أثار تناولنا قبل شهر لأزمة انتشار المنتجات العشبية المغشوشة في الاسواق السودانية ردود أفعال كثيرة، ومن الواضح ان هنالك تحفظات كثيرة من مختلف المهتمين والمراقبين تجاه انتشار العديد من المستحضرات الخاصة بمعالجة الامراض بمواد عشبية بحسب المزاعم، فقد هاتفني العديد من المهتمين وقتها عن ضرورة تسليط الضوء على خطورة انتشار عمليات بيع الأدوية والمنتجات العشبية من قبل الباحثين عن الكسب المادي وليست لديهم خبرة في هذا المجال، فهؤلاء يمكن ببساطة أن يبيعوا مواد عشبية ومستحضرات تضر بصحة الإنسان وتعرض حياته للخطر، وبالتالي ينشأ السؤال عمن يتحمل مسؤولية السماح بانتشار هذا الضرب من التجارة؟ وبالأمس هاتفني بعض الإخوة بخصوص ظاهرة انتشار منتجات غريبة يزعم مروجوها انها تعالج العقم وتعيد العذرية للفتيات اللائي يفتقدنها، حيث تساءل هؤلاء الإخوة هل بلغ الاستخفاف بعقول الناس الحد الذي تسمح فيه السلطات المختصة بالترويج لمثل هكذا ترهات؟ ام ان الارباح الخرافية التي تحققها عملية بيع هذه المنتجات يتم اقتسامها بين السلطة والدجالين؟ إنه مجرد سؤال، حيث لوحظ أن المتاجرين بمثل هذه المنتجات الغريبة يفلتون من الرقابة ويمارسون تجارتهم في حرية تامة، وقد وصل بهم الأمر الى الترويج لمنتج يبشر النساء والفتيات بإمكانية إعادة العذرية، وهذا منحى خطير ومدخل لشرور عظيمة. وهنالك خطر يتهدد المجتمع يستهدف الأخلاق والاقتصاد، واذا كان الاقتصاد يمكن اصلاحه فمن يتعهد بإعادة ما ذهب من اخلاق الامة بحثاً عن التداوي عبر طرق كاذبة؟ وحينما كتبنا عن ضرورة أن تشدد السلطات المختصة الرقابة على المنتجات العشبية وحصر المتعاملين فيها ومعرفة مدى اتساق أوضاعهم مع القوانين السارية، كان الهدف هو تحفيز هذه السلطات للقيام بمهامها وحماية الاقتصاد وحماية صحة المواطنين، الى جانب حماية مصلحة دافعي الضرائب من طائفة التجار الرسميين الحاصلين على التراخيص الصحيحة، ممن تضرروا من عمليات إغراق الاسواق بالادوية والمستحضرات العشبية المهربة او الداخلة عن طريق المحسوبية، وكتبنا عن تلك المسألة فنفذت سلطات وزارة الصحة الاتحادية مشكورة بالتنسيق مع بعض الجهات المختصة حملة مداهمة لمستشفى خاص ينشط في بيع مواد الطب البديل، ولكن مداهمة المستشفيات الخاصة ليس الحل الكافي، فهنالك العديد من الحيل انتشرت في السوق العربي وبعض الطرقات لبيع المواد العشبية الخطيرة المهربة ومنتهية الصلاحية، بسبب انعدام الرقيب وتحت ستار معالجة الأمراض الجنسية وغيرها، حيث تباع باسعار خرافية ثم يشكو المواطنون من عدم فاعليتها، وبالتالي يكتشفون انهم وقعوا ضحايا عمليات نصب واحتيال أفرغت جيوبهم بحثاً عن التداوي بلا جدوى، ليشعروا في نهاية المطاف بأنهم يحتاجون فعلاً إلى حماية السلطة. ان الاتجار بالادوية يستلزم الحصول على التراخيص من المجلس القومي للادوية والسموم، فهل منح المجلس آلاف التراخيص لكل هذه الجيوش من المتاجرين في المستحضرات العشبية؟ إن كل من هبَّ ودبَّ ينشط للتعامل في المستحضرات الطبية والمواد العشبية، ولذلك الجميع يتساءل اين دور الجهات المختصة؟ وأين دور اتحاد العشابين من كل هذه الفوضى العارمة التي ضربت السوق العربي وانتشار المحال غير المرخصة والعربات المتنقلة والبيع في المكاتب؟ إن السلطات المختصة يجب أن تنفذ حملات دهم على حين غرة للحد من عمليات الاتجار غير المشروع في الادوية والسموم، كما أن انتشار مزاعم معالجة العقم وإعادة العذرية وغيرها من المزاعم الغريبة على التقاليد السودانية تخفي وراءها استهدافاً خارجياً أخطر من الاستهداف الاسرائيلي لمجمع اليرموك، وبالتالي كيف تسمح السلطات بدخول منتجات بهذه الصفة والكيفية ؟ نحن نخشى أن يتمادى المفسدون في الارض فيدخلون الي البلاد «الدمى الشهيرة» أو يبيعون «الواقي» على قارعة الطريق، فهل هنالك من يهتم أو يعبأ؟