احكمت الملبوسات النسائية الغربية والشرقية قبضتها على الشارع، وتراجع الثوب السوداني الى عمق الريف شأن معظم الموروثات الوطنية، فقد بات منظر السيدة السودانية التي ترتدي الثوب السوداني لافتاً وينظر اليه على أنه أمر في طريقه الى الزوال، في وقت اخذت فيه الملبوسات الغربية تحكم قبضتها بفضل الانفتاح الثقافي الذي لم يرحم الثوب من المنافسة مع غيره من الملابس، فقد باتت الاسكيرتات والتشيرتات والقمصان التى تمنح المرأة سهولة الحركة تتسيد الساحة، مقارنة بالثوب السوداني الذي كثيراً ما تشكو المرأة من أنه يحد من حركتها، وهو ما دعا بعض النساء الى ابتكار طريقة جديدة لارتدائه، من خلال ربطه حول الوسط على طريقة الساري الهندي، ووضع جزء آخر غطاءً للرأس تسدله المرأة على كتفها الأيسر، ويطلق على هذا النوع من الأثواب «الربط»، وتكون خاماته في العادة من الحرير والشيفون، وفضل البعض منهن استبداله بالعباءة والفساتين الغجرية وغيرها. وتقول الحاجة عائشة بدوى إن الثوب السوداني ليس مجرد زي يميز السودانيات، بل بات مع مرور الزمن جزءاً من التراث الشعبي لذلك البلد الذي يحرص مواطنوه على إعلان الانتماء إليه بشتى الطرق، خاصة عندما يوجودون خارج بلادهم في إشارة إلى هويتهم وثقافتهم، فضلاً عن كونه معبراً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة السودانية التي لا يمكن أن تخلو خزانتها من «ثوب» بعدة نسخ منه، تزيد من أناقتها حتى لو لم تكن ترتديه باستمرار، مشيرة الى ان كثيراً من النساء المتزوجات حديثا لا يرتدينه ولا يحبذن شراءه في الشيلة بحجة انه يعوق الحركة وغير عملي. وغير بعيد من رأى عائشة قالت فوزية محمد في العقد الثالث من عمرها: تعرف المرأة الأنيقة من عدد ما تملكه من أثواب، سواء كانت نحيفة أو بدينة، وليس هذا فقط بل يمتد الحكم على مدى أناقة المرأة الى ما تحويه خزانتها من اكسسوارات مكملة لأناقة «أثوابها» ماضية الى ان الثوب السوداني يعطى الهيبة والوقار خلاف غيره. بينما ترى شذى عبدون ان وظيفة الثوب السودانى تراجعت، فخصص للمناسبات، وارجعت ذلك الى ان الثوب السوداني باهظ الثمن، فارخص ثوب يقدر ب 200 جنيه، بالاضافة الى انه غير عملى. وعن مدى اقبال السودانيات على شراء الثوب السودانى يقول محمود فضل الدين صاحب محل ثياب: يرتبط شراء الثوب بالمناسبات فقط، حيث اصبح جيل النساء الشابات او المتشببات يفضل لبس العباءة ويكتفين بشراء ثوب او اثنين للمناسبات الاجتماعية، مشيراً الى ان التجار يحاولون جلب كل ما هو جديد في عالم أزياء الثوب السوداني لجلب الزبائن، بالاضافة إلى إطلاق أسماء ذات علاقة بأهم الأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للترويج مثل «همر، نصف همر، انترنت، يوتيوب»، على الرغم من نمطية التصميم الذي لا يخرج عن الشكل المعتاد للثوب، ويأتي الاختلاف من نوعية القماش المستخدم وتطريزاته، فضلاً عن الاكسسوارات التي يتم تنسيقها معه، فيستخدم في تصميمه الحرير والشيفون المضغوط والقطن وغيرها من أنواع الأقمشة ذات الألوان المختلفة، فمنها السادة ومنها المطبوع برسومات مبهرة وألوان زاهية وجريئة أو هادئة ورسمية حسب الرغبة.