمة على حسن العشرة والمودة والرأفة وطيب المعاملة والمشاركة والشورى والتحسب لعوامل الضعف.
والإعلام يمكنه أن يضطلع بدور التقريب بين مناهج الجماعات الإسلامية والتنسيق فيما بينها لبناء فكر الوسطية، كما يستطيع القيام بتشجيع الحركات الإسلامية لإدارة التنوع بين البلدان الإسلامية ليتحول إلى عنصر إيجابى فى بناء الأمة ووحدتها وأداء دورها الرسالى فى المحيط الإقليمى والدولى.
ومن الدوافع المحفزة لتحقيق نجاح اعلامى الوقوف متحدين فى وجه الجهات التى تستخدم الوسائل المادية والمعنوية لوضع الحواجز فى طريق التقارب بين الدول الإسلامية. ويتطلب ذلك حشد الإمكانات لإبراز المشروع الإسلامى بمضمونه القيمي والأخلاقي فى مقابل المشروع الغربي الذى تحركه الذرائعية والمصلحة المادية وازدواجية المعايير.
ولا بد من الاستفادة من وحدة العقيدة والهدف وصدق التوجه والرغبة لدى الأطراف فى إيجاد تضامن وتكامل بين الدول الإسلامية وتوفر إرادة سياسية قوية لدعم الإسلام فى كل دولة.
إلا أن مسار التقارب بين الدول الإسلامية لن يمر دون عقبات داخلية تتمثل فى تضارب الخطاب الدعوى بين الدول الإسلامية وتناقضات الموقف السياسى فى بعض الأمور العالمية والمحلية أحياناً ومعيقات اخرى تتمثل فى الاقتصاد الذى يمثل مدخلاً للاستقرار وحماية المواطنين من الغلاء والاهتمام بمدخلات معاش المواطنين، والتحديات التى تجابه كل دولة فى المحور الامنى الذى يمثل هاجساً يهدد الاستقرار والسلام الاجتماعى.
ومع تحديات عالمية واقليمية تتمثل فى وجود المهدد الدائم، وهى اسرائيل ومحاولاتها تحجيم الدور الإسلامى فى المنطقة باعتبار الإسلام مكوناً اضافياً للمقاومة، مما يتطلب تنسيق المواقف. ولا شك فى وجود مهدد دولى منحاز لإسرائيل وينفذ استراتيجيات صهيونية تهدد الوجود الإسلامى والعربى يتطلب التصدى للاستراتيجيات المعادية التى تنبعث من وراء البحار.
وظل حلم التقارب العربى الإسلامى يراود الأمة منذ وقت مبكر، حيث برزت محاولات الاندماج فى دولة واحدة او تقريب الصلات بين الدول العربية لتحقيق وحدة ظلت مستحيلة، بالإضافة الى محاولات صيغ تقارب فى شكل تكتلات فى وجه القطبية الثنائية مثل المؤتمر الإسلامى وعدم الإنحياز فى تقارب مع دول من خارج الطوق العربى الإسلامى، وكذلك مجموعة السبع والسبيعين، وغيرها من المحاولات التى سعت للتغلب على العزلة فى فترة التجاذب الحاد بين القطبين.
ولاحت مرة اخرى فرص التقارب والاشتراك فى المواقف بعد أن تهيأ الوضع بدخول عنصر اساس كان متروكاً ومهملاً ومهمشاً طيلة العقود الماضية، وعاش آلام الشعب وعرف طريق الخلاص فى تجربة متصلة بالابتلاءات العظيمة فى مقاومتها للأنظمة المستبدة التى وجدت الدعم والسند من النظام العالمى الذى رفض تفهم الدور الإسلامى وإمكانية اشتراكه فى النهضة العالمية والمساهمة فى حل الكثير من مشكلات العالم عبر منظور عقدى يلائم اطروحات شعوب المنطقة وايمانها الراسخ بالمشروع الإسلامى مخرجاً من الظروف الحائكة التى وضعتنا فيها النظريات التى وجدت التجريب اكثر من مرة، بينما تعسر خروج المشروع الإسلامى للعلن ليقود العالم بسبب وضع العراقبل والكوابح التى منعت الاستفادة من النتاج الفكرى الإسلامى.
وأمام الدول التى ارتضت المشروع الإسلامى تحدي العقبات والسير نحو المستقبل برؤية واضحة بتفعيل البرامج، ووضع الاسس المنهجية والعلمية لإحداث التطور والنهضة الشاملة للدول الإسلامية، والمساهمة فى تطوير النظام العالمى عبر السلم والمسالمة، واعطاء الفرصة للبشرية للقيام بالنهضة الشاملة، وعدم اللجوء الى الحروب التى أهلكت الكثير من الموارد المادية والبشرية.
ومازالت الفرصة مواتية ومازال العالم ينتظر من الإسلاميين فى كل دولة دوراً فى توفير الأمن والاستقرار، والتخلص من عيوب متراكمة ظلت تنتظر الحلول الناجعة عبر برامج مؤسسة تتوفر فى المشروع الإسلامى أكثر من أى مشروع آخر.
٭ أمين أمانة الإعلام والتوثيق بالحركة الإسلامية السودانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.