تعددت زياراتي الى أرض العز وطن الجدود وبحبه العامر في قلوبنا بلا حدود، لمسؤوليات اجتماعية وواجبات رسمية، وما أحلى ان تنعم بوجودك في وطن الشموخ، وهذه المرة طالت إقامتي الطيبة بين أهلي وأحبتي، فوجدت ما أعجبني في أهلي الطيبين رغم الضغوطات والتحديات الاقتصادية والسياسية، إلا أن جميعهم يربطهم الحب والخير والتواصل، ويتخذون من النيل سلوى وملاذاً، ومن ضفتيه رياحين وجلسات وتنفيس، لكن ما لم يعجبني لطفاً أحبتي كثرة ستات الشاي في العاصمة المثلثة من الجنسيات المختلفة، إضافة لبنات بلدي الأماجد، وبين كل شجرة وشجرة ست بألف راجل، فقط حولها آلاف الرجال، وفيهن ما فيهن، وعليهن الوقار والجمال، ولكن ما ينطبع في الذهن الفوضى ومضيعة الوقت وجلوس إخواني الرجال على أسوأ حال بلا عمل او بلا آمال، ومنهم يرجى الكثير، فلماذا ضياع الوقت ونحن نحتاجكم في المزارع والحقول وفي التعدين في البكور لرفعة الوطن. أما عزيزتي حواء فتبدو كأنه لا يوجد غير مهنة الجلوس والبخور والعطور على الطرقات، مما جعل أخي الرجل يتمرد على تناول الشاي والقهوة في داره بين أهله وعياله، ويمتد الحديث لأشياء شفيفة وحثيثة ولكن في مقام آخر. أما أعزائي أهل الفن الذين يجوبون النيل بواخر وضفافاً يطربون الماري والغاشي، نريد فقط التوازن والانضباط لنكون خير العباد، فلا تعارض بين الدين والفنون والجمال، فقط نحسن واجهات الجمال بأحسن تعبير وأجمل حال. وأقول في هذا المقام وأنتم وأنا بينكم: نحن شعب له قيمه وثرواته وحضاراته وإرثه، فلنبرزها في ثوب قشيب وأنيق يشبهنا، وأن نتنسم نسائم العز من نيل سلسبيل يحفه من كل صوب أهلي الكرام، ويؤمه كل سائح وزائر، ويعكس صورة زاهية تشبه أهله، وتشير لعهوده وجهوده وإرثه الحضاري، وتكوِّن صورة ذهنية أكمل من تمام.. ودمتم بعز وسلام.