بعد ان حسم المؤتمر العام للحركة الإسلامية مسألة انتخاب الامين العام ، واقر ان ينتخب من مجلس الشورى وليس من المؤتمر العام ، طفت على السطح معضلة اخرى متعلقة بما اطلق عليه «القيادة العليا» التي حدد الدستور مهامها في مراقبة أجهزة الحركة ومؤسساتها والربط والتكامل بين أجهزة الحركة والمؤسسات المستقلة، حيث اعتبرها كثيرون مدخلا للهيمنة على الحركة وادخالها بيت الطاعة الحكومي والحزبي، باعتبار ان اللائحة العامة المرفقة بالدستور تقول ان الجسم القيادي يتكون من رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الهيئة التشريعية القومية -الملتزمين بالحركة الإسلامية- بجانب رئيس مجلس الشورى والمسؤول عن التنظيم السياسي ونوابه، أما من الحركة الإسلامية فتضم كلا من رئيس مجلس الشورى وامينها العام ونوابه، وهو ما يعني عمليا ان ثمانية من المكونين للقيادة العليا هم من الحكومة وحزب المؤتمر الوطني بينما نصيب الحركة الإسلامية فيها هو اربعة مقاعد. ويعتبر بعض الإسلاميين ان الحركة قد سيقت من خلال المؤتمر الى الموقع الذي اراده من خططوا له ونفذوه ، ويقول احد شباب الإسلاميين الذين يتولون عمادة للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم ان الاجراء الذي تم ادخل الحركة الإسلامية في عباءة الدولة والحزب ، وقال ان الجسم القيادي الجديد سيكون مسيطرا على الحركة وبامكانه ايقاف أي قرار تصدره، واضاف «منه العوض وعليه العوض في الحركة»، ومن وجهة نظر المفكر الإسلامي البروفيسور الطيب زين العابدين فان الأمين العام المسكين الذي سينتخب من مجلس الشورى «كان ينتخب من المؤتمر العام» قائداً للحركة الإسلامية سيجد نفسه محكوماً بقيادة عليا أغلبية عضويتها جاءته من خارج حركته الإسلامية التي يقودها، وهي ليست غلبة عددية فحسب، فهؤلاء يمثلون الدولة في أعلى مستوياتها ويملكون التصرف في كل مقدرات الدولة وامكاناتها. ويشير زين العابدين الى ان الدستور ينص على أن قيادات الحركة العليا في الصعيد التنفيذي والسياسي والخاص «أي الحركة الإسلامية ذاتها التي كانت تسمى بالكيان الخاص»، المنتخبون وفقاً لمرجعيات ونظم مؤسساتهم، هي القيادة العليا للحركة الإسلامية. وهذا يعني أن قيادات المؤسسة التنفيذية «الحكومة» والمؤسسة السياسية «المؤتمر الوطني» لا سلطان لعضوية الحركة عليهم لأنهم ينتخبون وفقا لنظم مؤسساتهم التنفيذية والسياسية، ومع ذلك فهم يشكلون ثلثي أعضاء القيادة العليا التي يتولى رئاستها «رئيس الصعيد التنفيذي ، أي رئيس الحكومة»، ويتساءل زين العابدين «هل يغري مثل هذا المنصب المتواضع أصحاب الملكات والمقدرات في الحركة الإسلامية أن يتقدموا لنيله والمنافسة عليه؟» ويجيب: لا أظن ذلك، والنتيجة أن يختار للموقع شخص ضعيف المؤهلات لفظته المواقع التنفيذية ويقبل أن يتفرغ للمنصب مقابل مرتب طيب يقيم أوده مع أسرته الممتدة! وستكون الحركة الإسلامية بمثابة شركة قابضة تعمل من خلال شركات أصغر، تتلقى منها تقارير الأداء مرة أو مرتين في السنة ويجوز لها أن تراجع أعمالها وتقدم لها بعض التوجيهات والنصائح. وكان الله يحب المحسنين!!