ظلت مشكلة المياه تشكل معضلة كبيرة لمواطني الدالي، وهماً مورقاً اقض مضاجعهم، وحلماً جميلاً بعيد المنال داعب مخليتهم، واشتدت معاناتهم فى رحلة البحث عن ماء نقى يروى ظمأهم ويعيد الحياة الى بيئة الدالى التى اصابها التصحر والجفاف وهجرها الإنسان والحيوان. ولما كانت منطقة الدالى منطقة جبلية صخرية وتعذر حفر الآبار الجوفية لطبيعة التربة وترسباتها الجيرية، فقد كان الخيار الأوحد هو الحصول على المياه من الحفائر والخيران، ليشترك الإنسان والحيوان في الاعتماد على ادوات حصاد المياه ممثلة في الحفائر، مما يعني التعرض لتناول مياه ملوثة بعوامل خارجية وداخلية ابرزها مخلفات الإنسان والحيوان، فتفشت الأمراض الخطيرة والقاتلة التي لها علاقة بتلوث المياه، فكانت دودة الفرنديد والبلهارسيا، وتفشت الإسهالات المعوية وغيرها من الأمراض المميتة. والمحطة النيلية «سنجة، الدالى والجفرات» التي تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ «20» ألف متر مكعب من المياه فى اليوم أدت إلى حل مشكلة شح المياه في نحو أكثر من «15» قرية على طول خط المياه من سنجة الى الدالى، والقرى التي يمر بها خط مياه الدالي هي سعاد، محبوبة، كضيبات، ود عريكى، المليساء، ود خزين، وغيرها من القرى التى كان الاهالي قد هجروها بسبب الجفاف الذى قضى على الأخضر واليابس ، ودفع الجميع الى ترك ديارهم قسراً لانعدام الماء أكسير الحياة. «الصحافة» انتقلت الى المنطقة ووقفت على اسباب السعد البالغ بين الاهالي. ويقول على أحمد وهو أحد مواطنى الدالى إن المنطقة من أكثر المناطق شهرة على مستوى السودان، فهى التى تمد أهل السودان بمختلف المنتجات الغذائية، وبتحقيق هذا الحلم بتوفير مياه الشرب تكون قد عادت إلى المنطقة عافيتها، إذ اكتملت مقومات الاستقرار لإنسان المنطقة بعد توفر الكهرباء، فالمنطقة الآن موعودة بطفرة إنتاجية كبرى بإنفاذ مختلف مشروعات التنمية التى تدعم مسيرة الإنتاج بالبلاد. ويقول محمد عبد الله إنهم فى السابق كانوا يهاجرون الى سنجة وسنار، ويقطعون المسافات الطوال فى جلب المياه بالتناكر للحصول على ماء نقى صحى، فمياه الحفائر التى اعتمد عليها المواطن كثيراً ما جلبت له المرض والداء العضال، وارتبطت دودة الفرنديد بالمنطقة، إذ نشطت منظمة الصحة العالمية فى مكافحة هذا الداء الذي كان يحصد سنوياً أرواحاً عزيزة، ارتبطت بتراب الوطن وعادت الى التراب، كما أن البلهارسيا والإسهالات كانت هى ايضاً مهدداً آخر لصحة وسلامة المواطن. وتقول المواطنة ست الجيل إن الدالى الآن تنعم بنعمة الماء، وتنتظر الطريق الدائرى الذى وعد به النائب الأول لرئيس الجمهورية على عثمان محمد طه «سنجة الدالى المزموم» خلال زيارته للولاية أخيراً، وتشير إلى أن المنطقة فى الخريف تصبح فى عزلة تامة عن حاضرة الولاية وعن مختلف ولايات البلاد، وتطالب بضرورة الإسراع في تشييد هذا الطريق لربط هذه المنطقة الاقتصادية المهمة لاهل السودان جميعاً. وفى سؤال تخصصى عن أهمية المحطة النيلية «سنجة، الدالى، الجفرات» تحدث ل «الصحافة» المهندس السرى كمال الدين نور المدينة، مدير التخطيط والمشروعات بهيئة مياه الشرب، مشيراً الى أن المحطة توفر ماءً نقياً صحياً وبمواصفات الصحة العالمية، وتعد السبيل الوحيد لتوفير مياه الشرب لإنسان المنطقة لصعوبة حفر الآبار الإرتوازية وجفاف المياه، والمشروع مر بمراحل كبيرة وشاقة، والآن تكللت المساعي بالنجاح بإقامة محطة نيلية من النيل الأزرق قرب سنجة لتغذى سنجة الدالى والجفرات، وتوفر ماءً صحياً للمواطن. ويقول المواطن آدم عبد الله ل «الصحافة» إن المنطقة واعدة بإقامة المشروعات الإنتاجية الصغيرة كصناعة الزيوت والصابون والحلويات والمعلبات والصناعات التحويلية الخفيفة، الى جانب توفير الأعلاف، لافتاً الى أن المنطقة تزداد أهميتها وعودة الحياة اليها بتشييد الطريق الدائرى واستثمار رؤوس الأموال الوطنية فى إنشاء مؤسسات اقتصادية وتجارية تخدم المنطقة، وتعيد اليها مجدها وعزتها التى عرفت بها بوصفها سلة لغذاء أهل السودان قاطبة.