توقع متابعون لملف دارفور ان تأتي القائمة الجديدة التي أشارت اليها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة وأعلنت فيها بأنها تدرس توجيه تهم جديدة الى مسئولين سودانيين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور، توقعوا بان لا يقف سيل مذاكرات التوقيف ما لم تنفذ الحكومة واجباتها القضائية والعدلية وتقوم بعمل كبير وواضح في دارفور يقنع المجتمع الدولي بالاجراءات القضائية والعدلية في بعض التجاوزات التي حدثت في دارفور، واعتبروا في الوقت نفسه ان تنفيذ أوامر التوقيف في حق السابقين واللاحقين سيكون فيه شئ من الاستحالة الآن. وقال د.أحمد المفتي مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان في حديث له مع «الصحافة»، ان على الحكومة اتخاذ اجراءات قضائية وعدلية أكثر فاعلية في أمر التجاوزات التي وقعت في دارفور ومحاكمة كل من ارتكب جريمة وعدم الاهمال والاطالة الذي سيصبح ذريعة للتدخل في شؤون البلاد ويجعل امر الاحالة من مجلس الأمن الدولي الي المحكمة الجنائية الدولية بموجب القرار «1593» مفتوحا لاصدار مذكرات جديدة من المحكمة الجنائية الدولية. وقال مولانا عبد الحميد أحمد أمين رئيس مفوضية العدالة والمصالحة بالسلطة الاقليمية لدارفور في حديث هاتفي مع«الصحافة»، ان العدالة والمصالحات في دارفور تحتاج الي ارادة سياسية قوية من الدولة ودعم قوي من الدولة وأجهزتها العدلية والشرطية والقضائية وجهاز الامن وتعاون مشترك من كل الاطراف الاخري في كل ولايات دارفور لتهيئة المناخ وهذا لم يتحقق حتي الان، مشيرا الى ان مفوضيته حتي الان تمتلك مقرا واحدا في مدينة الفاشر وتمتلك من الآليات سيارتين فقط ورفعت ميزانية عملها مرتين ولكن لم تجد الاستجابة ولم ينفذ منها شئ، مبينا ان المصالحات تحتاج الي عمل كبير والي عملية تدريب وتأهيل الكوادر في كل القطاعات التي تعمل مع المفوضية من أجل اقرار مبادئ العدالة العامة مؤكدا ان العدالة الانتقالية ترتبط بعنصرين أساسيين لرتق النسيج الاجتماعي، وهما الاقرار بالحقوق الي الضحايا والاقرار بمبدأ الحق في المحاسبة والتعويض الي كل الضحايا الذين وقعت في حقهم تجاوزات في دارفور. و وأوضح امين بان وثيقة الدوحة فصلت جميع الآليات والاجراءات القانونية و القضائية والعدلية والتي اذا ما تم تنفيذها فانها كفيلة بان تعالج المشكلة على حد تعبيره. وأشار امين الى أنّ وثيقة الدوحة لسلام دارفور حَوت التزامات واضحة تتعلّق بتحقيق العدالة باعتماد المُصالحات والتسويات للاقرار، وزاد» بدون العمل علي تنفيذها فان مطالب المحكمة الجنائية الدولية لمجلس الامن الدولي باتخاذ اجراءات أكثر فعالية لايقاف متهمين سودانيين ستكون متواصلة. بيد أن مدعي عام جرائم دارفور ياسر أحمد محمد قال في حديث عبر الهاتف مع «الصحافة»، ان مكتبه باشر عمله في دارفور بصورة روتينية وبدأ في التحقيق في كثير من الجرائم التي وقعت في دارفور وتم التحقيق في حوادث عديدة وتم القبض علي كثير من المتهمين والان بعدد من الحراسات في ولايات دارفور ويجري البحث للقبض علي بعض المشتبه بهم، واوضح مدعي عام جرائم دارفور ان العمل لانجاز عمل كبير في العدالة يحتاج الي وقت ويحتاج الي مجهودات كبيرة ، مبينا ان مكاتب المدعي في دارفور تشهد نشاطا مقدرا وان الضحايا أصبحوا يتقدمون الي مكاتبهم بكل حرية ، مشيرا الي ان كثيرا من الجرائم التي وقعت مؤخرا في دارفور يقوم بها متلفتون ومعتادو الاجرام ويهربون بعد ارتكابهم الجرائم ، واقر محمد بان وزار العدل قدمت الي مكتبه كثيرا من وسائل العمل التي تمكنهم من العمل، موضحا ان مكاتب المدعي في دارفور ستقدم في القريب العاجل عددا من المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور للمحاكمة . ولكن مراقبين للوضع في دارفور يرون الوقت مازال مبكرا لتحقيق انجاز يذكر في مسألة العدالة الجنائية والعدالة الانتقالية في دارفور، واتهموا الحكومة السودانية بالتقصير في مسألة تنزيل العدالة مما أصبح من العسير ان تقدم مجرمين للعدالة، مشيرين الى حادثة اختطاف المتهمين من داخل احدي محاكم جرائم دارفور بمدينة نيالا الأسبوع الماضي، وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتوا بنسودة قالت - ان مكتبي سينظر في ما اذا كان من الضروري اجراء تحقيقات واصدار مذكرات توقيف اضافية لمواجهة هذه الجرائم المستمرة وذكّرت بالهجمات على البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «يوناميد» في دارفور ووضع عراقيل أمام تقديم المساعدة الانسانية وعمليات - قصف وهجمات أخرى على المدنيين، وأضافت أن مثل هذه التصرفات - قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة ، مشيرة الى أنها شبيهة بتلك التي نظرت فيها المحكمة بشأن دارفور وأصدرت على اثرها خمس مذكرات توقيف. واعتبرت بنسودة أن وعود ممثلي الحكومة السودانية بالقيام بمبادرات سلام تتناقض مع الأنشطة على الأرض التي تدل على أنهم ما زالوا يعتبرون أن ارتكاب جرائم بحق المدنيين هو حل لمشكلات الحكومة «السودانية» في دارفور. بينما يعتبر المفتي ان أمر الاحالة الى المحكمة منذ البداية كان معيبا شكلا ومضمونا وليس من الناحية القانونية فقط لان القانون يقول ان مجلس الامن لدولي لا يمتلك سلطة الاحالة لدولة لم تكن هي عضو في محكمة أسستها دول بعينها وليست من مؤسسات او هيئات الاممالمتحدة مثل محكمة العدل الدولية وغيرها من المحاكم التي تأسست بواسطة ميثاق الاممالمتحدة. وأضاف»ان المحكمة الجنائية الدولية شأنها شأن اية محكمة تنشئها دول معينة مثل محكمة الكوميسا التي انشأتها دول السوق الافريقية المشتركة وغيرها من المحاكم» ، مبينا ان الاحالة التي تمت بموجب قرار مجلس الأمن 1593مخلة وكان المطلوب من الحكومة ان تطعن في حجية هذا الامر بدلا من ان تصوب بندقيتها في الماء على حد تعبيره. وأشار المفتي الى ان الحكومة اخطأت في تعاملها مع المحكمة الجنائية الدولية من بداية المشكلة في دارفور باتخاذها مواقف غير مبنية علي دفوعات قانونية بالتالي صوبت الحكومة سلاحها في الاتجاه الخطأ، وزاد» ما لم يتم اصلاح هذا الخطأ وتمول مؤسسات العدالة والمصالحات لاقرار العدالة الانتقالية والمصالحات بدارفور لتضطلع بدورها علي الأرض فان السودان سيظل في قفص الاتهام.