قبيل وصولها الى الخرطوم في زيارة طلباً للعلاج تدور معركة بين الحفيدات حول أحقهن باستضافة حبوبة «زينب» عند وصولها، وتصر الحفيدات كل على حدة على استنهاض همم الوالدين بضرورة الاسراع الى الميناء البري لاستقبال الجدة قبل الاخريات.. وهنا «الصحافة» توضح مكانة الحبوبات في زمن مغاير. تقول فدوى محمد أحمد الطالبة الجامعية التي تسكن منطقة الخرطومجنوب، ان حضور جدتها لامها يمثل بالنسبة لها مصدر سعادة، مشيرة إلى أن وجود جدتها يمنحها لحظات تتذكر فيها الاهل والمعارف والجيران، مضيفة أن «حبوبة لطيفة معنا» مؤكدة أن حبوبتها تحكي لها قصص الزمن القديم وسبل كسب العيش في غابر الايام، وابانت فدوى ان زيارة حبوبتها إلى الخرطوم تشكل مصدر نزاع بينها وبين بنات خالاتها اللائي يحاولن الفوز بقلب الحبوبة، وتؤكد ان بنات خالاتها يلجأن بكل السبل إلى استضافة حبوبتها. بينما يوضح عوض حسن ان زيارة جدته لابيه إلى الخرطوم عندما تأتي طلباً للعلاج او عند مختلف المناسبات الاجتماعية، تمثل لهم نبع الحنان الذي يفتقدونه طيلة فترة اقامتهم في الخرطوم، مشيرا إلى ان والدهم غادر الولاية الوسطى منذ خمسة عشر عاما طلبا للتحسين فرص كسب العيش، ويؤكد رامي أن حبوبته تذكره بايام الصبا التي عاشها، مضيفاً أن حبوبة لها حكم وامثال حاضرة تضربها لكل مواقف الحياة اليومية. لكن في الجانب الآخر، وفي بعض الاحياء السكنية الراقية التي يسكنها في الغالب اشخاص ذوو اقامة طويلة نسبياً بالخرطوم، نجد ان وجود الحبوبة في حياة الاطفال او الابناء له جوانب مختلفة، وحتم وجود الحبوبة بصورة دائمة وسط الاحفاد عدم الاهتمام الكبير بها، إلى الدرجة التي باتت فيها الحبوبات لا يحبذن لقب «الحبوبة»، وانما يفضلن ان يطلقن عليهن لقب «ماما» وكثيراً ما تسمع الاطفال يردون كلمة «ماما» قبل الاسم، وكثيرا ما يكون الامر مبعث ارتباك لمعرفة من هي ربة المنزل، ويقول رامي سيف الطالب الجامعي انه يطلق على جدته «ماما» مضيفاً «هذا ما تعودنا ونشأنا عليه»، ويؤكد ان اقامة جدته بمنزلهم تمنحهم السعادة، إلا انه يشير إلى عدم مجالسته كثيراً مع جدته في السنوات الاخيرة لجهة انشغاله بمحاضرات الجامعة. وبعض سكان الاحياء الجديدة المبنية على احدث طرق البناء العمراني الزاهي المتأثرين بقنوات البث الفضائي، يطلقون على الجدة لقب «نينة» التي استلهموها من المسلسلات والافلام المصرية والتي عند السومريين سكان الهلال الخصيب بمعنى الام او العرافة، وهناك آخرون يطلقون على الجدة «تيتا» التي تأتي على غرار الاشخاص الذين لديهم قبول للأخذ من الآخرين والتي استلهمت من الدراما السورية في السنوات الأخيرة. وبغض النظر عن اللقب او المكانة التي تنالها الجدة سواء أكانت حبوبة او نينا او تيتا، فإن مكانها مازال شاغراً في ظل موجات التغيير الاجتماعي التي حدثت في السنوات الاخيرة.