باغت الدكتور نافع المراقبين الذين تفاءلوا بحديثه فى برنامج «فى الواجهة» وتصريحاته حول الحوار مع المعارضة، مبدياً استعداد حزبه للمشاركة فى الحوار حول أى برنامج تطرحه المعارضة مشترطاً الموضوعية لهذا الحوار، وكيف انه لم يسخر منها بذات الكيفية التى كان يتبعها فى احاديث سابقة، فقد جاءت احاديث السيد مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع من الشمالية مخيبة للآمال حيث «عادت ريمة لعادتها القديمة»، ولم يفت عليه ان يلحق تلميحاً المعارضة بالجبهة الثورية، منتقداً بشدة تحالف قادة الحركة الشعبية مالك عقار وعبد العزيز الحلو مع الحركات المسلحة فى دارفور، متحدثاً عن أحلامها بالزحف على الخرطوم، ووصف سعيها بالباطل والخبال، ونسي الدكتور فى غمرة حماسه انه هو من تسبب فى كل هذا، وأنه وقع اتفاقاً فى أديس ابابا مع السيد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، ولم يستطع الدفاع عنه ولو بكلمة واحدة، حيث تم الغاء الاتفاق بعد توقيعه بساعات قليلة، وقبل وصول الدكتور نافع ووفده المفاوض راجعاً الى الخرطوم، حدث هذا دون أن يعرف احد الاساس الذى قام عليه الاتفاق ولا الاسباب الى أدت الى الغائه، لذلك يغلب على الطرف الآخر ظنه أنه محق حيال عدم جدية الحكومة فى التوصل إلى حل بدليل الغائها الاتفاق قبل أن يجف حبره، لاسيما أن سمعة الحكومة ليست مشرفة على صعيد الايفاء بالوعود وتنفيذ الاتفاقيات التى توقعها، ابتداءً من اتفاقية الخرطوم للسلام، واتفاقية السلام الشامل، وأبوجا التى جاءت بالسيد منى أركوى مساعداً أولاً لرئيس الجمهورية، ورجعت به ليحمل السلاح مرة اخرى ضد الحكومة.. واتفاق الشرق يواجه مصاعب جمة، بالرغم من وجود السيد موسى محمد أحمد فى القصر، إلا أنه لا ينفك يشكو من عدم تنفيذ اتفاق الشرق وبطء التنفيذ فى مشروعات التنمية تحديداً، كذلك اتفاقية الدوحة هى الاخرى تعانى من بطء التنفيذ لاسيما بند الترتيبات الامنية وصندوق الاعمار، والسيسى وأبو قردة يجأران بالشكوى ويحذران من الاخطار المحدقة بالاتفاق جراء عدم التزام الحكومة بالتنفيذ، أما اتفاقية القاهرة وبالرغم من ادراجها فى الدستور وعليها استحقاقات لم تنفذ إلا أنها أصبحت نسياً منسياً، لدرجة أن حتى أصحابها لا يشتكون من عدم تنفيذها ولا هم يحزنون، والمراقبون والمحللون لطريقة ادارة الحكومة للأزمات يجمعون على ان سجل الحكومة فى تنفيذ ما يتفق عليه يفتقر الى المصداقية، وهى نقطة ضعف الحكومة الكبيرة تجاه خصومها، وإن أعتبرتها من أسباب القوة مرحلياً، فهى ستكون كارثة على الامد البعيد، لاسيما «أن المصائب تجمعن المصابينا»، وأن الوقت لن يطول، وستجد الحكومة أهل الاتفاقيات وقد اجتمعوا على صعيد واحد، فقد عملت الحكومة على تفريق شمل المعارضين ونجحت فى توقيع الاتفاقيات الثنائية، ونجحت أخيراً بجدارة فى تجميع المعارضين من أهل الاتفاقيات غير المنفذة، هذا وإن أرادت الحكومة الحوار فعليها أولاً أن تحسن الخطاب مع المعارضة، وعليها الاعتذار عما سبق من اتهامات بالعمالة والارتزاق والاستعانة بالأجنبى، وعلى الحكومة أن تعد نفسها للحوار بإصدار إعلان مبادئ يلخص كل الاتفاقيات ما نفذ منها وما لم ينفذ، ووضع ذلك على طاولة الحوار، وأن تدعو الجميع «محاربين وغير محاربين» لمؤتمر قومي جامع لإعادة بناء الدولة السودانية وهيكلة نظام الحكم، ووضع دستور دائم يؤسس لمدنية وديمقراطية الدولة على أساس المواطنة والتساوى فى الحقوق والواجبات، وتقسم فيها الثروة والسلطة بعدالة وشفافية، اما التحدى والتحدى المضاد فلن يؤدى الا الى هلاك البلاد والعباد، اما الحديث عن الحفر والخيران فسيجرف الجميع إلى سحيق الهاوية.