من خلال متابعتي للإعلام المقروء وفي صحيفة «الصحافة» العدد «6958» الأحد ديسمبر 2012م، وجدت العنوان: إيلا دكتاتورية أم تخطٍ للبيروقراطية؟ والعنوان وضع في صيغة السؤال والجواب واللبيب بالإشارة يفهم. فالديكتاتورية شيء قبيح وصفة مذمومة ربما تكون لاظهار القوة، ولربما تكون لاخفاء الضعف، أما البيروقراطية فهي بطء وتكاسل في اتخاذ القرار، وهي الفشل في التناسق بين التفكير والارادة والتنفيذ، ولم يكتف الكاتب بهذا بل أراد أن يكون ما كتبه أكثر إثارة ويعظمه بالتقليل من شأن الآخرين، حيث لم يحالفه التوفيق ولا المشهد، بل سرح به الخيال اللئيم من خلال فقرته التي أورد فيها ما يلي: «كان نائب سابق لإيلا قد أشار في حديثه لمقربين إلى انه كان عندما يقوم بأعباء الوالي كل ما يفعله هو احتساء القهوة وقراءة الصحف، وليملك صلاحية التوقيع على أي مستند أو اصدار قرار إلى حين عودة الوالي ويقول سبحانه وتعالى (.... واجتنبوا قول الزور) صدق الله العظيم بداية: من هؤلاء المقربون؟ وكيف عرفت أنهم مقربون؟ يا سبحان الله! هل مكتب الوالي مكان لاحتساء القهوة وقراءة الصحف؟ لقد كنت أدير الولاية من مكتب الوالي بدون أية تحفظات من جانب الوالي. وقد أصدرت القرارات ووقعت على المستندات حسب الصلاحيات الممنوحة لي، وحسب دستور وقانون الولاية. وان الوقت لم يكن يسمح لفوارغ الأمور، حيث كنت أدير وزارة التربية والتعليم والولاية في نفس الوقت، ولفائدة القارئ لقد كنت عضواً في حكومة الوحدة الوطنية ممثلاً للحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وزيراً للتربية والتعليم ووالياً بالإنابة. ومرة أخرى ولفائدة القارئ الكريم والمقربين، ولمزيدٍ من المعرفة عن النائب السابق محتسي القهوة وقارئ الصحف الذي أجلسه الوالي دون صلاحيات لا قلم رصاص ولا ممسحة (استيكة) لمسح توقيعاته وقراراته إن حدثت سهواً، انه عيسى كباشي الذي بدأ حياته عسكرياً، ثم طياراً بالخطوط الجوية السودانية، ثم نقابياً باتحاد الطيارين السودانيين، ثم سياسياً وعضواً في عدة برلمانات ورجل أعمال، ثم رئيساً للاتحاد المحلي لكرة القدم ببورتسودان لمدة خمسة عشر عاماً، ثم أميناً لمال الاتحاد العام السوداني لكرة القدم، وتربوياً وقنصلاً فخرياً للجمهورية التركية بولاية البحر الأحمر (كفاية كده)، والآن عضو بالمجلس الوطني، وصاحب أعلى أصوات في الانتخابات الأخيرة على نطاق السودان (المجلس الوطني). وأقول استغفر الله العظيم.... وقد قال تعالى (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور) صدق الله العظيم. فصلاحيات نائب الوالي لم تكن منحة أو عطية، بل هي حق أصيل وواجب مقنن. إن الاحترام المتبادل بيني وبين الوالي والتفاهم كان إلى درجة المعقول في ادارة الولاية بالطريقة المثلى كل حسب موقعه، هو بوصفه والياً وأنا بوصفي وزيراً ووالياً بالانابة، حيث كانت الأمور تسير سيراً طبيعياً، ويعرف ويشهد على ذلك أعضاء الحكومة وحتى كبار الموظفين. ورغم أن الكاتب استنطقني في ما لم أكن أريد الحديث فيه، ولكني أختم مقالي هذا راجياً أن أكون قد أوضحت لكم الأمر، حتى لا تختلط الأمور رغم كثرتها وأهدافها! إنني أحاول أن أكون إيجابياً في النظر للمستقبل، لذلك لم تكن لي أية رغبة في استغلال مكانتي والياً بالانابة، (وهذا لم يرض من لهم أهداف أو مصالح)، بل كنت التزم الدقة والأمانة تجاه نفسي وفي تنفيذ سياسات الحكومة، ولذلك فأنا شريك في كل ما تم بالولاية إيجاباً أو سلباً، مستفيداً من تجاربي السابقة ومكانتي بين أهلي وعشيرتي، وبعد ذلك ما التوفيق إلا من عند الله والكمال لله وحده. ملحوظة: إن المكاتب ليست المكان المناسب لقراءة الصحف، كما أن احتساء القهوة منشط وحلال. * النائب السابق لوالي البحر الأحمر وعضو المجلس الوطني دائرة هيا الكبرى غرب البحر الأحمر