من المقرر ان يلتقى الرئيس البشير نظيره سلفاكير ميارديت بعد غدٍ الجمعة فى العاصمة الأثيوبية أديس ابابا بدعوة من رئيس الوزراء ديسالين هايلى مريام، لوضع حد لقضايا البلدين العالقة وكسر حاجز الجمود الذى يعطل الاتفاقيات الموقعة بين دولتي السودان والتى ظلت محنطة وحبيسة الادراج طيلة الفترة الماضية تتجاذبها امواج التوتر والمشاحنات بين قادة البلدين ما يؤشر الى بعد المسافة بين المواقف وانعدام الثقة فى ظل الاتهامات المتبادلة بينهما واتهام كل طرف للآخر بانه لايرغب فى سلام حقيقى بتمترسه فى مواقف محددة لايرضى مجرد التنازل عنها لدفع عجلة المفاوضات. وينظر مراقبون الى لقاء رئيسي السودان وجنوب السودان المرتقب الى انه بمثابة وضع النقاط على حروف الاختلاف، والعصا السحرية للقضايا العصية على الحلول والتى ظلت تراوح مكانها منذ انطلاقة المفاوضات فى أديس ابابا بجولاتها المتلاحقة دون الوصول الى نتائج ملموسة بشأن القضايا العالقة بين السودانيين، خاصة وان الجانبين اقتربا من اتفاق بشأن أمن الحدود وهو ما يعد اساسيا لتنفيذ الاتفاق الموقع بشأن رسوم نقل النفط الذى تم التوصل اليه فى الفترة الماضية، وتتويجاً لجهود الحراك الأفريقى لحل مشاكل دولتي السودان ، وآخرها مساعى رئيس الوزراء الأثيوبى ديسالين هايلى ماريام بدعوته كلا من الرئيس عمر البشير ونظيره سلفاكير ميارديت لعقد قمة فى 13 يناير المقبل بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا لبحث سبل تحريك جهود السلام بين السودان وجنوب السودان بالتركيز على برتوكول التعاون المشترك الذى وقع بين البلدين فى أديس أبابا قبل أشهر قليلة ومطلوبات تجاوز العقبات التى حالت دون تنفيذه، حيث وافق الرئيس البشير على قبول الدعوة وعقدها قبل مواعيدها بثمانية ايام فى اشاره فسرها البعض بجدية الرئيسين لحسم قضايا الخلاف بين البلدين، وتأكيداً لهذه الخطوات أعلن « عماد سيد أحمد « السكرتير الصحفي للرئيس البشير مساء امس ، ان البشير وافق بناء على وساطة رئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ميريام ديسالين ، على عقد لقاء الجمعة المقبلة في العاصمة الأثيوبية اديس ابابا ، مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت ، لبحث القضايا العالقة وتنفيذ اتفاقية التعاون بين البلدين ، وتجدر الاشارة الى ان رئيس الوزراء الاثيوبي زار السودان خلال الايام القليلة الماضية ومن ثم توجه الى دولة جنوب السودان وطرح مبادرة وساطة لتجاوز العقبات في تطبيق اتفاق التعاون المشترك وبناء علاقة جوار طيبة بين الجارين المتناحرين . وابدى عدد من المتابعين تفاؤلاً كبيراً بلقاء البشير وسلفاكير لحسم ما عجز عن تحقيقه وفدا التفاوض من البلدين وعقد القمة الرئاسية المرتقبة لتصبح بداية النهاية ل «مسلسل القضايا العالقة» الذى اصبح على «طريقة «المسلسلات التركية» بنهاياتها المتجددة دون الوصول للحلقة الأخيرة. اسئلة ملحة تسبق لقاء البشير وسلفا متعلقة ب «الى اى مدى ستنجح القمة، وهل انعقادها يأتى بمثابة قمة لاكمال جهود وفدي التفاوض ام محاولة لاختراق القضايا العالقة بعد ان عجز ممثلو الحكومتين عن التوصل الى حلول رغم استمرار جولات التفاوض المتلاحقة، وماهى المهددات التى قد تؤدى الى فشل القمة، اذا اخذنا فى الاعتبار تصريحات مقربين من وفد جنوب السودان بأن الهدف الأساسى من القمة هو تليين موقف السودان المتعنت بحسب وصفهم لتسوية النزاعات بشأن الحدود المضطربة، وفى المقابل البحث عن آلية تشمل انسحاب جيش جنوب السودان من الميل 14 على أن يتحدد مصيرها النهائي في وقت لاحق. المحلل السياسى الدكتور صفوت صبحى فانوس لم يبدئ تفاؤلاً كبيراً بشأن قمة «البشير وسلفاكير» بأديس أبابا والتى يفصلنا منها يوم واحد فقط، وقال فانوس ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس، ان التجارب السابقة للقاء الرئيسين لم تؤد الى تجاوز العقبات ولم تنقذ التراجع فى علاقات البلدين، واضاف الا ان لقاء البشير وسلفاكير يعتبر خطوة الى الأمام وربما يحسم احد الملفات العالقة او اثنين منها ويساهم فى خلق مناخ ايجابى للتفاوض وتقريب وجهات النظر فى القضايا الخلافية «أبيى والحدود» وربما التوسط والمساهمة فى حل المشاكل مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وأشار الى ان البعض ينظر الى القمة الرئاسية بين البشير وسلفا على انها العصا السحرية لكافة مشاكل البلدين، وقال لا نتوقع ان تضع حلولا لكل القضايا الخلافية ، ولكن يمكن ان تحسم بعضها فى الوقت الحالى. وأشار فانوس الى ان رئيس الوزراء الأثيوبى الحالى ديسالين هايلى مريام يلعب فى أدوار اقليمية امتداداً لمجهودات الرئيس الراحل ملس زيناوى، الا انه قال ان كل هذه التحركات تتم بدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية الذراع الأقوى فى العالم من خلال حلفائها فى المنطقة، لافتاً الى وجود تحركات أمريكية فى هذا الشأن فيما يتعلق بمشاكل دولتي السودان بدأت تظهر الى السطح، قال انها قديمة وليست بجديدة، وتوقع المحلل السياسى تصاعد الجهود الأمريكية فى الفترة المقبلة خاصة بعد تحرر الرئيس الأمريكى باراك اوباما من القيود التى كانت تكبله فى فترة رئاسته الأولى. المحلل السياسى الدكتور حسن الساعورى يوضح ان اجتماع القمة الرئاسية يتم فى العادة لتتويج جهود وفود التفاوض وانه فى الغالب يأتى بمثابة اعلان التوصل الى حلول مرضية للطرفين . وقال الساعورى ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان القمة المرتقبة بين البشير وسلفاكير بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا تعد مؤشراً جيداً لتسوية النزاع والملفات العالقة بين البلدين، وأشار الى ان اللقاء الرئاسى ينبئ بالتوصل الى حلول فى المسائل الأمنية ووقف العدائيات ودعم الحركات المسلحة، الا انه قال ان العقبة الحقيقية تتمثل فى قضية أبيى ومنطقة الميل 14 ، والتى قال ان دولة جنوب السودان تدرك تبعيتها للشمال وأقحمتها فى نقاط الخلاف لرفع سقف التفاوض.