السودانية تعمل في ظل قوانين عدة تحتكم إليها، أبرزها القانون الجنائي وقانون جهاز الأمن،ولكن القانون الخاص بها هو قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لعام 2009،الذي ُولد بعد مساومات وتسوية بين الشريكين السابقين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحلفائها في التجمع الوطني. وحسب القانون الخاص،فإن كل قضايا الصحافة كانت تنظر أمام محكمة مختصة حددها رئيس القضاء،وهذه المحكمة تنظر أيضاً في استئناف الصحف التي ترى نفسها متضررة من أي قرار يصدر من مجلس الصحافة، سواء كان متصلا بتعليق الصدور أو بقرار إداري. وقبول المحكمة المختصة النظر في الاستئناف من الصحف يعني ضمناً أنها تنظر لقرارات مجلس الصحافة كأنها حكم جنائي،ومن درجات التقاضي،وهذا بالطبع ينافي طبيعة المجالس المهنية التي تطبق قانوناً خاصاً ينظم المهنة،وما يصدر عنه من قرارات شأن إداري. ظل هذا الوضع سائداً طوال السنوات الماضية حتى الشهر الجاري، حيث أصدرت المحكمة العليا قراراً سيشكل سابقة قضائية،حيث اعتبرت قرارات مجلس الصحافة إدارية،وليست من درجات التقاضي، وبالتالي فإن الطعن فيها ينبغي أن يكون أمام المحكمة الإدارية. وبناءً على ذلك فإنه لا اختصاص ينعقد للمحكمة العامة ولا محكمة الاستئناف بالنظر فيما يصدره مجلس الصحافة من قرارات،وتصبح الجهة الوحيدة التي تنظر في أي قرار هي محكمة الطعون الإدارية. قرار المحكمة العليا يخلق فراغاًً يمكن أن يحدث ضرراً بتعطيل أي استئناف حالياً،ولمنع وقوع مثل هذا الضرر المرتبط بعنصر الوقت،فإن قانون الصحافة اعتبر القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر مستعجلة،ونص على أن يحدد رئيس القضاء محكمة تكون مختصة بالنظر في الجرائم والمخالفات وفقاً لأحكام هذا القانون.،ولذا فالمتوقع أن يسمي رئيس القضاء محكمة تنظر في الطعون الإدارية خلال الفترة المقبلة. وحتى تكتمل أركان العدالة فينبغي أن تبادر وزارة العدل بإنشاء نيابة إدارية تتولى التحقيق والإدعاء أمام المحاكم المختصة،وتفض المنازعات في القضايا ذات الطبيعة الإدارية،لأن المخالفة الإدارية تختلف عن الجريمة الجنائية،والقاعدة الأصولية التي تنص عليها الدساتير أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. التطور الذي أفرزته السابقة القضائية في قرار المحكمة العليا،يستوجب تعديلا في قانون الصحافة يستوعب الواقع الجديد ،والقانون الحالي رغم أنه أفضل من القوانين التي سبقته منذ العام 1993،إلا أن ثمة ضرورة لاصدار قانون جديد يكون أكثر انفتاحاً ومرونة. ولكن إصدار قانون صحافة جديد وحده ليس كافياً،فهناك قوانين أخرى تضع قيوداً حديدية على الممارسة الصحفية،ولو كانت الدولة جادة في كفالة الحريات الصحفية،لعدلت القوانين الأخرى التي تسلب بالقوة ما نص عليه الدستور من حريات. أحلام اليقظة سعدت الأسبوع الماضي بزيارة ولاية النيل الأزرق وشهدت ضمن زملاء تعلية خزان الرصيرص، حيث تحقق «حلم اليقظة» الذي لم يغادر محطة الأحلام منذ نحو 40 عاماً، وتضاعف انتاج الكهرباء واتسعت الرقعة الزراعية المروية ،وزادت سعادتي بتوطين 22 ألف أسرة تأثرت بالتعلية ، استبدلت بيوتهم من المواد المحلية ، بأحياء سكنية من مواد البناء الثابتة، تتوفر فيها خدمات المياه والكهرباء والمدارس والمراكز الصحية ودور العبادة والأندية،وما فائدة تنمية لا ترتبط بالإنسان. التحية لوحدة السدود وعلى رأسها الزميل الحضري، الصحفي الذي ضل طريقه للهندسة،والتقدير لوزير الكهرباء والسدود وكل العاملين من المهندسين والكوادر الوطنية الأخرى الذين صاروا رصيداً وطنياً من الخبرات المؤهلة،وجعلوا هذا العمل الضخم منارة في زمن الخيبات..