حملت صحافة الخرطوم الأيام الماضية خبراً مفاده ان نواب دارفور بالمجلس الوطني هددوا بالانسحاب من البرلمان حال استمرار التماطل في تشييد طريق الانقاذ الغربي، وبرؤيتي المتواضعة أرى أن هذا الخبر يعتبر احد أخطر ما تناولته الوسائط الاعلامية في السنوات العشر الماضية رغم ثقل واهمية ما تواترت عليه الصحف طيلة تلك السنوات من عناوين واخبار من لدن توقيع اتفاقية نيفاشا مرورا بتصويت الجنوبيين للانفصال واحداث هجليج، وانتهاءً بما وصفته الحكومة بالمؤامرة التخريبية الاخيرة، وسبب قناعتي بخطورة الغضبة المضرية لنواب دارفور هو مخرجات ما يمكن وصفه بالنقلة النوعية الجديدة في خطاب الهيئة البرلمانية لنواب دارفور، خاصة أننا نعلم أن اعظم ما يميز اهلنا في ربوع دارفور درجة التسامح بينهم وصبرهم على الاذى والمكاره وكأنهم احفاد ايوب عليه السلام. لقد تشرفت اكثر من مرة بزيارة كل القطاعات في طريق الانقاذ الغربي برفقة الوزير المهندس عبد الوهاب محمد عثمان وزير الطرق والجسور السابق، الذي كان في حالة طواف ميداني طيلة فترة توليه الوزارة متابعاً وراصداً سير العمل بمشروعات الطرق وعلى رأسها طريق الانقاذ الغربي، فكان لي شرف زيارة القطاعات المختلفة بالطريق في النهود ام كدادة والفاشر الكومة ام كدادة، وأعمال التأهيل في طريق الفاشرنيالا كاس زالنجي، وبلغنا قطاع زالنجي مورني وقطاع مورني الجنينة، كما كنت شاهداً على توقيع عقد طريق زالنجي قارسيلا وطريق الفاشر كتم .. وكان العمل يجري على قدم وساق في كل القطاعات بفضل التمويل الذي وفره القرض الصيني.. ونقلنا للناس بشريات عودة العمل في كل القطاعات، وكانت الصورة صادقة، فقد نقلت الفضائيات سير العمل عبر التقارير الميدانية الحية، وأشهد بأننا أسهمنا في تشكيل رأي عام مفاده أن الطريق سيبلغ غاياته و «ميسه» الأخير في أدري التشادية. وكنا علي يقين بأن الطريق قد خرج من حبسه تماماً ولن يتوقف الا في اطراف ادري البعيدة. وكنا نتحرى الايام لنسمع عن تحديد مواقيت الافتتاح النهائي للطريق القاري.. إن الطرق المعبدة ليس «زفتاً» كما قال المرحوم عمر الحاج موسى أحد ابلغ وزراء الإعلام على المستويين العربي والإفريقي في خطبته الشهيرة يوم افتتاح طريق مدني القضارفكسلا، فالطرق المعبدة هي العافية كلها.. عافية الاقتصاد والناس.. عافية المحاصيل وبهيمة الانعام، ولطريق الانقاذ الغربي «عافيات» اخرى.. انه يعني زوال التهميش وتعضيد الانتماء للوطن في وقت تراجع فيه الاحساس بالانتماء للوطن لدى المواطن في دارفور، وإن منعه أدبه اعلان ذلك أملاً في الاصلاح أن طريق الانقاذ الغربي وحده القادر على رتق ما أصاب الانتماء للوطن. ظروف خاصة حالت بيني ومتابعة سير العمل بطريق الانقاذ الغربي، حتى استمعت الى التقرير الذي قدمه وزير النقل والطرق والجسور الدكتور احمد بابكر نهار الذي كشف فيه عن توقف العمل بالطريق، وعلمت ان وزارة المالية لم تقم بضخ مليم واحد بعد توقف القرض الصيني، فشعرت بما يشبه الطعنة النجلاء في خاصرتي، فقد ثبت أن الحكومة تتعاطى بما يمكن وصفه باللامبالاة، لدرجة ان مشروع الموازنة للعام الجديد لا يحمل تعبيد كيلومتر واحد كما افادني احد الخبراء، حتى جاءت اللهجة الحادة لنواب دارفور، ولو كنت مكان أي من رؤساء الهيئات البرلمانية لمختلف الولايات لأعلنتها صريحة وقوية أنني مع دارفور على طريقة الشاعر الفذ أنا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية ارشد انها صرخة يجب أن تتمدد بطول البلاد وعرضها لتغشى كل الوهاد والسهول لتعبر الى البيوت.. كل البيوت حتى تبلغ من به الصمم.. فتجاهل قضية طريق الانقاذ الغربي طعنة ليست موجهة الى عضو طرفي، ولكنها الى قلب السودان أو ما تبقى منه.. ووضح جلياً عدم توفر الارادة السياسية لإكمال الطريق. وهو أمر خطير ستكون له عواقبه. وليت ولاة الأمر يعمدون إلى اتخاذ القرار الصحيح، ولو تطلب ضخ كل الموارد المتاحة لتكملة المشروع قبل فوات الأوان. ألا هل بلغنا.. اللهم فاشهد