الإعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة منذ خمسة ايام والذي أوقع الكثير من القتلى والجرحى فى صفوف الفلسطينيين، وجد استنكارا شعبيا ورسميا واسعا فى المنطقة العربية، حيث دعا وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع طارئ انعقد أمس الأول بمقر الجامعة العربية بالقاهرة الى بحث تطورات العدوان الاسرائيلى على غزة وقد اتفقوا جميعا على ضرورة اتخاذ موقف حاد تجاه إسرائيل لاعتداءاتها المتكررة على الدول العربية ولا سيما فى الوقت الحالي بعد حادثة الاعتداء الأخير على مصنع اليرموك السوداني والذى اتهمت إسرائيل بتدميره. السؤال الجوهري والذي يفرض نفسه بقوة هل ستؤدى التغييرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة العربية الى تشكيل واقع مختلف بشأن القضية الفلسطينية؟، اذ يرى كثير من المراقبين أن موقف العرب تجاه القضية الفلسطينية منذ الاحتلال الإسرائيلي فى العام 1948 ظل موقفا للرفض والاستنكار على مستوييه الرسمي والشعبي ولكنه لم ينتقل الى مرحلة الموقف الحاسم طيلة هذه السنوات، ويرى المحلل السياسي د.إبراهيم دقش الى ان موقف المسئولين العرب تجاه القضية الفلسطينية والحصار ظل مترددا ومتكررا فى كل مرة، وأشار الى ان العرب حتى الآن لم يستطيعوا أن يصلوا إلى رؤية مشتركة تمكنهم من وضع خطوط واضحة فى التعامل مع هذه القضية، وقال دقش متسائلا في حديث مع (الصحافة) عبر الهاتف امس «هل لدى القادة العرب رؤية سياسية مشتركة؟ فيما يتوقع بعض الخبراء والمراقبين للأوضاع فى المنطقة العربية أن تشهد هذه الفترة ميلاد موقف جديد من قبل الرؤساء العرب تجاه القضية الفلسطينية وعزوا ذلك الى التغيرات السياسية فى المنطقة وبشكل خاص بعد صعود الإسلاميين الى الحكم فى البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي، ويشير هؤلاء إلى أن القضية الفلسطينية ستكون من الأولويات السياسية لدى الحكام الجدد، وبحسب مراقبين ان هناك عنصراً مهماً في المعادلات السياسية متمثل في الشباب العربي بمختلف تكويناته الفكرية والسياسية بما فيهم اسلاميو الثورة ظلوا على الدوام يرفعون شعار مقاطعة إسرائيل فى مختلف المجالات لاسيما البلدان التى توجد بها سفارات او ممثلون لإسرائيل من ضمنها مصر التى تمد إسرائيل بالغاز الطبيعي الذى كان أحد المطالب الأساسية لثورة 25 يناير المصرية إيقاف ضخه لاسرائيل، وفى هذا يقول دقش إن الافتراض الطبيعي فى ظل هذه التغيرات هو أن توجد رؤية جديدة للقضية الفلسطينية واشترط ذلك برؤية موحده للدول العربية باختلاف مصالحها، واستبعد دقش أن يخرج اجتماع وزراء الخارجية العرب بشئ جديد وفى الوقت ذاته توقع ان يكون هذا بمثابة تمهيد لوضع رؤية سياسية جديدة للعرب . الاحتلال الاسرائيلى لفلسطين والاعتداءات والحصار الذى ظل يقبع فيه قطاع غزة لفترة طويلة وجد على الدوام الرفض والشجب من عدة جهات غربية وعربية حاولت فى مرات عديدة فك الحصار المضروب لأعوام وان آمالهم كانت تخيب فى كل مرة كما يقول المثل العربي المشهور»عادت بخفي حنين» والقضية التركية ضد إسرائيل التى اتهمتها بقتل 9 اتراك متطوعين كانوا قد حاولوا دخول غزة قبل عامين خير دليل على ذلك كما ذهب وزير الخارجية القطرى الشيخ حمد بن جاسم فى كلمته الى أن العرب لم يستطيعوا نصرة إخوانهم فى فلسطين ولكنهم شاركوا بشكل أو بآخر فى اكمال دائرة الحصار الذى ضرب عليهم بريا وبحريا وجويا، فيما نوه وزير الخارجية السودانى على كرتى فى كلمته الى ضرورة انعقاد قمة طارئة للقادة العرب لمواجهة العدوان المتكرر لاسرائيل على الدول العربية الذي تمثل فى وقت قريب بالاعتداء على مصنع «اليرموك». من جهتها تواصل اسرائيل اعدادها للمزيد من الهجمات على القطاع وقبل ايام استنفرت إسرائيل آلاف الجنود الاحتياطيين للاستعداد للهجوم البرى على قطاع غزة كما قالت على لسان مسئوليها لوسائل الإعلام المختلفة من انها تمهد لقارة برية بشأن الحد من الاعتداءات الصاروخية التى اتهمت اسرائيل حماس بشنها على المدن الاسرائيلية والتى أدت الى مقتل ثلاثة مدنيين وجرح العشرات. وقد قامت اسرائيل صباح أمس الاحد بقذف المبانى التى تتواجد بها كثير من وسائل الاعلام المختلفة (سكاى نيوز، القدس، والأقصى الفلسطينيتين) مما ادى لجرح ستة صحفيين، وبررت اسرائيل العملية بأن المبنى توجد به أجهزة تحكم لاسلكية تخص حماس تستخدمها في هجومها على أحياء مدنية. فى ذات الوقت تكررت زيارات مسئولين عرب الى القطاع ابرزهم رئيس الوزراء المصري ووزير الخارجية التونسى اللذان ادانا العدوان وعبرا فى الوقت ذاته عن دعمهما لغزة ووقوفهما الى جانبها الى جانب كثير من المواقف العربية والاسلامية التى عبرت عن رفضها للعدوان الا أن هنالك خبراء يرون بأن هذا الخطاب عاطفي ولا يمكن أن يأتى بنتائج مقارنة بإمكانيات الدول العربية والتقدم التقنى وغيره لإسرائيل والذين استبعدوا فى الوقت ذاته امكانية المواجهة بين الدول العربية وإسرائيل أو اتخاذ موقف اقتصادي أو سياسي حاسم يرجح الكفة الفلسطينية الى حد ما، واستشهدوا على ذلك بأن ايقاف الغاز الطبيعى من مصر ظل مطلباً من قبل الاخوان فى الثورة ولكنهم الى الآن لم يستطيعوا ايقافه بالرغم من انقضاء عدة شهور على حكمهم . ويبدو أنه فى ظل الأوضاع الحالية التى يمر بها العرب بشكل خاص وتقاطعات الأجندة المختلفة قد لا يساعد كل هذا فى وضع رؤية محددة أو مشتركة تجاه ما يدور فى الخارج أو عن كيفية مواجهتها بحسب ما ذهب اليه مسئولين وخبراء فى وقت سابق بان المواجهة مع اسرائيل مستبعدة ولكن ربما تظل قضية فلسطين جندا مطروحا فى طاولة الحوار العربى السياسي، فى الوقت الذى تنظر فيه بعض الدول بعين الحذر فى كيفية دعمها ووقوفها الى جانب حركة حماس من خلال المنظور الغربى.