منحت الجمعية العامة للأمم المتحدةفلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا ومكسبا قانونيا للفلسطينيين، وصوتت 138 دولة لصالح مشروع القرار، في حين عارضته تسع دول، وامتنعت عن التصويت 41 دولة. وكان يوجد في الأممالمتحدة دولة واحدة تتمتع بهذه الصفة، هي الفاتيكان، أما منظمة التحرير الفلسطينية فهي تنشط في الأممالمتحدة منذ عام 1974 تحت وضع «كيان بصفة مراقب»، واستعيض عن تسمية «منظمة التحرير» بتسمية «بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1988م. ويشكل الاعتراف بفلسطين دولة مراقبة في المنظمة الدولية ، استعادة لحق غض المجتمع الدولي الطرف طويلاً عن تطبيقه، وانتصاراً تاريخياً جديداً للواقعية الفلسطينية والحنكة السياسية بعيداً من الخطابة الجوفاء والمزايدات والشعارات العاطفية غير القابلة للتطبيق في اطار ميزان القوى الحالي اقليمياً ودولياً. ومن أهم المكاسب التي تحققت من النجاح الدبلوماسي إبراز مدى «القوة الناعمة» التي يتمتع بها الفلسطينيون في المحافل الدولية، واختبار عدالة قضيتهم ومقدار محبتهم بين شعوب العالم وأنظمته، حيث لم تعترض إلا دولتان معروفتان بتأييدهما الأعمى لإسرائيل «كندا والولايات المتحدة» وبعض الدول الهامشية التي ربما لم يسمع بها كثير من الفلسطينيين والعرب ودول العالم. دعم الطلب الفلسطيني يعني ان الغالبية الساحقة من دول العالم قد ضاقت ذرعاً بالاحتلال الاسرائيلي، كما يعتبر تحذيرا من جانب المجتمع الدولي لاسرائيل، بقدر عكس المساندة للحق للفلسطيني، وأثبت لكل القوى التي تقف ضد حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة أنها قوى معزولة، لا تملك أي تأثير على دول العالم التي تبني سياساتها الخارجية على مبادىء الحرية والكرامة. لقد تجاوزت القيادة الفلسطينية عقدة الخوف من أي ضغوط أو تهديدات أميركية واسرائيلية من نتائج تقديم طلبها إلى الاممالمتحدة لإعلاء مكانة فلسطين، وفشلت حملة التخويف الاميركية-الاسرائيلية «ومعها البريطانية» التي سبقت التصويت، ومن المؤكد أن أي تهديدات بعده سيكون مصيرها مماثلاً، ويجب أن يبقى العالم العربي سنداً للفلسطينيين بالفعل وليس بالتأييد اللفظي لأن استرداد حقوق الشعب الفلسطيني مسؤولية عربية جماعية ومسألة أمن قومي. وقد كان الشعب الفلسطيني موحدا تجاه هذه الخطوة ، وهو ما أظهرته مشاركة مختلف القوى والفصائل الفلسطينية في المسيرات التي جرت في أنحاء الوطن الفلسطيني، ومن ثمار هذا الإنجاز أيضاً،انصهار الشعب الفلسطيني في بوتقة الوحدة الوطنية في خط مغاير للواقع الانقسامي الذي ظل سائداً خلال المرحلة السابقة. فلسطين التي ستكون مسلحة بالدعم الدبلوماسي الكبير ستتمكن من رفع قضايا ضد إسرائيل، وستمنح المستوطنات القائمة على الأراضي المحتلةالفلسطينيين قضية جاهزة لملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، وسيمنع التهديد ب»الحرب القانونية» بعض القادة المدنيين والعسكريين الإسرائيليين من السفر للخارج خشية إلقاء القبض عليهم بشأن اتهامات بارتكاب جرائم حرب. الخطوة الأممية الجبارة لن تمنح الفلسطينيين حدوداً أو جيشاً أو مطارات، لكنها تعكس تقدمهم على مسار قضيتهم العادلة، وبعد أكثر من 65 عاماً يكون الشعب الفلسطيني قد فرض من خلال نضاله وتضحياته، وجوده على الخريطة السياسية الدولية، ومهد لخطوات أخرى من شأنها الضغط في اتجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة ، متحررة من الاحتلال ونظيفة من الاستيطان.