تلعب الرقابة الصحية دوراً مهماً فى الحفاظ على صحة المواطن وحمايتها من العدوى، حيث تحول دون انتقال الكثير من الأمراض المعدية والخطيرة التى يمكن أن تنتقل عبر طرق عديدة خاصة عبر المأكولات، فهى تمثل حائط الصد الأول وتجسد الحكمة المعروفة «الوقاية خير من العلاج»، فكلما كانت الرقابة صارمة وصادقة كلما تمتع المواطنون بصحة جيدة، أما إذا كانت الرقابة هشة فستكون النتيجة الحتمية هى اعتلال الصحة وتفشى الوبائيات، وقطعاً هذا سيكلف المواطن والدولة الكثير، خاصة فى ظل الظروف الراهنة والتى يكابد فيها الناس من أجل توفير لقمة العيش. أسئلة عديدة تدور فى الأذهان عن الرقابة الصحية، أهمها هل تقوم السلطات الصحية فى الولايات والمحليات بدورها الرقابى على الأسواق خاصة محلات الأطعمة؟ وهل الحملات التى كانت منتظمة فى الماضى مازالت متواصلة؟ للإجابة على هذا السؤال خاضت «الصحافة» تجربة واقعية بمحلية الدويم بحاضرتها «الدويم» ممثلة فى مدير مكتبها بالنيل الأبيض، حيث تبين أن هناك ضعفاً فى الرقابة الصحية على المطاعم والكافتريات وغيرها من المحلات التى تبيع الأطعمة والمشروبات، فبالنسبة للمطاعم فقد اتضح أن العديد منها يستخدم الأطباق البلاستيكية، وهى وكما يعلم الجميع ممنوعة وكل من يستخدمها يعتبر مخالفاً، وقد تأكدت الصحيفة وعبر مدير مكتبها بالولاية من هذه المخالفة من خلال ذهابه لأحد المطاعم المشهورة بالمدينة لشراء «طلب فول»، ليتفاجأ بإحضاره فى صحن بلاستيكى، وعند سؤاله لأحد العاملين عن سبب استخدامهم لهذا النوع من الصحون، قال إنها أرخص سعراً وتدوم أطول، وأضاف أن إدارة الصحة سبق أن منعتهم من استخدامها ولكنها لم تمنعهم الآن، مشيرا إلى توقف الحملات التى كانت تتم فى الفترات السابقة. وفى ذات اليوم ذهبنا إلى أحد محلات بيع الألبان بالسوق الغربي، فكانت المفاجأة الثانية والمحزنة، وهى أن اللبن معبأ فى قوارير المياه الغازية المستعملة، وعندما سألنا البائع لماذا يستخدمون هذه القوارير المستعملة التى قد تنقل الأمراض ؟ أجاب بأنهم ظلوا يستعملونها لسنوات دون أن يسألهم أحد، وقال إنه لا يوجد بديل لها، وأنهم مضطرون لاستخدامها لقلة تكلفتها، وأضاف قائلاً إنهم يحرصون على غسلها جيداً قبل تعبئتها. «الصحافة» سألت أحد الذين يبيعون القوارير لمحلات بيع الألبان عن مصدرها، حيث ذكر أنه يجمعها من عدة أماكن من بينها المستشفى ومن أمام البقالات وكافتريا إحدى كليات جامعة بخت الرضا، وقال إنه ولكثرة الطلب على القواريرالمستعملة يضطر أحياناً لجمعها من مكبات النفايات والخيران. وتجربتنا الثالثة كانت مع صاحب طاحونة، حيث طلبنا منه دقيقاًً بعشرة جنيهات، لنصاب بشىء من الحيرة عندما أعطانا دقيقاً معبأ فى كيس ورق مصنوع من أكياس الأسمنت، فسألناه ألا تدرك خطورة الأسمنت على صحة الإنسان؟فقال أنه يعرف ذلك، واستطرد قائلا إنه ليس هنالك بديل صحى بعد منع المحلية استخدام أكياس البلاستيك، وأضاف أن السلطات الصحية لم تمنعهم من تعبئة الدقيق فى أكياس الأسمنت. مدير إدارة الصحة بمحلية الدويم الأستاذ محمد عظيم سبق أن أكد ل «الصحافة» أن استخدام أكياس الأسمنت سيتم منعه، حيث أقر سيادته بخطورة استخدامها، وأكد أن هنالك بديلاً متصالحاً مع البيئة سيطرح فى الأسواق. وآخر مرحلة في تجربة «الصحافة» كانت بالجزارة الرئيسة، حيث ترددنا كثيراً قبل أن نقترب من أحد الجزارين لشراء لحمة، وذلك من قبح المشهد القبيح الذى رأيناه، بوجود غطاء من العنكبوت يحيط بالسياج الذى يفصل بين الأمكان المخصصة لكل جزار، إضافة لوجود كمية من الغبار، وعندما سألنا عن سبب تردى بيئة الجزارة أجابنا أحد أعضاء نقابة الجزارين بأن المحلية وسلطات الصحة لا تقومان بواجبهما تجاه الجزارة، وأكد أن كل الجزارين يدفعون كل الرسوم التى تفرض عليهم والتى كما ذكر تبلغ فى العام «250» ألف جنيه، ورغم ذلك تبخل السلطات بتنظيف الجزارة والسلخانة بالصورة المطلوبة. بعض المواطنين أرجعوا إهمال الرقابة إلى تراخى السلطات الصحية من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم قيام جهات رقابية أخرى مثل الجمعيات الطوعية بواجبها التوعوى والإرشادى للمواطنين، حيث أشاروا إلى أن بعضها يضم خبرات فى مجالات الصحة المختلفة وبعض المستنيرين، إلا أنهم اكتفوا كما ذكروا بالفرجة فقط، واتهموا بعض أصحاب المطاعم والكافتريات بضعف الوازع الدينى وموت الضمير، مؤكدين أن الكل يعلم ضرر هذه المواعين على الصحة العامة، ورغم ذلك يصرون على استعمالها كما ذكروا. جولة «الصحافة» بسوق الدويم كشفت عن عدم وجود رقابة صحية حقيقية على محلات بيع المأكولات، وتأكد أن «الحبل متروك على الغارب»، وأن صحة المواطن حسب رؤية الكثير من المواطنين لا تجد الإهتمام اللائق، وأكدوا أن حياتهم أصبحت فى خطر إذا لم تتحرك السلطات الصحية للقضاء على هذه الظواهر السالبة المتمثلة فى استخدام مواعين ضارة بصحة الإنسان وتحمل مواد تتسبب فى الإصابة بالسرطانات وغيرها من الأمراض الفتاكة، وناشدوا المسؤولين بالمحلية والصحة التحرك العاجل، ودعا البعض المواطنين لمقاطعة المحلات التى تستخدم مواعين غير صحية، حتى يمتنعوا عن استخدامها.