اثار ويثير انضمام حركات منشقة من الحركات المسلحة بدارفور الى وثيقة الدوحة للسلام الكثير من الاسئلة حول تأثيرها على مجريات العملية السلمية في الاقليم خصوصا وان تجربة ابوجا والملتحقين بها ما زالت في الاذهان. ففي حديث لمسؤول ملف دارفور برئاسة الجمهورية الدكتور أمين حسن عمر قال فيه ان الحكومة ستوقع اتفاقاً مع قادة ميدانيين من حركات دارفور بالعاصمة القطرية الدوحة، قبل مؤتمر المانحين، مشيرا الى ان القادة الذين ستوقع معهم الحكومة اتفاقاً هم من المنشقين عن حركة العدل والمساواة، ومنشقين عن جماعة «مني أركو مناوي»وعبد الواحد محمد نور، وبهذا الحديث سيكون بلغ عدد الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع الفصائل الدارفورية أرقاماً قياسية حتى صار من الصعب احصاءها بينما الأوضاع على الأرض في دارفور تشهد ترديا أمنيا مضطردا ولا تزال تتدحرج كل يوم الى الأسوأ ، وسياسياً لم تحرز الاتفاقيات شيئا كبيرا بدارفور، وبات في حكم المؤكد ان يتم ضم قادة المجلس العسكري المنشقين عن حركة العدل والمساواة بدارفور وكردفان والجماعة المنشقة عن حركة قائد التحرير والعدالة السابق على كاربينو بقيادة يحيى سافنا وجماعة محمد ادم عبد السلام «طرادة» قائد ثاني حركة عبدالواحد والبدر عبدالرحمن أحمد موسى المنشقان من حركة تحرير السودان كاولى مجموعات منشقة من الحركات الدارفورية الرئيسية تعلن صراحة عزمها للانضمام الي وثيقة الدوحة لسلام دارفور بعد مرور سنة وخمسة أشهر من تاريخ التوقيع عليها. متابعون لمجريات الاحداث في دارفور يرون ان انضمام هذه المجموعات المنشقة الي وثيقة الدوحة شبيه بانضمام مجموعات «DOSS»وهي الحركات التي التحقت باتفاقية ابوجا السابقة للسلام التي وقعها رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي حيث التحق بها كل من فصيل حركة تحرير السودان جناح السلام ابراهيم مادبو وحركة تحرير السودان الارادة الحرة فصيل الراحل البروفيسر عبدالرحمن موسى التي خلفه فيها علي مجوك المؤمن وحركة العدل والمساواة جناح عبد الرحيم ابوريشة وحركة تحرير السودان الام جناح ابوالقاسم امام الحاج وحركة الجبهة الثورية للحقوق والديمقراطية جناح هشام نورين وغيرها من الحركات. ويقول الخبير في شؤون الحركات الدارفورية المسلحة الدكتور عثمان ابراهم موسى في اتصال عبر الهاتف من نيالا ان اي اتفاقية تعددت اطرافها تكون عرضة للفشل ، واعتبر موسى انضمام هذه المجموعات اذا لم يكن في اطار موحد مع حركة التحرير والعدالة بقيادة التجاني السيسي سيجعل وثيقة الدوحة برمتها محل تنازع وخروقات ومخالفات بعيدا عن الضوابط القانونية ومرجعيات التفاسير. واوضح ان واحداً من الاسباب التي ادت الي انهيار اتفاقية ابوجا السابقة هو تعدد اطرافها وابتعادهم وعدم انضباط الاطراف بمحورية الاهداف والعمل كفريق واحد ، ،مبينا ان اي اتفاق من طرفين سيعرف كل طرف ما لديه من حقوق وما عليه من التزامات وواجبات ملقاة على عاتقه ، ولكن في ظل تعدد الاطراف يذهب الطرف الملزم الي عمليات اخري وقد تدخل فيها عمليات اقرب الي الاغراء من اجل اضعاف الطرف الاكثر تمسكا بالحقوق العامة ، وشكك موسى في نوايا كثير من المجموعات التي تقول انها تريد الانضمام الي عملية السلام والي وثيقة الدوحة ، ولفت الي بعض قادة المجموعات التي تريد الانضمام الى الوثيقة ليس لها كوادر سياسية ولاتمتلك رؤية لحل الأزمة السودانية في دارفور، ،مبينا ان أية حركة ليست لديها قادة سياسيين اقوياء غير جديرة بالاستمرار وغير قادرة على الصبر علي تنفيذ وثيقة السلام الحالية، مؤكدا ان الامر يحتم علي قادة حركة التحرير والعدالة وهي الطرف الاساسي في الاتفاقية وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الملتحقين الجدد حتي لايكون انضمامهم الي السلام تكتيكيا، وكشف موسى ان من بين القادمين شخصيات استمرأت التكسب من القتال والاحتراب في دارفور فهم كانوا مع مني اركو مناوي يوم ان كانت ابوجا بثمارها وانشقوا منه وانضموا الي حركة العدل والمساواة واكلوا معها خيرات ليبيا واخيرا خيرات دولة الجنوب، مشيرا الى ان هؤلاء تحولوا الى جنرالات حرب وهدفهم الان ربما يكون ما قد يجمع من مؤتمر المانحين في الدوحة. غير ان وزير البنية التحتية والاعمار بالسلطة الاقليمية وامين الدائرة السياسية بحركة التحرير والعدالة تاج الدين بشير نيام قال ل«الصحافة » عبر الهاتف امس، ان السلطة الاقليمية وحركة التحرير والعدالة يتوجب عليهما لعب دور كبير للتعامل مع المنضمين الي وثيقة الدوحة من اجل نجاح العملية السلمية والعمل مع كل الحركات والفصائل التي تريد الانضمام الي وثيقة الدوحة بروح الفريق الواحد من اجل تنفيذ الاتفاق علي اكمل وجه، واقر نيام بضعف التنفيذ لوثيقة الدوحة في كل من بنود الترتيبات الامنية والعدالة والمصالحات و الثروة، موضحا ان الحكومة اذا لم تبد تعاونا بشكل جيد في دفع المبالغ الملتزم بها للعملية السلمية في دارفور فان الاخرين غيرنا سيتحدثون معها عن خرق الاتفاقية ،مبينا ان اتفاقية الدوحة الان اصبحت محط اجماع اهل دارفور والمجتمع الدولي والاقليمي، الامر الذي شجع ان تنشق هذه الحركات وتأتي الي السلام بارادتها الذاتية، مشيرا الي ان حركته اتعظت بما سبق من اتفاقات لذلك بدأت في تصميم الاتفاق بشكل سياسي يتوافق مع كل الحركات التي تريد الانضمام الي عملية السلام. الا ان محمد صالح منقو قائد الاستخبارات بحركة التحرير والعدالة اظهر تخوفا من خطورة عملية السلام المجزأة، لافتا الى انها لن تحقق سلاما عادلا وشاملا علي الارض في دارفور اذا لم تكن عملية التنفيذ مشجعة ،مبينا ان ضعف التنفيذ الذي صبر عليه قادة المجلس الثوري وجيش حركة التحرير والعدالة لايتحمله قادة الحركات القادمة ،مبينا ان المنشقين من حركة العدل والمساواة بقيادة «محمد بشر وغيرهم ليست لهم قيادة سياسية مؤثرة وكلهم مقاتلون وهم اكبر الجماعات المنشقة ولهم تأثير جنرالات حرب دارفور «بخيت كريمة» و»أركو سليمان ضحية» وهؤلاء لهم تأثير علي الارض في مناطق فوراوية ودوما وبوبا ، وطالب منقو الحكومة بتغيير سياستها الحالية والتعامل مع الجميع بروح المسؤولية والالتزام ،مبينا ان القادمين الجدد خاضوا معارك كل الحروب في دارفور مع «مناوي» في الفاشر وحسكنيتة، وانضموا للعدل والمساواة قبل مقتل د. خليل ابراهيم ،مؤكدا ان خروج الجنرالات بخيت دبجو واركو سلمان ضحية ومحمد عبد السلام طرادة يجعل من الحركات الرافضة بحاجة الي زمن لترتيب وضعها من جديد.