السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كربلاء - مأسدة الحسين.. واحسيناه.. يا عاشوراء.. من قتل الحسين..؟!
نشر في الصحافة يوم 14 - 12 - 2012


كربلاء : كرب و بلاء
لا يوم كيومك يا ابا عبدالله. يوم طبقت فيه على الارض السماء واشتد على اهل الاسلام الكرب وعم البلاد، وضاقت بهم الارض بما رحبت .. قتل ابن بنت رسول الله.. واحسيناه ... بأبي انت وامي يا ابا عبدالله الحسين، ليتني كنت معك فأهدف نحري دون نحرك فأفوز فوزا عظيما روحي لك الفدا.. سلام الله على الحسين ريحانة المصطفى على اولاد الحسين، وعلى اصحاب الحسين، وعلى الاجساد التي مزقت بين يدي الحسين، وعلى الاجداث التي حلت بساحة الحسين، وعلى الارواح التي ارتقت مع الحسين... ولعن الله من قتل حسينا ولعن الله من رضي بقتل الحسين .. فإنا لله وإنا اليه راجعون ولا نقول الا ما يرضي ربنا في مصابنا في ابن فاطمة وعلي وبضعة النبي روحي لهم الفدا بأبي هم وامي..
يوم الطف: مجزرة الدم الزاكي:
في صبيحة يوم الجمعة العاشر من محرم لعام 61ه ، وعلى تخوم كربلاء.. كانت وقعة الطف الرهيبة .. وقف التاريخ يومها شاحبا ليسجل حدثا كارثيا، شكل فيما بعد منعطفا خطيرا في حياة الامة واختبارا عسيرا مريرا انقسم الناس فيه الى فسطاطين الاول: فسطاط اهل السنة والجماعة والثاني: الشيعة الامامية الاثني عشرية وعلى اساس هذا الفصام المذهبي العقائدي يثار السؤال الجدلي من قتل الحسين..؟!!
وللاجابة على هذا السؤال المخيف تعالوا نستفسر التاريخ..
الأحداث بين الحقيقة والافتراء:
تروي مصاديق التاريخ الصحيحة المتصلة الاسناد الصريحة قصة مأساة .. بل مأسدة (الحسين بن علي) رضي الله عنه وأرضاه وبشكل مختصر تقول : (مكث الحسين بن علي رضي الله عنه تحت حكم الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه وعن ابيه مدة عشرين سنة، وذلك بعد ان تنازل له بالخلافة طواعية شقيقه (الحسن بن علي) مصداقا لنبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يشير (للحسن) (ان ابني هذا سيد، ولعل الله ان يصلح به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين)، وصدقت نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسعد المسلمون طوال عقدين من الزمان، الا انه وللأسف الشديد احدث معاوية رضي الله عنه امرا غير منحى الاحداث حيث ارسى بولاية العهد من بعده لابنه (يزيد) فتحفظ كثير من الصحابة ومن ضمنهم الحسين بن علي رضي الله عنه، ورفضوا البيعة ليزيد، ولما توفى معاوية رضي الله عنه سنة 60 ه ، راسل اهل الكوفة الحسين بن علي وطلبوا منه ان يهاجر اليهم فيناصروه ويبايعوه على ذلك، وكثرت الرسائل على الحسين حتى بلغت خمسمائة رسالة وبيعة، فأراد الحسين ان يتأكد من الخبر فأرسل ابن عمه (مسلم بن عقيل بن ابي طالب)، فذهب الى هناك ونزل في ضيافة احد وجهاءالكوفة وهو (هانيء بن عروة) وتأكد من الموقف وعلى الفور، راسل الحسين ان (أقدم علينا فقد اخضر الجناب وأينع الثمر، وعقدت البيعة لك).. وصلت الرسالة الى الحسين فتجهز على الفور واخذ معه نساءه واطفاله وبعض اصحابه بلغوا الاربعين مسافرا ليس معهم الا سلاح المسافر،لم يخرج الحسين لقتال يقينا لم يخرج لقتال، ولم يكن يعلم ما ينتظره. خرج لقوم زعموا انهم انصاره فخرج رضوان الله عليه الى مكان يظن انه آمن له ولآل بيته وقبل ان يصل الحسين الى الكوفة، حدث امر رهيب حيث كشف امر مسلم بن عقيل لوالي الكوفة (عبيد الله بن زياد) فأمر بالقبض على (مسلم بن عقيل) بعد ان قتل (هانيء بن عروة) فتجمع مع مسلم بن عقيل اربعة آلاف مقاتل في اول النهار، ولكن وقبل مغيب الشمس لم يبقَ منهم احد كلهم هربوا وبقي مسلم بن عقيل وحده خائفا يترقب مطاردا في شارع الى شارع، حتى قبض عليه، فأدرك مسلم فداحة الخيانة فطلب من عبيدالله بن زياد طلبا اخيرا، قبل اعدامه وهو ان يراسل الحسين ويطلب منه ان يرجع، ولكن وللأسف الشديد لم يصل الرسول الى مكة إلا وقد وجد الحسين قد خرج الى الكوفة..!
وقبل ان يسافر الحسين سفره الاخير، اعترضه بعض الصحابة منهم عبدالله بن عباس وقدم له سؤالا منطقيا فقال: هل عزل اهل الكوفة واليهم؟! فقال لا قال اذن يخذلوك، وقال له عبدالله بن الزبير، اين تذهب الى قوم قتلوا اباك وطعنوا اخاك؟! لا تذهب وقال له ابوسعيد الخدري لقد سمعت اباك يقول عنهم من فاز منهم فاز بالسهم الاخيب.. لا تذهب كذا نصحه ابن عمر وحينما رفض اعتنقه وبكى وقال استودعك الله في قتيل وفي الطريق لقي الفرزدق فقال له الحسين كيف تركت اهل الكوفة ..؟! قال: قلوبهم معك وسيوفهم مع بني امية..خرج الحسين ولم يأخذ بنصيحتهم لأمر قضى فيه بأزل، وليقضي الله امرا كان مفعولا ولا حول ولا قوة الا بالله ..
النزول الأخير والمواجهة:
نزل الحسين بسهل فسيح فسأل عنه فقيل له هذه كربلاء فتنهد وقال: كرب و بلاء، ولما علم بمقتل مسلم وخذلان القوم له قرر العودة فقد طابق المظنون الحاصل، الا ان جنود (عبيد الله بن زياد).. احاطت به بقيادة (الحر التميمي) وبدأت المفاوضات فخيرهم الحسين بين ثلاثة خيارات اما يتركوه يرجع الى المدينة المنورة او يذهب الى الشام لملاقاة يزيد بن معاوية، او ان يتوجه الى اي ثغر من ثغور المسلمين وافق في البداية (ابن زياد) ولكن كان من بين الحضور احد شياطين الانس شقي من الاشقياء وهو (شمر بن ذي الجوشن) عليه لعنة الله فأشار اليه بأن يأسر الحسين ويذهب به الى (يزيد بن معاوية) فترتفع اسهمه عند (يزيد) اعجبت الفكرة (ابن زياد) فأمر على الفور بتجهيز الجيش بقيادة عمر بن سعد).. و(شمر) لأسر الحسين وبالمناسبة (شمر) هذا من اصحاب علي رضي الله عنه..
مأسدة الحسين:
رفض الاسد الهاشمي، رفض الشهم الابي الاستئسار وقال كلمته الشهيرة (هيهات منا الذلة)، وانضم له الحر الرياحي التميمي قائد المقدمة ومعه ثلاثون فتم عدد الابرار الذين مع الحسين بضع وسبعون سلام الله عليهم في العالمين..
وبدأ القتال ولا مقارنة سبعون نفسا زكية مقابل خمسة آلاف شقي فلما رأى اصحاب الحسين ألا طاقة لهم بالقوم جعل همهم ان يموتوا جميعا بين يدي الحسين حتى فنوا جميعا وبقي الحسين كالاسد يصول ويبعثر الصفوف حتى رماه اشقى القوم سنان بن انس بسهم وانقض عليه اللعين شمر بن ذي الجوشن واحتز رأسه الشريف .. أواه قتل الحسين قتل ريحانة المصطفى فإنا لله وإنا إليه راجعون..
هذا باختصار الرواية التاريخية الحقيقية للاحداث.. ولكن للشيعة اضافات اخرى تخرج الموضوع من سياقه التاريخي الى عقائدية مغايرة تماما لخط اهل السنة والجماعة..
الرواية الشيعية:
الرواية الشيعية لا تختلف كثيرا في المضامين، لكنها تضفى على التفاصيل مشاهد تخرج الحدث عن محتواه الى ابعاد عقائدية غريبة عن الاسلام فالاحداث عندهم تبدأ في فجر الرسالات منذ آدم عليه السلام زعموا، فالروايات تتضافر وتتكاتف بأن الانبياء كلهم حجوا الى كربلاء وبكوا الحسين قبل ان تخلق الامة التي فيها ولد الحسين، وان نوح وأيوب اختارا موضع قبريهما ليكونا بالقرب من مرقد الحسين .. تصور..
ثم تتقدم الروايات لتفهمنا ان المأساة بدأت يوم مولد الحسين فتقول الرواية ان رسول الله بكى وهو يحمل الحسين بعد لحظات من ولادته فسألته فاطمة عن سبب البكاء فقال لها ان امتي ستقتل ابني هذا في زمن لا اكون فيه موجودا ولا ا نت ولا علي ولا الحسن قالت فاطمة : اذن من يبكي ابني ؟! فقال: يخلق الله له شيعة يبكونه، قالت: فما يكون لهم من الثواب، قال: الا ترضين ان اشفع انا للرجال وانت للنساء؟!، وقال علي: لا اشرب من الكوثر حتى اسقيهم، وقال الحسن : لا ادخل الجنة حتى يدخلوا - لاحظ ان الحسن كان عمره سنة واحدة، قالت فاطمة: رضيت .. رضيت كأن هذا كل همها.. والحديث المنسوب للامام جعفر وهو يوصي ابا بصير اتحب ان تسعد قلب الزهراء ابكي حسينا...
ملمح اخير.. استفاضت الروايات حول ادراك الحسين المسبق لمآلات الاحداث، ليس فقط انه كان يعرفها بل قد خرج خصيصا لتحقيقها .. وقد رأى جده رسول الله عليه السلام في المنام وبشره بأنه سيقتل وامره بالخروج هكذا زعموا..
كل هذه الانساق من الروايات المنتحلة تعطي صورة مركبة للمسخ من عدة اجزاء تشكل في مجملها دين الشيعة الاثني عشرية.
الوجه الأول: القضية المركزية :
الروايات المتعلقة بارهاصات مقتل الحسين فنجد الرسالات لمبدأ الوحي مع الانبياء يوحي بفكرة مفادها ان مقتل الحسين غاية في ارسال الرسل وانزال الكتب، وان فاجعة كربلاء هي مركز دائرة الاسلام وقد قتل جمع من الانبياء قتل السيد الحصور يحيى وذبح زكريا وهم اكرم عند الله من الحسين طبعا هذا عندنا اما هم فالعكس هو الصحيح.. تصور..! ثم قتل في مشهد لا يقل دموية عن مقتل الحسين ابوه علي بن ابي طالب لماذا لم يندب بذات الفجيعة هكذا روايات عند الجواب باختصار ، لأمرين ..
الاول: ان هناك ترتيبات عقائدية وفكرية تبدأ بعد مقتل الحسين .
ثانيا: ان خط الانحراف قد بدأ لاحقا والاسلاف النبي وفاطمة وعلي لا يعلمون عنه شيئا والبداية كربلاء، وبدأت زاوية الانحراف كعادتها ضيقة ثم ما لبثت ان اتسعت حتى وصلت الى ما نحن عليه اليوم حتى تجرأوا وقالوا ان دم الحسين دم الهى، وان من زار الحسين في قبره كمن زار الله في عرشه..! ويزداد الانحدار..ويدوي الارتطام حتى يصرح حسين الفهيد انه ما على العرش الا الحسين تعالى الله علوا كبيرا
الوجه الثاني: صناعة الفجيعة واحتراف التفجع:
ايضا يمكنك ان تلمح من خلال الروايات وذلك الحوار المزعوم بين الرسول صلى الله عليه وسلم وفاطمة وشارك فيه علي والحسن والحسين بعد صغير امورا جد غريبة رسول الله ينعي حسينا ، فاطمة همها من سيبكيه فقط لا غير.. الرسول صلى الله عليه وسلم يستجيب لهواجسها ويخبرها ان الله سيخلق من سيقوم بالمهمة.. يتفاعل علي والحسين مع الموضوع.. وترتب على ذلك ثواب عند الله .. فترضى فاطمة.. هذا كل ما كانت تطمح له الزهراء البكاء علي الحسين.. وصلت الرسالة، لماذا لا تكون ايها المستمع لهكذا احاديث ضمن الزمرة المختارة، فتبكي حسينا.. حينها يتحول البكاء مجرد البكاء مقصد في حد ذاته ومبره للحسين وتسلية لفؤاد الزهراء يستوجب مغفرة الذنب ودخول جنة الرب .. هكذا...
عندها يعتلي الرادود (المنشد النائح) المنبر الحسيني فينفجر بالصراخ.. في شحن طائفي عالي التوتر ، وتعبئة مذهبية عالية الضغط...لتكريس مجتمع الكراهية.
ويبدو الحفل الدموي المجنون، ويضج المكان بالصراخ والعويل واللطم والتضبير (ضرب الاجساد بالآلات الحادة) ويشتد الازدحام والرقص المهووس لأجساد لزجة نصف عارية وتنبعث رائحة الدم الممزوجة بأبخره العرق وسط انين الطبول المحمومة.. هناك يفسح العقل مكانة للثأر المجنون والانتقام الاعمى وسط صيحات الجموع (يا لثأرات الحسين .. يا لثأر الله)...! وحين تسأل ببراءة ثأر؟! ممن..؟!! الذين قاموا بقتل الحسين هلكوا في ابشع صورة وقد ا نتقم الله من قتلة الحسين، ولا احد فيما هاهنا يرضى بمقتل الحسين !! فممن الانتقام؟ يجيبك على الفور رجال الدين باجابة خارج السياق ويجيبون السؤال بسؤال هل توالى ابا بكر وعمر؟! فتجيب بالتأكيد.. فيقولن اذن انت من قتل الحسين!! فالحسين قد قتل يوم السقيفة!! هكذا اذن!! مآلات مقتل الحسين..
الصورة في منتهى الوضوح وهنا يستطيع الباحث الحر ان يفسر مجموعة من الظواهر التاريخية مثل: سحق اسماعيل الصفوي لأهل السنة في ايران والتي كانت ويا للسخرية يوما من الايام سنية وخيانة ابن العلقمي للمسلمين في بغداد امام جحافل التتار وجرائم العبيديين والبويهيين، والخمينيين بالعرب الاحوازيين والحوثيين بصعدا، وحفلات الشواء في درعا ودير الزور وحلب وحماة بالنيران التي تصبها طائرات النظام الاسدي النصيري.. ذرائع ايها السادة.. مجرد ذرائع
وهنا يتجلى الفرق بين السبب والذريعة.. السبب يفرض نفسه ويذعن له الجميع.. والذريعة تختلق ويصنعها الخصم لابتزاز مكاسب لم يحرزها بمواجهة شريفة، او لم يسعفه الحق والقانون والعقل للنهوض بها مثل ماذا؟ مثل اكذوبة الهولوكوست محرقة اليهود على يد النازية ذات الانتهازية ونفس الابتزاز وأوجه الشبه الخصها في الآتي:
/1 تضخيم الحدث التاريخي بشكل غير طبيعي ونسج أكاذيب حوله ليتورم أكثر.
/2 اخراجه عن محتواه التاريخي وادراجه في نسق فكري عقائدي.
/3 اضفاء الطابع المأساوي الذي يعطي اولياء الدم الحق غير الشريف للثأر والانتقام والتشفي وتصفية الخصوم.
/4 الاسترزاق بها، وعدم الاكتفاء.. وتستمر الملهاة .
الوجه الثالث: نظرية التضحية والفادي والكفارة:
الملمح الاخير من خلال الروايات الشيعية تعاطي الحسين للأحداث ومعرفته سلفا لمآلات الاحداث ليس هذا فحسب بل هو يتحرك وفق خطة شارك شخصيا في وضعها، وان قدم نفسه وأهله فداء (القضية الولاية) الولاية لآل البيت، ومن يتقبل هذا الدم المسفوك يتبرر ويدخل في زمرة التشيع ويرث الفردوس الاعلى مع الكروبيين حتى لو كان من اهل الخطايا، ومن يرفض ان يتعامل مع الحدث باعتبار انه مقصد إلهي ومصدر عقائدي ومصداق من مصاديق اليقين وعمود الدين، ومن يرفض يرفض ذلك ويتقبله ويتعامل معه كرزية من رزايا الدهر، ومصيبة من مصائب الزمان، فيتأدب فيها مع الله تعالى ويحوقل ويسترجع، من يفعل ذلك بعد ناصبي مغضوب عليه ضال مباح الدم لا حق له في الحياة..!
هذه الصورة بالذات تذكرني بالايمان الكنسي المبني على اساس قبول المسيح مخلص شخصي، وانه فادي الانسانية، ودمه تذكار الفداء وصلبه رمز التضحية، وموته على الصليب كفارة الامم، ومن يتقبل ذلك يتبرر ويدخل شركة الرب في عهد النعمة ويرث ملكوت السماوات وليس بعيدا عن ذلك فكرة (المثراسية) في فارس 400ق.م .. فارس ايران و(كرشنا) في الهند 1000ق.م و(أندرا) في التبت 725ق.م و(أزريس) في مصر 1700ق.م، قارن كل هذه العقائد مع المقولة المنتحلة المكذوبة على لسان سيدي ومولاي ابا عبدالله الحسين قبل مقتله (إن كان قائم دين محمد لا يقوم الا على اجسادنا فيا سيوف خذينا)..واضف إليها قول رضوان الدرويش أن دم الحسين دم إلهي، قارن وانت الحكم.. ثم اجب على السؤال الاكثر احراجا هل لهؤلاء علاقة بالحسين او بجد الحسين محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم..؟!!
من قتل الحسين؟!:
والآن سيدي القاريء هل عرفت الآن من قتل الحسين؟! ومن المستفيد من قتل الحسين؟! من استدعى الحسين بكل خفة وسفه؟! ثم خذله واسلمه لعدوه بل وشارك في ذبحه بكل نزالة؟!! ثم من الذي بكاه بكل وقاحة وادخل العالم كله في بيت عزاء كبير؟!! ومن الذي يستثمر في دم الحسين ويتاجر بمأساته فيرددها ويضخمها..؟!
ويسكب خمرها على العقول ليظل الجميع في غيبوبة فيديرهم كيف يشاء ويضمن ولاءهم له ويسرقهم اموالهم باسم الخمس واعراضهم باسم المتعة، وتبيعتهم العمياء باسم ولاية الفقيه نائب الامام الثاني عشر المسردب الغائب في سرداب سامراء منذ 1300عام، واستغلال الملايين لتمرير مخططاتهم ، وتصفية حساباتهم كل ذلك باسم ثأر الحسين..!! ودم الحسين...؟!! ان لم تعرف الاجابة بعد فأحيلك الى سيدي ومولاي ابا عبدالله الحسين بأبي هو وأمي في تنهيدته الاخيرة ليجيب عليك والمصدر كتاب كشف الغمة للاربلي وهو من المراجع الشيعية..
الاجابة : الزفره الاخيرة للشهيد:
حينما اصطف العسكران الابرار السبعون خلف الحسين والخمسة آلاف خبيث خلف ذي الجوشن، تقدم ريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحسين على جواده الى معسكر اهل الكوفة وخاطبهم الخطاب الاخير (يا اهل الكوفة قبحا لكم وتعسا.. حين استصرختمونا والهين فأتينا موجفين، فشحذتهم علينا سيفا كان في ايماننا، وحششتم علينا نارا نحن اضرمناها على اعدائكم واعدائنا فأصبحتم إلباً على اوليائكم وبداً لاعدائكم... من غير عدل افشوه فيكم ولا ذنب كان منا إليكم.. فلكم الويلات..
هلا اذكرتمونا والسيف ما شيم، والجاش ما طاش، والرأي لم يستحصد، ولكنكم اسرعتم الى بيعتنا اسراع الدنيا، وتهافتم اليها تهافت الفراش ثم انقضتموها سفها، وصلة لطواغيت الامة وبقية الاحزاب ونبذة الكتاب ثم انتم هؤلاء تتخذلون عنا وتقتلونا.. الا لعنة الله على الظالمين)..
ثم حرك فرسه راجعا الى عسكره وسيفه مصلت في يده آياساً متحسراً..
فهل عرفت الاجابة.. ، سيدي القاريء المحترم.. والذي لا يرى من الغربال هو الضرير..يا سادة
السلام على ابن عبدالله الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى الارواح التي ارتقت شهداء مع الحسين.. واحسيناه .. ولعن الله على من قتل الحسين مرتين، بالامس خذلانا وذبحا.. واليوم متاجرة وفسادا..
«إنا لله وإنا إليه راجعون»..
* الباحث في مقارنة الأديان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.