احتضنت امس قاعة الصداقة بالخرطوم ،مجددا وللمرة الحادية عشر رواد (طبق الخير) وهو احتفال نسوى سنوى ظلت تقيمه مجموعة المبادرات النسوية التى تأسست فى العام 1997 .يهدف الاحتفال بالاساس الى استقطاب الدعم الانسانى لتخفيف معاناة النساء اللاتى قد يصبن بداء سرطان الثدى وعنق الرحم فى مختلف انحاء السودان ، وبتركيز اوسع فى مناطق الانتشار فى ولاية الخرطوم ،نهرالنيل و الشمالية ، وذلك بتقديم خدمات مميزة فى الكشف المبكر عن الداء من خلال المراكز الصحية وعيادات متحركة شارك فى توفيرها ديوان الزكاة ، وبنك التنمية الصناعية،ومؤسسة حجار الخيرية. ظل اهل الخير يتبرعون بسخاء لمشروعات المجموعة مما مكنها من توطين ثقافة الاهتمام بالكشف المبكر لسرطان الثدى من خلال عمل متواصل امتد لاكثر من تسع سنوات ، وقد اصبح الوعى بحقائق تفادى المرض جزءً من حياة المرأة السودانية. كانت النساء المبادرات لتأسيس المشروع فى انسانيته المترعة شريكات فى التجربة السياسية الوطنية من جيل التنوير الوطنى الذى اسس على التطوع والبذل وخدمة الآخر الوطنى،من امثال: - سعاد ابراهيم عيسى - نفيسة احمدالامين- نفيسة المليك- الراحلة ليلى منصوروغيرهن، ولكن بسند وافر من جيل لاحق من النساء المهنيات ممن احترمن تقاليد التطوع الانسانى. هكذا اضحت مجموعة المبادرات النسوية ضمن منظمات المجتمع المدنى ،ولعل من اسباب استمرارية نجاح التجربة ان استعانت المجموعة بخبرات فى مختلف المجالات كلجنة استشارية. تطلعت المجموعة الى مشروع اكبر واكثر خصوصية ،وذلك بالدعوة لاقامة دار الرعاية المتكاملة للمرأة بامدرمان بتكلفة لا تقل عن مئة مليون دولار .يشتمل مشروع الدار على مركز صحى لاكتشاف سرطان الثدى وعنق الرحم،وسكن لنساء خدمن فى الحياة العامة،واصبحن فى حاجة الى مجتمع نسوى رفيع يوفر لهن زمالة معاشية من ذات اجيالهن ،كما تشتمل الدار على صالة رياضية ومكتبة للنساء ،وقاعة كبرى للاجتماعات تستثمر لصالح استمرار الدار ،التى اكتملت نحو من25% من هياكلها ومبانيها . ان احتفال اليوم قد تحضره عناصر جديدة اضافة الى الرواد المؤسسين لطبق الخير ، على ان النداء الموجه اليهم جميعا ان النساء بقدر ما يهبن الحياة والرعاية للآخرين فانهن فى خاتمة المطاف بحاجة الى الرعاية المجتمعية التى قد توفرها المنظمات المدنية ، مثل مجموعات المبادرات ، فلا مناص من الوقوف معها بالدعم معنويا وماديا ، وبالتطلع معها الى حياة اكثراستقرارا للمرأة الانسانة فى كل انحاء بلادنا الطيبة. مبادرة ثانية: فى جو مفعم بالحميمية و بمشاركة رموز السلطة الاقليمية والسلطة الولائية لشمال دارفور ، التقت الفاشر مساء الاثنين آخر ايام العام المنصرم فى رحاب مجموعة التنمية من الواقع الثقافى ، تحتفل بالاستقلال . لعل اهم بنود احتفال المجموعة لهذا العام هو تكريم رموز الاستقلال الوطنى بدارفور وعلى رأسهم الملك المميز رحمة الله محمود ثانى اثنين من الاحياء بدارفور من الذين شاركوا فى برلمان الاستقلال مطلع الخمسينيات ومعه عثمان اسحق آدم من مدينة كتم. ربما لانى كنت حاضرا ومشاركا بدايات تأسيس المجموعة فكريا فى تسعينيات القرن الماضى ،ظللت حاضرا مناسباتها فى صور متعددة ، منها الحكى عبر التلفون ، والاطلاع على المنتج الثقافى للمنتمين للمجموعة ، وقد كان ابهر تلك المساهمات ما ابدعته المجموعة من افكار واشعار واغانى فى دعم العملية السلمية لدارفور ،وما يزال حاضرا فى وجدانى الكلمات البسيطة الرائعة : (سلامنا دا ندورو بسترتو ...........وكل زول يعمل قدر قدرتو). ولعل اكثر العوامل التى جعلتنى جزءً من سياق نشاط المجموعة ،همة الصديق عبد الرحمن محمد احمد عنقال رئيس المجموعة ، واحد اعمدة مجتمع البنوك بمدينة الفاشر ، وقد ادرك مبكرا مع آخرين ان البناء الاقتصادى لن يكتمل تمامه ويزدهر الا بالانطلاق من القاعدة الثقافية للمجتمع ، فى تعدد موارده، وتنوع عاداته وتقاليده ،وشموخ تطلعاته للمستقبل المشترك مع الآخرين. أخبرنى عبدالرحمن ان شعارهم فى المجموعة هو تشجيع مبادرات المبدعين و القادرين على العطاء بامكانات متواضعة وحماس كبير للابداع والعطاء معا. ان تشجيع المجموعة للعطاء جعل الاستقلال مناسبة رائعة هذه المرة فى دارفور. اذ ان اجهزة الاعلام خاصة راديو اف.ام دارفور استطاع ان ينقل الاحتفال حيا الى كل الانحاء ، فضلا عن مساهمات الاجهزة الاخرى بمن فى ذلك قناة الشروق . كان الاحتفال هذا العام بمكونات الوطن والثقافة والرياضة. استمر المعرض فى مقر المجموعة جنوب شرق مستشفى الفاشر لثلاثة ايام ، اشتمل على معرض لصور رواد الاستقلال وزعماء الادارة الاهلية ،ومعرض للمناطق الاثرية والسياحية، ومعرض كتاب ،ومعرض عملات قديمة ونادرة ، ومعرض للفنون التشكيلية والصناعات الثقافية الدارفورية ، ولوحات خاصة بالامثال الشعبية. كما شاركت شركة صينية بتقديم منتجات طبية شعبية للتداوى بالاعشاب. من الذين كرمتهم المجموعة رموز المجتمع الرياضى ، خاصة نادى المريخ لصعوده للدورى الممتاز، وفريق الهلال لتأهله للمنافسة القومية ، وفريق البرج للكرة الطائرة وقد مثل الرياضة السودانية فى لبنان . كما كرمت المجموعة على محمود موسى احد رجال الاعمال المبدعين والذى اسس ( منتجع الاضواء القرمزية ) محاولة استثمارية ناجحة بمقاييس ثقافة اهل الفاشر ، كما تم تكريم الاستاذين من جيل الاداريين الرياضيين الكبار عبد الرحمن زكريا على دينار ،وحسن التاى . اضحت تجارب المجموعة اقوالاً مأثورة ،مثل القول بان ثقافة دارفور هى التى تلهم العملية السلمية وبناء المستقبل التنموى للاقليم وذلك ما اكده الفاتح عبدالعزيز الوالى بالانابة والذى تحدث باسم السلطة الاقليمية والولائية معا، مشيدا ومشجعا وداعما جهود المجموعة باتجاه المستقبل التنموى للاقليم مبادرة ثالثة: بدعوة من فاطمة محمد الحسن ، مؤسسة ورئيسة (جمعية بخيتة الخيرية ) بنيالا ، تناولت مع آخرين من صحفيين ونشطاء مجتمع مدنى ،طعام افطار دارفورى مميز أثناء زيارة للمدينة مؤخرا. فى ذات الصالون الذى تحول الى متحف مقتنيات ثقافية باسم (مندولة) ، ضمنا فى مطلع تسعينيات القرن الماضى ،وقد كانت فترة عصيبة على مجمل مفردات العمل الثقافى ، مجموعة تواصل مستقبلي حول القضايا الثقافية عامة بخصوصية الثراء الثقافى الدارفورى ، وامكانية ايجاد منابر للحديث فيه والتحدث معه ، وكان صمن مقترحات تلك الجلسة ان تعمل المجموعة على تأسيس جمعية ثقافية باسم (منبر افريقيا الثقافى) تخدم قضايا التواصل الثقافى بمنطلق ان دارفور كانت وستظل ضمن منظومة اواسط بلاد السودان القديم من المحيط الاطلنطى غربا الى البحر الاحمر شرقا. ظلت الفكرة فى الفضاء العريض املا ، بيد ان فاطمة تصدت لها عمليا يوم كانت تشغل مديرة مصلحة السياحة بجنوب دارفور.بادرت بتطوير فكرة مندولة من داخل جمعية بخيتة، وتجعل منها متحفا تجمع فيه تراث دارفور وافريقيا من الصناعات الثقافية بالشراء من الاسواق والاهداء ، من داخل السودان وخارجه ، وهى اليوم بصدد اقامة معرض خاص بمندولة ، على قطعة ارض قد تم التصديق بها مؤخرا من قبل وزير الشئون العمرانية بولاية جنوب دارفور. إن الذين دعموا فاطمة فى هذه المبادرة اناس كثر، اما اليوم وقد اصبحت عضوة فى المجلس التشريعى للسلطة الاقليمية بدارفور، فانها لا تملك الا ان تكرس جهدها ووقتها للمساهة فى تأسيس نظم قانونية ادارية مالية لحماية التراث السودانى فى دارفور، ليأتى ذلك تتويجا لمبادراتها فى السياحة والثقافة والعمل الطوعى دعما للاجيال السودانية الصاعدة وهى تبنى وحدة الوطن بالتنوع. مبادرات أخرى: هناك العديد من المبادرات الثقافية التى قد تسهم فى تشكيل مستقبل البلاد، كمبادرة على أكلاب الثقافية( أكلاب يعنى بلغة البداويت الشخص الجسور المتماسك)،ومبادرة آدم على جارا فى مليط، ومبادرة التشكيلى بلية بجبال النوبة ومركز عبدالله الطيب غير المكتمل بمدينة الدامر، ومبادرة ابراهيم اسحق بمركز كليمندو الثقافى ، وغيرها. مع قدرة تلك المبادرات على النمو والاضافة الا ان ترحيب وتشجيع الحكومة الاتحادية بها ليس كافيا، مقرونة مع احداث مؤسفة بوقف مراكز ثقافية دون تحقيق عدلى ، وفى ذلك يطول حديث المهتمين فى كل المستويات.