انتشرت فى السنوات الاخيرة ظاهرة المخدرات بصورة مخيفة، واثارت هذه الزيادة اهتمام المنظمات المدنية والجهات المهتمة بامرها، وكان البنقو المخدر الاكثر شيوعاً لكن بدأت تظهر على السطح انواع كثيرة من المخدرات التى لها آثار صحية واجتماعية واقتصادية، وارجع باحثون انتشار الظاهرة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية والفشل العاطفى والعطالة والإخفاق فى تحقيق الذات، وهي عوامل مهمة فى بروز الظاهرة جنباً الى جنب مع رفقاء السوء، اضافة الى فقدان الثقافة المجتمعية، بجانب المد الفضائى ومشاهد المخدرات فى الافلام، لكن الامر المخيف أن المخدرات أخذت طريقها الى الطلاب بالجامعات، حيث لم تنف بعض الجهات تناول المخدرات وترويجها داخل الحرم الجامعى، لكن لم تكن هنالك احصائية معينة، انما هى ظاهرة خطيرة من وراء الكواليس، وتحتاج الى تضافر الجهود من جميع الجهات المختصة لمحاربتها والحد منها. وفي إحدى الجامعات الكبيرة ينتشر تعاطي المخدرات بين الطلاب عبر مروجين بعضهم طلاب والبعض الآخر يدعي أنه يدرس بالجامعة لكي يستطيع ترويج أكبر قدر ممكن من انواع المخدرات المختلفة، وتحدثت ل «الصحافة» مجموعة من طلاب الجامعات الذين أكدوا انتشار المخدرات بصورة واسعة داخل الحرم الجامعى، وفضلوا حجب اسمائهم، وهذا ما ابتدرت به الطالبة «ن» حديثها بعد أن استفحل الأمر وبدأت مجموعات المتعاطين لها تتسع، وحينما كثفت الجامعة جهودها لمحاربة الظاهرة داخل الحرم الجامعي وبات تعاطي المخدرات بها أمراً صعباً لجأ الطلاب الى اساليب اخرى، حيث صاروا يستأجرون عربات أمجاد محددة اصحابها من كبار المروجين ليتناولوا جرعاتهم المخدرة، ولكن هذه الكيفية تكلفهم مبالغ طائلة، مما جعل الأمر ينصب في مصلحة المروجين، وضاق الخناق على الطلاب المدمنين بشكل كبير داخل أسوار الجامعة وخارجها يصبح الامر صعباً للغاية. وقال الطالب «ع» انه شاهد مجموعة من الطلاب يتناولون سيجارة «بنقو» داخل الحرم الجامعى، واندهش مما يحدث، وعندما ذهب وحكى لزملائه قال انهم تقبلوا الموضوع بكل برود ولم يظهر عليهم أى اندهاش، وعندما سألهم عن عدم تفاعلهم مع الموضوع سخروا منه وقالوا إن الموضوع عادى بالنسبة لهم، وقالوا إنهم شاهدوا كثيراً من أنواع المخدرات بالجامعة، وان تناول المخدرات صار مثل السجائر والتمباك، مؤكدين أن المروجين طلاب من داخل الجامعة. ومن جانبها قالت الطالبة «م» إن تعاطي المخدرات بات أمراً طبيعياً داخل الحرم الجامعى خاصة «البنقو»، وتساءلت باستغراب: هل من السهل الحصول عليه لانه متوفر كالسجائر العادى؟ وقالت انها شاهدت اكثر من مرة مجموعة من الطلاب يتعاطون سيجارة البنقو حتى أصبحت رائحتها مميزة ومعروفة بالنسبه لديها حتى اذا لم تر من يتعاطونها. واضافت انها كانت لا تصدق من يقول ان بالجامعات السودانية طلاباً يتعاطون المخدرات داخل الحرم الجامعى، لكنها فوجئت عندما ضبطت مجموعة من الطلاب يتعاطون المخدرات داخل الجامعة. واضاف «ح» ان تعاطى المخدرات ليس محصوراً فى حرم الجامعة فقط، ولكنه طال قاعات الكليات، فكثير من الطلاب يتعاطونها داخل القاعة. اختصاصى السموم والمخدرات محمد عبد الرحيم جاه النبى، تحدث عن الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية للادمان في الورشة التى أقامتها جامعة افريقيا العالمية عن الادمان وسط الطلاب، مؤكداً زيادة انتشار المخدرات فى السنوات الاخيرة، وقد اثارت هذه الزيادة اهتمام المنظمات المدنية، وعن حجم انتشار تعاطى المخدرات داخل الجامعة قال: ليست هنالك احصائية معينة انما هى ظاهرة خطيرة من وراء الكواليس، حيث تؤكد مصادر صحية وجود ظاهرة تعاطى المخدرات ووجود مروجين لها، كما اكدت دراسة أن اكبر دولة منتج للبنقو فى افريقيا هي السودان، حيث ينتج 60%، ومعظم المتعاطين من الطلاب، مبيناً الآثار الصحية والاجتماعية للمخدرات، وقال إن لها آثاراً خطيرة تخلفها فى النفس والعقل والنسل والمجتمع. ومن جانبها قالت اختصاصى الطب النفسى نور الهدى محمد، إن المخدرات ليست ضارة بالفرد فقط بل بالمجتمع، وتنتج عنها مجموعة من الاعراض الفسيولوجية، مبينة أعراض الادمان الاخيرة التى يصل اليها المدمن، وقالت إنه من الصعب معالجتها الا اذا اراد هو ان يقلع عنها نسبة لصعوبة السيطرة على النفس عندما تأتى مواعيد الجرعة، وظهور الاعراض الانسحابية كالاهمال والبعد عن المسؤوليات والاصرار على تناول المخدر، والمدمن يكون على علم بأنه ضار، اضافه الى تدهور عام فى الشخصية والسلوك. وتحدث ل «الصحافة» اختصاصى الطب النفسى الدكتور على بلدو وقال إن المخدرات بشقيها الطبيعى البنقو والحشيش والقات وشكلها التخليقى كالكوكايين والمورثين أصحبت هاجساً نفسياً وباتت تمثل عبئاً على النظام الصحى والعقلية النفسية فى المجتمع، واضاف أن من اهم الاسباب التى تؤدى الى تعاطى المخدرات بالنسبة للطلاب النزعة او التركيبة الوراثية لدى الشخص التى تجعله مهيأ دون غيره للتعاطى، حيث تشير بعض الدراسات إلى وجود كروزومات معينة تزيد من تلك القابلية، اضافة الى دور الاسرة وعدم التناغم الزواجى والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والفشل العاطفى والعطالة والاخفاق فى تحقيق الذات، وهي عوامل مهمة فى بروز الظاهرة، ومن اكبر المهددات على الشباب خاصة شريحة الطلاب رفقاء السوء من كبار السن، الأمر الذى يؤثر سلباً على اليافعين والشباب. وعلى صعيد آخر يضيف بلدو قائلاً: العطالة والجنوح والرغبة فى التمرد وعدم احترام التقاليد والاعراف اضافة الى الاكتئاب النفسى والروح المتمردة على المجتمع وبعض الامراض الاخرى المزمنة تحديداً، كلها عوامل تؤدى الى الولوج في عالم الادمان المظلم خاصة لدى الشباب والطلاب، موضحاً أن الظاهرة تتمرحل الى ان تصل إلى العنف وجرائم الاغتصاب والانحراف الجنسى والانتحار وغيرها من المشكلات النفسية، بجانب انهيار الاسرة والتدهور الاكاديمى والانخراط فى منظمات خارج القانون، وايضاً حدوث المضاعفات الطبية كالفشل القلبى والكلوى والضمور الدماغى والموت الفجائى. وقال بلدو إن العلاج يتمثل فى لجوء المدمن إلى أحد المراكز العلاجية المتخصصة التى تضم العلاج الطبى والنفسى والتأهيلى والاجتماعى، ومن ثم اعادة دمجه بوصفه فرداً سليماً ومعافى، وهذا يتطلب تضافر الجهود لدى الأسرة والطبيب والجامعة، اضافة الى الدور المتعاظم لمكافحة المخدرات فى ايقاف تلك السوق الرائجة هذه الايام، ودعا بلدو كل المدمنين إلى الحضور اليه وعدم الخوف، مؤكداً أن التعامل يتم بسرية وشفافية كاملة واحترام كامل للخصوصية.